عرض القوة البحرية الصينية في المحيط الهادئ: مؤشر لقدرتها على منازعة وصول الولايات المتحدة

كوالالمبور، ماليزيا — عندما شاركت أربع سفن صينية مع قطعات روسية في مناورات بحرية مشتركة في بحر اليابان أوائل هذا الشهر، لم تثر هذه الخطوة اهتمامًا استثنائيًا على مستوى التفاعل العام. غير أن ما استدعى قلق المحللين العسكريين وبعض الحكومات الإقليمية كان إرسال الصين لحاملتي طائرات إلى المحيط الهادئ معًا قبل أسابيع قليلة، في سابقة لها.

يشهد التعاون العسكري بين موسكو وبيكين تعزيزًا متواصلًا في السنوات الأخيرة، في إطار سعي الطرفين لموازنة النفوذ الذي ترى كل منهما أنه يتزعمه النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. ومع ذلك، تبرز عملية الانتشار المتزامن لحاملتي الطائرات شرق الفلبين كلحظة تاريخية تعكس رغبة الصين في تسريع بناء قوة بحرية عالمية تتماشى مع طموح قيادتها للوصول بمقدراتها البحرية إلى مستوى رفيع خلال العقد المقبل.

يرى خبراء بحريون سابقون في القوات الجوية الأميركية أن هذه الحركة ليست مجرد تمرين تدريبي تقليدي، بل إشارة لقدرة بكين على تحدي النفوذ الأميركي وربما منع وصول السفن الحربية الأميركية إلى ممرات بحرية حيوية. وتكمن قوة الصين البحرية اليوم في عدد سفنها، إذ تمتلك أسطولًا من أكثر من 370 قطعة بحرية—أكبر عدد في العالم من حيث الوحدات—لكنها ما زالت تفتقر إلى شبكة لوجستية عالمية متكاملة وتقنيات غواصات نووية متقدمة توازي القدرات المتجذرة لدى اميركا.

حتى الآن تدير الصين حاملتي طائرات عمليتين هما “لياونيغ” و”شاندونغ” بينما تخضع حاملة ثالثة، “فوجيان”، لتجارب بحرية؛ وتعمل حاملات الصين بالديزل على عكس حاملات الولايات المتحدة التي تعتمد كلها على الطاقة النووية. ومع ذلك، تشير التطورات التقنية وسرعة بناء السفن الصينية إلى أن الفجوات القائمة تُضيق تدريجيًا، وأن بكين تستثمر موارد كبيرة لسدّها.

تركيز الصين الأبرز حاليًا ليس منافسة الولايات المتحدة على المسار العالمي الشامل، بل تكمن الأولوية في تثبيت ميزان قوى إقليمي يتيح لها فرض هيمنة معلنة أو قسرية داخل مجال نفوذها المُختار في شرق آسيا. وفي هذا السياق، تمتلك الصين ميزة تشغيلية محلية تُكمل قدراتها البحرية الصغيرة نسبيًا عبر قوى جوية وصاروخية برية بعيدة المدى، تشمل أنظمة يطلق عليها وصف “قادرة على قتل حاملات الطائرات” وتستطيع بلوغ أهداف على مسافات تصل إلى آلاف الكيلومترات.

يقرأ  بعد الاعتقالات الجماعية: ماذا ينتظر حركة «فلسطين أكشن» بعد قرار الحظر؟

على المستوى الإقليمي، تصاعدت حدة الاحتكاكات في البحار العالية بين خفر السواحل الصيني والفلبين، لكن القلق الأكبر يظهر في طوكيو. فقد عبَر اليابانيون مرارًا عن استيائهم من التوسع البحري الصيني، ورأت الحكومة أن في بكين نية لتوسيع قدراتها العملياتية في البحار والمجال الجوي البعيد عن سواحلها. ومع توجه الولايات المتحدة في عهد إدارة جديدة نحو سياسات داخلية وُصفت بأنها أكثر عزوفًا عن التدخل الخارجي، باتت اليابان تُعتبر لاعبًا متصاعدًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ المتوترة، وتستعد لمواجهة بيئة أمنية وصفتها طوكيو بالأشد تعقيدًا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

سبق لليابان، حتى قبل العودة الثانية لترامب إلى الرئاسة الأميركية، أن شرعت في تعديل جذري على إنفاقها الدفاعي بعد الحرب العالمية الثانية: ميزانية دفاعية متزايدة ومشروعات لتعزيز القدرات البحرية والجوية. إذ يُتوقع أن يبلغ الإنفاق الدفاعي وتكاليفه المرتبطة نحو 9.9 تريليون ين للسنة المالية 2025، ما يعادل نحو 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تعهدت طوكيو برفع الإنفاق إلى نحو 2% بحلول 2027. وتفسير بعض المحللين اليابانيين لهذه الخطوة أنها استعداد هادئ لمستقبل أكثر غموضًا، وربما لمرحلة تقل فيها التزامات اميركا في المحيط الهادئ.

يركز صانعو السياسة اليابانيون على مبدأين متوازيين: تعزيز القدرات الوطنية لصون الأمن البحري، وبناء شبكات شراكة إقليمية لاحتواء صعود الصين. ومنذ مطلع العام، نشرت اليابان أسطولين بحريين ضمن جهود رسمية للصون على ما تصفه بسياسة “آسيا والمحيط الهادئ الحرة والمنفتحة”، في محاولة لإرساء توازن أمني إقليمي يردع أي محاولات لاحقة لفرض وقائع أحادية الجانب في بحر الصين الجنوبي ومناطق متنازع عليها أخرى. لم تزودني بأي نص للترجمه.
هل تود إرساله الآن لأعد صياغته بالعربية بمستوى متقدم جداً (C2)؟

يقرأ  التعلّم والتطوير لتمكين التحول الرقميتصميم استراتيجية قابلة للتوسع

أضف تعليق