الشرطة تعتقل محامٍ وتباشر تحقيقاً في وزارة ومكتب ماي جولان

تركّز التجقيق على شبهات تفيد تورّط موظفين في الوزارة وأفراد من خارجها في الحصول على منافع مالية عن طريق الخداع.

داهمت صباح يوم الاثنين مراكز عمل ماي جولان النيابية في القدس، الوزيرة المكلفة بالمساواة الاجتماعية وتعزيز مكانة المرأة، شرطة إسرائيل ضمن تحقيق في قضايا احتيال، وسوء استخدام أموال عامة، وتوظيفات وهمية في الوزارة ومكتبها — كل ذلك على حساب دافع الضرائب.

كما نفّذت وحدة الاحتيال في لواء لاهف 433 مداهمات لمكتب أحد مستشاري جولان في يفنه، حيث عُثر على مختبر لإنتاج مخدرات. كما تم استدعاء محامٍ كان سابقاً من مستشاريها للتحقيق. وقد تحدد انعقاد جلسة استماع بعد ظهر يوم الاثنين.

في يوليو صدر توجيه من النائب العام أميت أيسمان والمدعي العام غالي بهاراف-ميارا بأن تستجوب الشرطة جولان تحت طائلة التهديد، بعد فتح تحقيق جنائي في ممارسات مهنية داخل مكتبها والوزارة.

كل ذلك جاء بعد تقرير صحفي تحقيقي أجرته قناة 12 في يناير، كشف عن ادعاءات جسيمة بسوء إدارة الأموال وتأمين وظائف بالمحسوبية من قبل الوزيرة، ما دفع إلى فتح تحقيق سري للشرطة تحول إلى شأن علني يوم الاثنين.

بدأت جولان مسيرتها السياسية كناشطة اجتماعية في جنوب تل أبيب، وجعلت من قضية آلاف اللاجئين في الحي أولوياتها، إذ تحوّل الحي إلى بؤرة للجريمة وتجارة المخدّرات كانت السلطات تجد صعوبة في اختراقها.

تأسست منظمة غير حكومية باسم HaIr HaIvrit («المدينة العبرية») مكرّسة لهذا الملف. بدأت التبرعات تتدفق، لكن ذلك لم يتحول بالضرورة إلى تقدم ملموس على الأرض.

كعضو في مجلس إدارة المنظمة، يُزعم أن جولان تلقت راتباً كاملاً من الجمعية بمبالغ تصل إلى آلاف الشواقل، وهو أمر محظور أثناء شغلها لمنصب عام. قال أحد المقربين منها لقناة 12 حين انتخابها كنائبة في أبريل 2019 عن حزب الليكود بعمر 34 عاماً إن الانتقال إلى الكنيست يمنعها من أي أنشطة متعلقة بالجمعية، «لكن هناك أمور فعلتها لا يمكنها التملص منها». وأظهرت المستندات المضبووطة لقناة 12 تداخلاً واسعاً بين موظفي HaIr HaIvrit وموظفي مكتبها وفي الحكومة.

يقرأ  ماذا في الأفق للنفط بعد تحركات أوبك+ وتصريحات ترامب؟الأعمال والاقتصاد

بعد نحو عامين، حين تشكلت الائتلاف الحالي عام 2022، أصبحت جولان وزيرة. وذكر المصدر نفسه في حينه أن لهجتها الحادة في جلسات الكنيست كانت تُمارَس أيضاً تجاه موظفيها.

بحسب التقرير الاستقصائي، استُخدمت أموال وموارد المكتب في أنشطة لا تدخل ضمن مسؤولياتها الرسمية، مثل توصيل والدتها ريمونا، وشراء ساندويتش شاورما لها، وإجراء مهمات شخصية للوزيرة وتقديم هدايا لأصدقائها.

أوضح التقرير أيضاً أن العديد من المستشارين غادروا المكتب لكنهم واجهوا عقبات قانونية تتعلق بالعقود التي وقعوا عليها، بينما روى من بقي أنهم تلقوا طلبات في أوقات غريبة، وأن اهتمام جولان الأساسي كان تمثيلها الإعلامي.

سألت منظمة الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل (MQG) عن جدول أعمالها، بعد غيابها المتكرر عن اجتماعات الحكومة الصباحية على الرغم من انتظام عملها مساءً وفي ساعات متأخرة من الليل.

جدّية الاتهامات

أوضحت MQG يوم الاثنين أن التطورات في الملف تشير إلى جدية الاتهامات. وقالت المنظمة إنه «لا يمكن السماح لوزيرة أن تستمر في منصبها مع توجيه مثل هذه الاتهامات الخطيرة بسوء استخدام الأموال العامة». ودعت المنظمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إقالتها فوراً، مؤكدة أن التحقيق يجب أن يجري «دون تدخل سياسي».

