الفحم يمكّنني من أن أرى أفكاري تتجلّى فور ولادتها في ذهني…
«أشعر أن السبب الذي يدفعني دائماً للتمحور حول هذه الوسائط هو أن حدة مباشرة الفحم تتيح لي رؤية أفكاري تنبض بالحياة فور أن تتكون»، تقول بارك. «أحياناً أرسم سكاچات أولية قبل الشروع في العمل، لكن غالباً ما أفضل أن أبدأ الرسم فور أن يكون المفهوم عالقاً في ذهني. يمكن للفحم أن ينتج طيفاً واسعاً من الدرجات اللونية ضمن الإيقاع الذي أفضله في العمل. وبما أنه وسط بسيط وصريح بطبيعته، فهو يتحداني لاختبار حدود ما يمكن أن يقدّمه بصرياً».
في بدايات اشتغالها على مشهد ما، تحافظ الفنانة على لغة بصرية «فضفاضة وحركية في البداية كي لا تفقد الإحساس بالحركة طوال القطعة». وعلى خلاف سابقاتها في القرن السابع عشر، يوفر الويب اليوم خزينة لا تتوقف من المراجع البصرية التي تستقي منها لاحقاً تفاصيلها. تجد نفسها تغوص في صور مخزنة وميمات «رخيصة» و«فظيعة» في رحلاتها داخل متاهات الانترنت. وهذه اللمسات الصغيرة هي ما يمنح أعمالها إحساساً معاصرًا وعالميًا في آن واحد. «أجد أمراً طريفاً في كيف أن البحث عن عبارات بريئة على الإنترنت يقودك إلى محتوى لا نهائي، أحياناً غير متوقع ومرعب»، تضيف. «أختار وأنتقي جوانب من صور مختلفة تعجبني وأدمجها بتخيلي».
نمّ هذا الجهد الفني الخاص خلال عامين تقريباً من مسيرة الفنانة الجامعية. بدأت الدراسات بفترة في معهد برات بنيويورك عام 2015، ثم انتقلت الفنانة إلى مدرستها الحالية وفي هذا الصيف إلى لايبزغ لإقامة فنية. (تبقى لها بعد ذلك سنة واحدة في اكاديمية نيويورك للفنون). وخلال تلك السنوات تراكمت الجوائز: منحة ستيرلنغ عن الفنون البصرية في ولاية يوتا، وجائزة تقديرية من مؤسسة، وجائزة الطالب المتميز في الرسم. وكانت إشارة دعم عبر وسائل التواصل الاجتماعي من كاوز أحدث تجليات الاعتراف من peers. وظهرت أعمالها أيضاً في معارض جماعية مثل «نساء في الفضاءات: الماضي/الحاضر» في FIX Collaborative و«مرسومون معاً مجدداً» في مؤسسة فلاج آرت. كل ذلك يشير إلى أن رسوم بارك المزدحمة تحمل وزناً لدى الجمهور الذي يلتقي بأعمالها.
لكن ما تستكشفه الفنانة في مشاهد حفلاتها يتجاوز مجرد حياتنا الأكثر انفتاحاً؛ إنها أيضاً استكشافات انطوائية، نظرات تُظهر كيف نتحول داخل خلفيات حياتنا المتعددة. «في أي موقف نُوضع فيه، يميل الناس إلى التحول إلى نسخ مختلفة من أنفسهم»، كتبت. «سواء كان ذلك انسجاماً مع المحيط من حولنا، أو نتيجة تأثير بيئتنا علينا بطرق لاواعية، فذلك هو أسلوبنا في التكيّف. لقد تنقلت كثيرا خلال طفولتي، وكنت أقوم بتعديلات دائمة لتتلاءم مع البيئات الجديدة التي قُدمت لي. وما لم أنتبه إليه آنذاك هو أن الأماكن التي أسكنها كانت تتغير فحسب، بل أن منظوري وتصوّراتي للحياة كانت تتبدّل أيضاً».
نُشر هذا المقال أولاً في العدد 52 من مجلة Hi‑Fructose، والذي نفد الآن. احصلوا على أحدث أعدادنا وادعموا تغطيتنا المستقلة للفنون بالاشتراك في Hi‑Fructose.