حوّلني السجن إلى شخصٍ شديدِ الحذرِ

يتحدث بوريس بيكر بصراحة عن تجربته في السجن في مذكراته الجديدة «Inside»، التي صدرت في ألمانيا في أغسطس ومن المقرر أن تُنشر باللغة الإنجليزية في وقت لاحق من الشهر.

في عام 2022 سُجِن نجم التنس السابق 231 يومًا في بريطانيا بتهم متعلقة بالإفلاس.

تحدث بيكر لوكالة dpa بمناسبة إطلاق الكتاب.

dpa: هل تعلمت شيئًا من تجربتك في السجن؟
بيكر: نعم، الكثير. قضيت وقتًا طويلاً في التأمل ومراجعة الأسباب التي أوصلتني إلى السجن، والأخطاء التي ارتكبتها ومتى بدأت الأمور تتدهور. لقد مرّ عامان ونصف منذ الإفراج عني وترحيلي الى ألمانيا، ومنذ أبريل 2023 أعيش مع زوجتي في إيطاليا. نستطيع أن نكون فخورين إلى حد ما بالطريقة التي أعَدنا بها بناء حياتنا.

dpa: هل ثمة دروس محددة تذكرها يوميًا؟
بيكر: أصبحت حذرًا جدًا من الناس؛ تضررت ثقتي بالآخرين. كنت شخصًا منفتحًا أمنح الجميع فرصة، لكن ذلك لم يعد الحال. الآن دائرة أصدقائي ضيقة ومحترمة، ولا أهوى التفاخر بها أو الحديث عنها كثيرًا.

dpa: كيف تميز الأشخاص المفيدين لك؟
بيكر: على كل واحد أن يراجع محيطه ويكتشف من هو المناسب ومن ليس كذلك؛ من ظل إلى جانبه ومن غادر. كثيرون استداروا عني في أسوأ أوقاتي، وهذا أمر يمكن تقبله. لكن أغلبهم بدأ يطرق أبوابي من جديد، محاولين أن يلعبوا دورًا في حياتي—وهذا ما ألاحظه الآن.

dpa: من هو بوريس بيكر بعد السجن؟
بيكر: اعتدت أن أسترجع صفاتي كلاعب تنس: ما ميزني، ما كانت نقاط قوتي وضعفي. ذهبت ذهنيًا إلى الفترة التي كنت أؤدي فيها على نحو جيد وكانت حياتي مرتبة. أحاول استعادة ذلك التوازن.

dpa: ما مدى قرب الخط الفاصل بين أن يحطمك السجن أو أن يعيدك إلى قوتك السابقة؟
بيكر: هناك مقولة مفادها أن السجن إن طال بك فلن يتركك أبدًا؛ فالعقلية السجنية تترك أثرها على النفس. السجن عقاب مؤلم وقد يكون خطيرًا. السجون الإنجليزية أسوأ ربما من الألمانية. رغم أن 231 يومًا كانت طويلة للغاية بالنسبة لي، فهي قصيرة مقارنةً بعقوبات السجناء طويلين الأمد، ويمكن التعافي بوجود الأسرة والأصدقاء الجيدين. لا أظن أن فترة سجني قد أضرت بي.

يقرأ  كوريا الشمالية تُخبر بي بي سي أن مواطنيها يُرسَلون إلى روسيا للعمل «كعبيد»

dpa: قبل السجن كان لديك تصور عن السجن من الأفلام. كيف تغير هذا التصور الآن؟
بيكر: أنظر إلى أفلام السجون بعين مختلفة. ما لا تُظهره الأفلام عادةً لأنّه ممل جدًا هو طول الوقت الذي تقضيه وحيدًا في زنزانتك. هذه الوحدة هي الأسوأ في السجن؛ ليس العمل أو التعامل مع نزلاء آخرين، بل الانفراد الطويل في الغرفة. هذا الجانب الوحشي نادرًا ما يظهر في السينما.

dpa: وكيف تعاملت مع وجود مجرمين من درجات وخلفيات مختلفة داخل السجن؟
بيكر: المدهش أن لا فرق عمليًا—مجرم مالي بجانب قاتل، والقاتل بجانب مُتحرش، والمتحرش بجانب تاجر مخدرات. لا تُميّز أنظمة السجون بين الجرائم، وهذا ما أدهشني وأخافني في آن واحد.

dpa: وهل تلاشت تلك الصدمة مع الوقت؟
بيكر: مثل أي أمر آخر، نعتاد عليه حتى في أسوأ الظروف. عليك أن تتوقف عن إصدار الأحكام؛ كلنا نتحمل نفس الوحدة، ونأكل نفس الطعام، ونعامل بطرق متقاربة. يجب أن تتخلى سريعًا عن شعور “أنا أفضل منك” لأنك لست القاضي هناك.

