رشدي أبو العوف، مراسل غزة — إسطنبول
أناضول عبر غيتي إيمدجز
تتجه آلاف العائلات صوب الخروج من مدينة غزة بعدما أكدت القوات الإسرائيلية بدء عمليات برية تشكل جزءاً من هجوم واسع النطاق يهدف إلى احتلال المدينة.
لينا المغربي، (32 عاماً) أم لثلاثة من حيّ الشيخ رضوان، أخبرت البي بي سي أنها قاومت مغادرة منزلها رغم المخاطر إلى أن تلقت اتصالاً هاتفياً من ضابط إسرائيلي يأمرها بالإخلاء.
قالت: “اضطُرِت لبيع مصوغاتي لتأمين تكاليف النزوح وخيمة”. “استغرقنا عشر ساعات للوصول إلى خان يونس، ودفعنا 3500 شيكل (حوالي 735 جنيه إسترليني) مقابل الرحلة. كان طابور السيارات والشاحنات لا نهاية له.”
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن “عملية قوية” انطلقت في مدينة غزة التي وصفها بأخر معقل رئيسي لحركة حماس.
حددت القوات الإسرائيلية طريق الكورنيش (شارع الرشيد) كالمسار الوحيد المسموح المدنيين باستخدامه للإخلاء. ووصف كثيرون الازدحام الشديد، وطوابير لا تنتهي من السيارات والشاحنات، وتأخيرات طويلة مع بقاء عائلات على قارعة الطريق بينما تستمر الغارات الجوية فوق رؤوسهم.
نِيفين عماد الدين، (38 عاماً) أم لخمسة، قالت إنها نزحت جنوباً بعد أن ألقت الطائرات الإسرائيلية منشورات إخلاء على حيّها، بينما رفض زوجها مغادرة المنزل.
شرحت: “لم أستطع نقل الأثاث لأنني لم أتمكن من تحمل أجرة شاحنة كبيرة. ترك كل شئ خلفي كان أصعب قرار اتخذته في حياتي.”
قفزت تكاليف النزوح إلى ما هو أبعد من قدرة معظم الأسر. أفاد السكان أن استئجار شاحنة صغيرة بات يكلف نحو 3000 شيكل (حوالي 630 جنيه إسترليني)، في حين تباع خيمة لخمس أشخاص بحوالي 4000 شيكل (حوالي 840 جنيه إسترليني). ومع حرمان معظم العائلات من مصادر الدخل منذ اندلاع الحرب، يضطر بعضهم إلى السير لأميال أو البقاء في منازلهم رغم المخاطر.
خلال الليلة الماضية وحتى صباح الثلاثاء، شنت الطائرات الإسرائيلية موجة غارات مكثفة على أنحاء مدينة غزة، مع تركيز القصف على حيّ الدرج المركزي، ومخيم الشاطئ غرباً، وحيّ الشيخ رضوان شمالاً. ترافق الهجوم قصف مدفعي، ونيران طائرات بدون طيار، ونشاط لطائرات الهليكوبتر الحربية.
قالت قوات الدفاع الإسرائيلية إنها “تتقدم تدريجياً” داخل مدينة غزة كجزء من “المرحلة التالية” من حملتها، وأضافت أن القوى الجوية والبرية ستكون جزءاً من هذه المرحلة مع زيادة أعداد الجنود يوماً بعد يوم.
وصف السكان الغارات الليلية بأنها “جحيم”. غازي العلول، نازح من شمال غزة، قال للبي بي سي إنه ينام الآن عند مدخل مستشفى القدس في تل الهوا جنوب غرب غزة.
قال: “لم أختر هذا. اضطررنا إلى الرحيل بعد أن كنا نختبئ في منزل لعائلتي لما يقرب من شهر بعد الفرار من الشمال”. “القصف كان هائلاً لساعات، والجيش يهدد بهدم عدد من المباني السكنية في المنطقة.”
في الأيام الماضية اضطر البعض إلى النزوح ليلًا على طول الطريق الساحلي. سماع أبو دلال، من حيّ الدرج بوسط غزة، وصف الليلة بأنها “بالغة الصعوبة”.
قال: “تم تسوية أحياء سكنية كاملة فوق قاطنيها، مما أدى إلى وقوع العديد من القتلى والمفقودين والجرحى.” وأضاف أن التقدم الإسرائيلي يسير على ثلاثة محاور، مصحوباً باستخدام سيارات مفخخة، وغارات جوية مكثفة، وقصف مدفعي عنيف، فيما تحوم مروحيات أباتشي فوق أجزاء متفرقة من المدينة وتطلق النار باستمرار.
تصاعد الهجوم الإسرائيلي جاء في وقت أصدرت فيه لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة تقريراً تقول فيه إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة — وهو ما رفضته إسرائيل بشكل قاطع.