نشأت ذاكرته البصرية على فيلم وألعاب فيديو وكتب كوميك؛ كانت مصادره البصرية الأولى. بعض تلك الأشياء صمدت أمام الزمن واكتسبت مكانة كلاسيكية ضمن نوعها، لكن الكثير منها كان فنًا دونيًّا بامتياز. لم يبدأ إدراكه للعلاقات بين هذا «الفن الأدنى» والمرجعيات التاريخية للفن الراقي إلا بعد أن أخذ تعليمه بجدية—دراسة في فلورنسا ثم متابعة دراسات عليا في نيويورك—حيث بدأت تظهر له موازِيات دقيقة بين تقاليد الفن الكبير وتأثيرات ثقافة البوب والأنواع الشعبية.
عمل روي في سلسلة «العلامات الأرضية» وما تلاها كان لحظة إعلان فني صارخ؛ قطع مثل «حلم الفولاذ المتفرّق» و«نصنع مدارنا الخاص» لم تكن متقنة تقنياً أكثر من أعماله السابقة فحسب—بتراكيب متوازنة وببراعة في توجيه عين المتلقّي—بل خرجت أيضاً من بوتقة ذاكرته البصرية لتؤسس لإقليم جمالي غريب خاص بها: استدعاء طقوس قِيمية مماثلة، لكن بصيغة تصويرية فائقة التصنيع للمشهد الطبيعي. أعماله اقترحت كيف أن التقدّم التقني وتصاعد البُنى التحتية الحضرية يعيدان تشكيل سطح الأرض ويعيدان رسم الخرائط الذهنية للإنسان. العمل صار أكثر ذهنيّة، أكثر وجودية؛ كانت هذه سِفرية خيالية مابعد-ميتافيزيقية.
خلال مساره، ظل روي متمكناً بشكل استثنائي من المصالحة بين التاريخ الأوروبي للفن والسينما الأمريكية. في بيان الفنان لمعرضه الفردي سنة 2014 في كوبنهاغن، «أنا الجديد قديم بالفعل»، يشرح روي اهتمامه بكيف أن التأثيرات السينمائية والأنواع، من الفانتازيا إلى الخيال العلمي وما بعد-النووي، حملت قصصاً ورغبات لاستكشاف الحالة الإنسانية شبيهة—إن لم تكن مطابقة—لما تعالجَه الفنون الرفيعة في الغرب على مدى قرون وربما آلاف السنين. ومع ذلك، يمثّل هذا المعرض استمرارية تحول مهم بدأ معه رسم صور شبه-ذاتية عرضها منذ 2011 وظهرت في أعمال 2012 ضمن مشروع «ممهّد الأرض».
قرأتُ في مكان ما أن لوحات فرانثيسكو غويا «العملاق» أثّرت على بعض أعمال روي المتأخّرة، فحاولت سؤاله عن دقّة هذا الاستدعاء. لم تتح لي الفرصة المباشرة—فأسلوب كلامه التوسّعي لا يسبق الأسئلة بقدر ما يجعلها زائدة؛ تجوب إجاباته في فلكٍ إهليليجي حول السؤال، تعالج مواضيع مجاورة ثم تعود إلى المسألة الأصلية. وفي هذا السياق يلمح إلى غويا: «تلك الهيئة العملاقة التي تتكرّر في كل تلك القطع بدأت كاستدعاء لعمل غويا».
«حواسي تخبرني بشيء، والثقافة تخبرني بشيء آخر، والتحقيقات في طبيعة الواقع تخبرني بشيء ثالث.»
يضيف: غويا وظَّف تلك الهيئة العملاقة رمزاً لرعب المجهول والفجوة اللامتناهية التي تبدو وراء الأفق. كانت تلك اللوحات من صنع فنان شهِد عنفاً كبيراً واضطرابات سياسية واجتماعية—بما في ذلك الغزو الفرنسي لإسبانيا. أخطر ما قد نتصوره آنذاك كان سلطة متحكمة تجتاز المشهد وتُقلب حياة الضعفاء. رغبتي كانت أن أُعيد تأويل تلك الهيئة العملاقة لتعبّر عن مجموعة قلقات معاصرة: إدراجي لتلك الشخصية الضخمة الديستوبية لم يكن بداية رمزاً لرعب المجهول أو للاضطراب العنيف فقط، بل كان أكثر تعبيراً عن عجز المحاولات للتوفيق بين العالم الذي نبنيه والعالم الذي ندمره. ربما أفضل قراءة لهذا التبني لغويا هي مقارنة «العملاق» الأصلي بقرينه المنهك؛ الأول يعرض قدرة مغيرة للهيبة، تهديداً لا يلين، والثاني اضطراباً داخلياً عميقاً—وجهه مشوّه بخياله، عقله ينهار تحت وزن قدرته الشاملة.