dpa: كنت دائمًا في دائرة الضوء، والناس حكموا عليك. كتبت أن ألمانيا تلهت بمشاكلك. هل شعرت بذلك فقط خلال أزمتك المالية؟
بيكر: أنا شخصية عامة منذ 7 يوليو 1985—سواء رغبت في ذلك أم لا. الغرباء يحكمون عليّ مهما كانوا يجهلونني. أنا محبوب من بعض الناس وغير محبوب من آخرين، وأحيانًا لنفس الأسباب. تعلمت أنه لا يمكن إرضاء الجميع، فأعيش حياتي. خارج ألمانيا تُفهم قصتي بطرق مختلفة ولا تُفسر بنفس هذا السوء.

dpa: هل تتخيل العودة للعيش في ألمانيا؟
بيكر: إجابة قصيرة: لا. ذلك مرتبط برغبتي في حياة خاصة وبحاجتي ألا أقرأ عن نفسي كل أسبوع—سواء خيرًا أو شرًا، فلا أريد ذلك. أعتقد أننا اتخذنا قرارًا موفقًا باختيار إيطاليا.

يقرأ  فابيو حارس البرازيل يحطّم الرقم القياسي العالمي لشيلتون في عدد المبارياتأخبار كرة القدم

المحاور (dpa): ما هو الوضع القانوني؟ هل تستطيع العودة إلى انجلترا وإلى ويمبلدون؟

بيكر: أودّ العودة إلى ويمبلدون بشدة. الفوز هناك غيّر مجرى حياتي جذريًا وأصبح جزءًا من هويتي. نحن على تواصل دائم مع وزارة الداخلية ووزارة العدل ونعمل معًا لإيجاد سبل تسمح لي بالعودة قريبًا، لكن لا أستطيع تحديد موعد لذلك الآن.

المحاور (dpa): في كتابك تتحدّث عن وضعك المالي الصعب حتى بعد فترة السجن — بعد عامين ونصف، كيف تصف وضعك الحالي؟ هل وصلت إلى المكان الذي تطمح إليه؟

بيكر: لم أعد معسراً منذ 27 أبريل 2024. أنا منخرط في سوق العمل وأعمل بجد لكسب رزقي؛ لم أرث شيئًا ولم يُمنح لي شيء. مع ذلك لا أشتكي: وضعي المالي تحسّن قليلًا الآن، وزوجتي وأنا نبني ممتلكاتنا معًا خطوة بخطوة.

المحاور (dpa): أمامك الآن مهمة جديدة: ستصبح أبًا مرة أخرى. هل اشتريت ملابس للمولود؟

بيكر: بخلاف الماضي أحاول الحفاظ على خصوصية حياتي الشخصية، لذلك لا أُفصح عن كل شيء للعلن. لكن كأب لأربعة أطفال وقريبًا خمسة، لدي خبرة واسعة في التعامل مع الأطفال الرضع.

المحاور (dpa): هل تلتقط مضرب التنس من حين لآخر؟

بيكر: نعم، أفعل ذلك. زوجتي تُحب اللعب — الأمر أصعب الآن قليلًا لكنها تستمتع وترغب في اللعب مع زوجها، وهذا شيء أتفهّمه. أطفالي الأكبر سنًا كانوا مؤخرًا في ميلانو وأرادوا أن يلعبوا التنس مع والدهم، فاستجبت. هناك استثناءات أخرج فيها مضربي مجددًا.

المحاور (dpa): وما مدى مستواك الآن؟

بيكر: أعتقد أنني ما زلت أستطيع أن أغلِبك. أعتقد أنني قد أغلِب حتى كل من في الغرفة.

نبذة عن الشخص: بوريس بيكر واحد من أشهر الألمان على مستوى العالم. في عام 1985، وهو في السابعة عشرة من عمره فقط، فاز ببطولة ويمبلدون للتنس. حقق بعد ذلك نجاحاتٍ عديدة وفاز بمجموع ست بطولات كبرى (غراند سلام). بعد إنهاء مسيرته كلاعب محترف استمر في الظهور العام. في أبريل 2022 أدانته محكمة في لندن لعدم اقرار الأصول بشكل صحيح في إجراءات الإفلاس، وقضى 231 يومًا في السجن.

يقرأ  الأمم المتحدة تؤيّد الدفع نحو حلّ الدولتين لإسرائيل وفلسطين أخبار الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ

أضف تعليق