أحلام استشرافية: منحوتات كاتسيو أيوكي

كاتسويو آوكي لا تستعير الزخارف من فنون تزيينية أخرى من باب التحدي، بل من أجل تعبيرها الشخصي كفنانة تشكيلية.

ومقارنةً بهيرست وكوونز، تبدو أعمال آوكي إلى حدّ ما أنكرونيستيكية ومحرجة قليلاً في زمن اعتاد تبرير كل تفصيل وزخرفة وتعاطف فني مع منظّري الحدّ الأدنى والتفكيك. وأحد الفوارق الجوهرية بين زخرفتها وجماجم هيرست المرصّعة بالألماس أو تماثيل كوونز البورسيلان لمایكل جاكسون، هو ايثارها وغياب السخرية والإحالة إلى الذات التي جعلت تلك الأعمال الأخيرة أيقونية.

في بيانها الفني تعترف بأن أسلوبها والتقاليد الزخرفية التي تستلهمها يبعثان شعوراً بالفتور أحياناً، لكنهما في الوقت نفسه “يجعلاننا نشعر بالهدوء وبنوع من الانبهار الذي يكاد يوصف بالديني”.

ورغم أن أعمالها تكاد تتأرجح على حافة التعليق النقدي على الزخرفة نفسها، إلا أن آوكي لا تؤمن حقاً بسردية الفن عن الفن؛ فهي مبهورة بإمكانات مادتها وغنى تاريخ الفن لدرجة تمنعها من التشاؤم.

عندما أشرت إلى أن بعض الأساليب التي تستلهمها — الروكوكو على وجه الخصوص — يتعرض للنقد بوصفه تافهاً سطحيّاً وخالياً من الروح، حتى وهي توظفه لاستحضار روحانية، ردّت: «في رأيي، أن تُعرّف ذلك بأنه تافه، فاحش وسطحي، فذلك بحد ذاته فهم سطحي للفن الذي يمثل عصرنا».

يتكامل ايثارها مع حرفيتها وتقنيتها: فهي تتقن عدة طرق لمعالجة البورسلان — على الدولاب، التشذيب، البناء، الصبّ وتتبع الطلاء السائل — فتستخرج في النهاية قطعة لا يمكن أن تنتج إلا من فهم خبيرٍ للعملية.

وعند سؤالي لماذا تصرّ على تحدّي الحدود بين الفن التشكيلي والفن الزخرفي والحرفة، أجابت: «في الواقع، اتساءل لماذا لا يزال هناك من يُصرّون على تلك الحواجز، ولا أفهم جدوى التفريق بينها. الزخرفية المقتبسة من الفنون الزخرفية الأخرى في أعمالي ليست للتحدّي، بل لتعبيري الخاص كفنانة تشكيلية».

يقرأ  أعمال كولاج سايكيديلية رائعةلـ مانزل بومان— «تصميم تثق به» — تصميم يومي منذ ٢٠٠٧

لا تستطيع أن تخلق آوكي فنها من دون هذا القدر من العاطفة والحنين؛ فليس سهلاً على السخرية أن تصنع شيئاً جميلاً بهذه الكثافة. فقط الشغف بما تفعل والاقتناع بصوابيته يمكن أن يدفع أحداً إلى الاستثمار بمثل هذا المستوى من العناية في إخراج تماثيل درامية بهذا القدر.

في أعمال آوكي ثمة عودة إلى طرق تفكير أقدم وأقل تجريداً، حيث كانت الصنعة أمراً مفروغاً منه، ولم تكن هناك تلك الحدود المبالغ في التفكير بين المادي والروحي. وتقترح أعمالها أن على عالم الفن أن يتخلّص من تشاؤمه وازدرائه للمثل العليا والميتافيزيقا، وأن يطبق بعض المفاهيم الكلاسيكية على منظوره المحدث، الساخر وغير المؤكد.

«أما بالنسبة لي»، فسّرت آوكي، «فالأساليب الكلاسيكية، فضلاً عن الحرفية، تبدو جديدة وساحرة. حدسياً أشعر أنها تحتوي على عناصر تعبّر جيداً عن عصرنا».

نُشر هذا المقال أولاً في مجلة Hi‑Fructose، العدد 21، وقد نفد نسخته.

أضف تعليق