أنغام اللوحات — سيرج تانكيان

رسومات سيرج تنكيان التجريدية تتكوّن من طبقات معقّدة وألوان محدودة تُثير شعوراً عميقاً بالحنين يصعب الإمساك به بالكلمات. لكنها تنبض بالحياة بطرق غير متوقعة حين تُصْحب بمقطوعات موسيقية ألّفها بنفسه خصيصاً لكل عمل.

«أرى الموسيقى والفن البصري امتدادين لنفس الروح؛ حين أرسم فأنا أؤلف، وحين أؤلف فأنا أرسم»، هكذا عبّر تانكيان في بيانٍ شاركه مع وسائل الإعلام، مؤكداً أن كلًّا منهما يغذي الآخر بطرق لا تستطيع اللغة وحدها أن تجسّدها.

الفكرة الكاملة لربط اللوحات بمقاطع موسيقية مؤلَّفة جاءت مشروعاً طالما راودته: أن يزور المرء معرضاً، يضع سماعات، ويستمع إلى قطعة موسيقية مُناغِمة مع المشهد البصري، تماماً كما يحدث في الأفلام.

في متحف الأرمن في أمريكا بووترتاون بولاية ماساتشوستس، يستطيع زوار المعرض الاطلاع على رؤية المغنّي الحاصل على جائزة غرامي ومؤسس فرقة System of a Down في معرض جديد بعنوان «فن الإخلال: فن وتأثير سيرج تانكيان»، الذي افتتح هذا الشهر ويستمر حتى شهر فبراير. يضم المعرض مجموعة من لوحات تانكيان التجريدية الأصلية مع مقاطعها الموسيقية المرافقة، بالإضافة إلى تركيبات فيديو وقصائد ومقتنيات ذات صلة.

يمكن للزائرين أيضاً تحميل تطبيق Arloopa — الذي طوّره تانكيان بالشراكة مع مصمم أرمني — توجيه هواتفهم نحو اللوحات، والاستماع إلى ترتيبات أوركسترالية تجمع بين لوحات المفاتيح والقيثارات والكمان التي ألفها لكل عمل. تتفاوت المقاطع بين دقيقة واحدة و24 دقيقة، لكن معظمها يقترب من طول أغنية البوب العادية؛ إنها تجربه سمعية وبصريةٍ متكاملة.

«المتاحف عادةً ما تكون هادئة إذا لم يكن هناك حدث، لكن حين تستخدم هذه المقاطع التي ألفها، لا يعود المشهد صامتاً»، قال جايسون صويقيان، مدير المتحف التنفيذي، مشدداً على أن الجمهور يعيش تجربة سمعية وبصرية في آنٍ واحد.

يقرأ  ماكس كارتر يُعيَّن رئيسًا لفنون القرنين العشرين والحادي والعشرين في كريستيز لمنطقة الأمريكتين

دامت لدى تانكيان فكرة إقران التراكيب الموسيقية باللوحات لسنوات. خطر له أن يؤلف موسيقى للوحات فنانين آخرين، لكن المتعة الأكبر جاءت عند مطابقة موسيقاه مع أعماله الخاصة. «في يوم ما قلت لنفسي: لديّ هذه التوليفة الموسيقية وأريد أن أرسم. كيف أجعل الأمر يعمل؟» وأضاف أنه شعر بالاطمئنان عندما أحب لوحته الأولى وإلا لما واصل الطريق.

لطالما عرض المتحف أعمال فنّانين معاصرين يعيدون تفسير تجربة الشتات الأرمني وتداعيات الإبادة الجماعية التي ما زالت تُلقي بظلالها على الحاضر.

التقى نجم الروك المولود في غلينديل بالمتحف بعد أن شاهد عرضاً لأعمال جاك كيفوركيان قبل أربع سنوات، حين كان يعمل على مشروع في كامبريدج. وسرعان ما بدأ حوار مع صويقيان حول أعماله وذاكرته التي صدرت حديثاً بعنوان Down with the System (2024).

«بدأ سيرج بالرسم، وصدر أيضاً مذكراته التي تناول فيها الكثير من جوانب حياته وتورطه مع الموسيقى»، قال صويقيان، مشيراً إلى أن تانكيان افتتح معرضاً في لوس أنجلوس لعرض أعماله وقدّم عروضاً في نيوزيلندا أيضاً.

ريان كيسي، الفنانة المقيمة في نيوجيرسي والمنسِّقة للمعرض، قالت إن تانكيان أكّد على التشابك بين شعره وموسيقاه وفنه البصري، وكذلك البُعد التأملي في صناعة كلٍّ من هذه الأشكال الفنية. «نادراً ما تتح لي فرصة تنسيق معرض لفنانين موسيقيين»، أضافت، مشددة على أهمية التاريخ الأرمني لديها وكيف مثّل تحدّياً مثيراً أن ترى شخصاً يعبر عن هذا التاريخ وعن ذاته عبر ثلاث وسائط مختلفة.

قد لا تبدو أعمال تانكيان سياسية بشكل صارخ، لكنها تحمل صدى هادئاً لقضايا الاعتراف بالإبادة، والعدالة البيئية، والهوية الثقافية؛ ويُشير ذلك إلى عناوينٍ مثل «الموسيقى بوابة إلى الحقيقة»، «قضية عرقية»، و«كمانات عنيفة». كما تتناول قصائده صلات واضحة بنشاطه السياسي وسطوراً تعبّر عن الشوق إلى السلام.

يقرأ  بين المكان والزمان — لوحات سردية لأندرو هيمعن المكان والزمان: اللوحات السردية لأندرو هيم

«لا أظن أن أياً منا تراجع عن ذلك النشاط»، قالت كيسي، معربة عن أملها في أن ينظر الزائرون إلى الأعمال من خلال عدسات متعددة.

أضف تعليق