بقلم تيري هيك
حضرت مؤخراً عرضاً لفيلم وثائقي عن وينديل بيري في متحف “سبيد” للفنون في لويسفيل. ذهبت مع درو بيركنز لمشاهدة ما كان يدعى آنذاك «ذا سير»، والآن عنوانه «لوك آند سي» — على ما أظن، ربما بسبب تردد بيري في أن يُجعل محور الفيلم. بالنسبة لي، كان أكثر ما أثّر فيّ هو المشهد الافتتاحي الذي يقرأ فيه بيري بصوته العذب قصيدته «الهدف» على مونتاج بصري مدهش يحاول أن يعكس بعض الأفكار الكبرى في الأبيات والمقاطع.
تغيير العنوان منطقي؛ فالفيلم في جوهره أقل تركيزاً على شخصية بيري وأعماله، وأكثر اهتماماً بواقع الزراعة الحديثة—محاور أساسية في فكر بيري، لكنها تظهر هنا بنفس الطريقة التي كانت تظهر فيها الديار والمزارع في شعر روبرت فروست: مرئية، لكنها أقوى بوصفها رموزاً لألِغوريات أوسع، لا كغايات تحمل المعنى النهائي.
أي قارئ لنصيّ يعرف مقدار التأثير الذي تركه بيري في كتاباتي، كمعلم، وكأب. في عام 2012 صغت نموذج مدرسة مستلهم من فكره أطلقت عليه اسم «المدرسة من الداخل إلى الخارج»، وتبادلت معه رسائل، وكنت محظوظاً بلقائه العام الماضي.
الفيلم متاح للشراء، ومع أنني أرى أنه أخفق في تأطير بيري لجمهور أوسع، فهو نادر في منح نافذة إلى رجل خاص للغاية، ولذلك أوصي به بشدّة لعشّاق بيري. مشكلة المزج بين الاستهلاك (إعلانات، بيع دي في دي، بيع كتب) لم تغب عن ذهني هنا، لكني آمل أن يغلب مضمون الرسالة وطريقة توزيعها كل سخرية جوهرية عند احتساب كل أجزاء المسألة معاً. ثمة مقطع من القصيدة غائب، على ما يبدو، عن التعليق الصوتي؛ أدرجته في النقل أسفله.
المصدر: من «A Timbered Choir: The Sabbath Poems» (1979–1997)، نشر Counterpoint Press، 1998.
الهدف
بقلم وينديل بيري
حتى حين حلمت، صليت أن ما رأيت كان مجرد خوف لا نبوءة،
لأنني رأيت آخر منظر طبيعي معروف يُدمَّر من أجل الهدف—التربة تُجرف، والصخور تُنفَجَر.
أولئك الذين أرادوا العودة إلى منازلهم لن يصلوا إليها بعد الآن.
زرت المكاتب حيث من أجل الهدف،
خطط المخططون على مكاتب فارغة مصطفة في صفوف.
زرت المصانع الصاخبة حيث تُصنَع الآلات
التي ستدفع دوماً إلى الأمام باتجاه الهدف.
رأيت الغابة وقد اختزلت إلى جذوع وأخاديد؛
رأيت النهر المسموم—الجبل المقذوف إلى الواد؛
جئت إلى المدينة التي لم يتعرّف عليها أحد لأنها بدت مثل كل مدينة أخرى.
رأيت الممرات التي شُحِذت بأقدام لا تُحصى لأولئك
الذين كانت أعينهم ثابتة على الهدف.
مرّهم طمَس القبور والتماثيل
لمن ماتوا في طلب الهدف
والذين نُسوا منذ زمن بعيد،
وفق القاعدة الحتمية أن من نَسُوا ينسون أنهم نَسُوا.
أصبح الرجال والنساء والأطفال الآن يطاردون الهدف كما لو أن أحداً لم يطاردْه من قبل.
السباقات والأجناس اختلطت الآن تماماً في مطاردة الهدف.
المستعبدون سابقاً، والمضطهدون سابقاً،
صاروا الآن أحراراً ليبيعوا أنفسهم لأعلى عارض
وليدخلوا السجون الأعلى أجراً في سعيهم نحو الهدف،
الذي كان تدمير جميع الأعداء،
الذي كان تدمير كل العقبات،
الذي كان تمهيد الطريق للنصر،
الذي كان تمهيد الطريق للترقية،
لخلاص مزعوم،
للتقدّم،
لإتمام البيع،
لتوقيع العقد،
الذي كان تمهيد الطريق لتحقيق الذات، ولخلق الذات،
ومن لم يريد العودة إلى بيته أبداً لن يعود الآن،
لأن كل مكان تذكّر قد تم استبداله؛
كل محبة لم تُحب،
كل عهد لم يَحلف،
كل كلمة لم تُقصَد،
لإفساح المجال لعبور حشد الأفراد،
المستقلين، الفاعلين بأنفسهم، المشردين بعيونهم المتعددة
المنفتحة نحو الهدف الذي لم يروه بعد في الأفق البعيد،
ولم يعرفوا قط إلى أين هم ذاهبون،
ولم يعرفوا قط من أين أتوا.
من «A Timbered Choir: The Sabbath Poems» 1979–1997، وينديل بيري، Counterpoint، 1998.
«الهدف» كما قرأه وينديل بيري