حذّرت وزيرة الاقتصاد الألمانية كاثيرينا رايخه يوم الاثنين من ضرورة تغيير مسار خروج البلاد من الوقود الأحفوري، مؤكِّدة أن النجاح في التحوّل إلى الطاقه المتجددة مشروط بخفض التكاليف وجعل الانتقال أكثر جدوى اقتصادية.
قالت رايخه في برلين أثناء تقديمها تقريرًا يراقب التقدّم نحو الحياد الكربوني إن تحوّل ألمانيا الطاقي يمرّ بمنعطف حاسم.
وأشارت إلى أن ألمانيا التزمت بالحياد المناخي بحلول 2045، وأنه للحفاظ على مسارها مطلوب أن ترتكز الجهود على موثوقية الإمداد، وأمن التوريد، وقابلية التحمل المالي، والفعالية من حيث التكلفة.
وشدّدت على أن منظومة الإمداد الطاقي يجب أن تكون فعّالة بما يكفي كي لا تُثقل كاهل الصناعة والمستهلكين والدولة بتكاليف الانتقال.
ورغم تأكيدها التزامها بالأهداف القانونية لتوسيع مصادر الطاقة المتجددة من الرياح والشمس، قالت رايخه إن التوسّع يجب أن يُدار بصورة أفضل، معلنةً عن نيات لمراجعة الدعم المالي والتشجيعات.
التقرير أشار إلى أن توسيع مصادر الطاقة المتجددة «على المسار الصحيح».
بناءً على استنتاجات التقرير، تخطّط الوزيرة لتنفيذ عشر «إجراءات رئيسية»، من بينها خفض الدعم بشكل منهجي، مع سعيها لتمرير تشريعات قبل نهاية العام.
ومع استمرار تشجيع الطاقات المتجددة عمومًا، يخطط أن يُلغى سعر ثابت لكهرباء الشمس الناتجة من منشآت جديدة والمورَّدة إلى الشبكة، كمثال على التغييرات المقترحة.
وأُعدّ التقرير، الذي كُلِّفَت به وزارة رايخه، بواسطة شركة الاستشارات BET ومعهد اقتصاد الطاقة بجامعة كولونيا لقياس الطلب المتوقع على الكهرباء، وتوسيع الطاقات المتجددة وشبكات الكهرباء.
وحدّد التقرير أيضًا مجالات محتملة لتحقيق مزيد من الكفاءة في التكاليف، ومن المتوقع أن يحدد منهج السياسة الطاقية تحت الحكومة المحافظة التي تولت الحكم في مايو.
قال ألكسندر كوكس، المدير التنفيذي لـBET: «حاولنا توضيح أننا على المسار الصحيح من حيث أهداف التوسّع، لكن حاولنا أيضًا أن نبيّن أننا فقدنا قليلاً من الانتباه تجاه التكاليف.»
رايخه دعت إلى تركيز سياسة الطاقة على مسألة التكاليف وأمن الإمداد في ضوء تباطؤ الاقتصاد الألماني.
وزيرها السابق روبرت هابيك، الذي شغل المنصب في الحكومة الوسطية-اليسارية السابقة، كان قد روّج بقوة لتوسيع مصادر الطاقة المتجددة، لا سيما الرياح والطاقة الشمسية.
إلا أن التدخّلات المتزايدة أصبحت ضرورية لمنع تحميل الشبكة بأعباء تفوق طاقتها بينما تتعثّر جهود توسيع البُنى التحتية—إجراءات مكلفة رفعت رسوماً شبكية بدورها ما أدى إلى زيادة أسعار الكهرباء على المستهلكين.
قالت رايخه إن أسعار الطاقة الحالية تُثقل على الاقتصاد، وأعلنت عن نية ضبط أوسع وأحكم لتوسيع مصادر الطاقة المتجددة.
توقُّعات بانخفاض الاستهلاك
وفق التقرير، من المتوقع أن يصل استهلاك الكهرباء بين 600 و700 تيراوات ساعة بحلول عام 2030، في حين يبلغ الاستهلاك الحالي نحو 510 تيراوات ساعة، بحسب تصريحات رايخه.
وأضافت الوزيرة أنها تتوقع أن يكون الاستهلاك الفعلي أقرب إلى الحدّ الأدنى من هذا النطاق، إذ يأخذ القطاع الصناعي الألماني وقتًا ليفكّ اعتماده على الغاز والفحم والنفط.
كانت رايخه قد صرّحت سابقًا بأنها ترى أن تقديرات الاستهلاك التي أعدتها الإدارة السابقة كانت مبالَغًا فيها.
وبالنظر إلى الاستهلاك الحالي وأخذًا بالاعتبار تعديل الطلب خلال السنوات المقبلة، ترى رايخه أن ألمانيا لا تزال في المسار لتحقيق نحو 80% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030.
وفي النصف الأول من 2025، أنتجت الطاقات المتجددة نحو 54% من الكهرباء.
محطات غازية كاحتياط
من بين مقترحات الوزيرة المثيرة للجدل خطط لبناء محطات كهرباء تعمل بالغاز.
وترى رايخه أن هذه المحطات ستكون ضرورية لضمان الإمداد في فترات تعجز فيها المتجددة عن تلبية الطلب مع استمرار ألمانيا في تقليل اعتمادها على الفحم.
وبموجب الخطط، ستقدّم الحكومة مليارات كدعم لبناء هذه المحطات، وأكّدت رايخه أن أولى المناقصات ستُطلق قبل نهاية العام.
منظمات بيئية مثل غرينبيس اتهمت الوزيرة بالالتصاق بالوقود الأحفوري وإبطاء وتيرة توسيع الطاقات المتجددة.
وأشار مايكل كيلنر، خبير سياسة الطاقة في حزب الخضر المعارض، إلى أنه كلما توسّعت المتجددة أكثر، قلّت الحاجة لمحطات الغاز المكلفة.
ومن جهتها وصفت مؤسسة Agora Energiewende قرار رايخه بتريّث التوسّع في الطاقات المتجددة بأنه «قاصر النظر» و«مكلّف»، وأنه يبعث بإشارة خاطئة للاقتصاد، لا سيما أنه يستند إلى توقعات استهلاك لعام 2030 أدنى من تقديرات الحكومة السابقة.