يفتن روي بهذا التناقض المعاصر: لدى البشر قدرة هائلة على إعادة تشكيل العالم عبر التقدّم التقني، لكن هل هذه العبقرية والابتكار تحوّلنا أيضًا إلى عميان أمام نتائج ذلك التدمير الخلاق؟
أعمال من «أنا الجديد قديم بالفعل» مثل «المرعى» و«نطاق لكل الاتجاهات» تملك جاذبية جمالية فورية—الموضوعات مصوَّرة بألوان حادّة ونابضة، وحيوية عضوية تكاد تكون بدائية. لكن الغموض الفلسفي يكمن في أعماقها: رجال يحملون أشكالاً كثيرة الأوجه، صدور بلا ملامح، ووجوه من شظايا المرايا. يعلّق روي أن الشكل الهندسي الخارج من رأس شخصية «المرعى» هو أمبليتوهيدرون، بنية متعددة الأبعاد تُستخدم في فيزياء الكم. بسبب (أو بفعل) فيض الحواس اليومي، لم نعد قادرين على الوصول إلى عالم موضوعي غير مفلتر بتقدّم التكنولوجيا والعلوم والإيديولوجيات التي تُنشئ نفسها حول تلك التقدّمات. كما يقول روي: «هناك طريقة لقطع وصول الشخصيات إلى العالم—بالنسبة لي كان ذلك نقطة التحول؛ إنها قناع فلا ترى الوجوه، والأهم أن أيّاً من الشخصيات لا تستطيع أن ترى خارجاً».
المسألة أعقد من ذلك. في هذه المرحلة من مسيرته، يفتن روي بالطبيعة المجزأة للإدراك—حدوده وشهواته. «هناك العالم الذي تُقدِّمه حواسي لي، ثم هناك تلك التوقّعات حول ما تحتويه الصورة الميتافيزيقية الأكبر كما عُرضت عليك أثناء نموّك… ثم هناك العالم الموجود فعلاً، وهذه الثلاثة أحياناً تتقاطع لكن في كثير من الأحيان لا علاقة بينها.» كانت سلسلة اللوحات المعنونة «الذات الجديدة قديمة بالفعل» محاولة استبطانية للصلح مع واقعٍ يتصدّره تضارب الحواس، وتناقض الثقافة، وتباين التحقيقات في طبيعة الوجود. الإدراك، وعلم النفس العصبي، ونظرية المعرفة تُشير كلٌّ إلى رواية مختلفة عن العالم، وهذا التنافر أصبح موضوعًا للحوار الذاتي في أعماله. وعلى الرغم من البُعد الواضح بين هذه السمات الفكرية وبين أيام الاستلهام من أفلام الصيف التجارية وبريق السينما الأمريكية الكيتشي، فإن روي وأعماله يقنعان بأن التمايز بين النخبوي والشعبي، والعلم والفن، والإدراك والواقع ليس نهائيًا؛ كلّها يمكن أن تلتقي عند نقطة مشتركة—إذا ما نجحت في العثور عليها—وهو ما تسعى لوحاته إلى الكشف عنه عبر لغة بصرية دقيقة.
تتعمّق أعماله الأخيرة في دراسة الإدراك، لكنها أيضًا تبدو كمسعى نحو نظرية موحّدة تجمع بين العلم والفن وحقائق الكمّ. مثال ذلك لوحة «ديموكريتس بعد جيوردانو»، التي تستحضر الفيلسوف اليوناني القديم المرتبط بنظرية الذرات، والفنان الذي رسم له بورتريهًا مشهورًا في القرن السابع عشر. في هذه القطعة، رأس ديموكريتس الهولوجرافي يُقصد به ما يسمّيه روي «كائنًا خارج المكان واللزّمن» — شيء يتجاوز أطر المكان والززمن، وهو مادّة ملائمة تمامًا لعمل يضع وجود شخصٍ بعد مضي ألفي عام على رحيله. قد يبدُ ذلك محيّراً، لكنه مناسب تمامًا لفنان مُفتون بهدم الححدود الظاهرة أو، في بعض الحالات، بالنظر مباشرًا عبرها.
نُشرت هذه المقالة أولًا كعنوان غلاف في العدد 37 من مجلة Hi‑Fructose، والنسخ المطبوعة قد نفدت منذ فترة. إذا أعجبكم ما نقدّمه وتودّون متابعة المزيد من إصداراتنا المطبوعة، فاشتراككم يعيدنا إلى رفوف المكتبات. شكراً لكم!