وقعت حادثة بارزة خلال ولاية جولان كرئيسة لمجموعة الصداقة البرلمانية بين إسرائيل وتايوان في الكنيست، وهي مجموعة ثنائية تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين. في 2023 نظمت جولان جولة في جنوب تل أبيب لأعضاء من سفارة تايوان، ووفقاً للتقرير قدّمت إنجازات مزعومة حول قضية اللاجئين في الحي. تلقت السفارة طلب تبرع من HaIr HaIvrit بمبلغ مبدئي قدره 78,000 دولار خُفّض لاحقاً إلى 20,000 دولار.

تم تحويل المال وأُقيمت مراسم احتفالية؛ إلا أنه لم يتضح إلى أين ذهبت الأموال، إذ لم تقدم HaIr HaIvrit تقارير مالية عن السنوات الثلاث الماضية، كما لفتت قناة 12 إلى ذلك.

يقرأ  سُجِّلَت حادثة إطلاق نار في المناطق الحدودية المحاذية لقطاع غزة

عند نشر التقرير الاستقصائي في يناير، نفّت جولان كل الاتهامات، وكذلك فعل معظم الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في التقرير.

تدور الاتهامات حول أن مستشاريها المقربين وطويلو الأمد استغلوا مواقعهم السياسية لترتيب وظائف وهمية لأفراد عائلاتهم.

من بين هؤلاء، حسب قناة 12، المحامي إيهود جباي، الذي عمل فترات في فرع بريد إسرائيل في بيتح تكفا، ثم قرر دراسة القانون وفتح مكتب صغير في أشدود. في 2019 صار مستشاراً برلمانياً لجولان. وكان أيضاً عضواً في مجلس إدارة HaIr HaIvrit وقدّم لها استشارات قانونية. ووفقا للتقرير، خصصت عشرات الآلاف من الشواقل خلال العام الماضي لإعداد دعاوى قضائية، لكن لم يُسجل علناً أي من القضايا التي تابعها نيابة عنها. ويُزعم أن أجر جباي تضّمّن أموالاً من ميزانية الكنيست ومن أموال جمعيتها.

امتد هذا الترتيب أيضاً إلى زوجته، إنبال، التي كانت سكرتيرة في بلدية أشدود لسنوات ثم تركت لتفتح مشروعاً لتمليس شعر الكلاب. ووجد التحقيق أنه بينما كانت تدير مشروعها الخاص، كانت مدرجة لشهور كموظفة في مكتب جولان — وبذلك تتلقى راتباً حكومياً. نفى الزوجان جباي الاتهامات.

وأشار التقرير إلى صديق آخر لجولان، نتانئيل حي يوسف، الذي عمل كمستشار سياسي لها وتلقى ربع مليون شاقل مقابل استشارات إعلامية. وبحسب التقرير، أمّن حي يوسف وظيفة لنوعام أهروني، ابنة شريك له؛ بعد انتهاء خدمتها الوطنية وعند بلوغها 21 عاماً سُجلت كموظفة في وزارة المساواة الاجتماعية وتلقّت راتباً، لكن موظفين آخرين أخبروا قناة 12 أنها لم تظهر في المكتب وطلبت مبكراً العمل من المنزل.

وجد المحقّقون مثالاً آخر في روي ستيرن، أحد مالكي شركة الستِرْن-فيرسّانو للعقارات. وكشف التقرير عن ضغوط مارستها جولان على وزيرة المواصلات ميري ريجيف لدفع مصالح ستيرن الشخصية مع شركة NTA — نظام النقل الحضري، وهي شركة مرخّصة حكومياً.

يقرأ  هجوم ليلي على كييف يودي بحياة ثلاثة أشخاص بينهم طفل

اكتشف الصحفيون أن مرافقة ستيرن، ميراف ستيرن، خضعت لتغيير مهني كبير بعد أسابيع قليلة فقط من تبرعها لـHaIr HaIvrit؛ فقد انتقلت من العمل كمستشارة للمشاريع الصغيرة لتصبح المديرة العامة المؤقتة لمكتب جولان — رغم افتقارها الكامل لخبرة في القطاع العام.

نفت عائلة ستيرن أي صلة بالادعاءات.

وتشير قناة 12 إلى أن هذه العلاقات الوثيقة بين جولان وهؤلاء الأشخاص لم تُفصح عنها علناً، لا سيما ما يتعلق بـHaIr HaIvrit.

في حينه نصح النائب العام المساعد جيل ليمون بإنهاء تعيين ميراف، لكن مفوّض الخدمة المدنية دانيال هيرشكوفيتش أقرّ التعيين ثلاث مرات متتالية، حتى أنه رأى أن الروابط الشخصية بين جولان وستيرن لا تستوجب الإفصاح القانوني.

أضف تعليق