عينت سوشيلا كاركي، الرئيسة السابقة للمحكمة العليا في نيبال، رئيسةً للوزراء بالوكالة بعد أيام من احتجاجات شبابية دامية. أعلن مكتب الرئيس رامشاندرا باودل عن التعيين يوم الجمعة 12 سبتمبر، وقد أدت اليمين لاحقاً في اليوم نفسه لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في تاريخ البلاد.
قالت كاركي في أول ظهور علني لها يوم الأحد: «لم آتِ إلى هذا المنصب لأنني سعيت إليه، بل لأن الشارع طالب بتكليفي بهذه المسؤولية».
من هي سوشيلا كاركي؟
وُلِدَت كاركي في يونيو 1952 في مدينة بيراتنغر شرقية نيبال، على بعد نحو 400 كيلومتر جنوب كاتماندو. درست في كلية ماهيندرا مورانغ في بيراتنغر ونالت درجة البكالوريوس في الآداب وهي في العشرين من عمرها، ثم تابعت دراستها العليا في الهند حيث حصلت على الماجستير من جامعة بانارس هندو قبل أن تعود إلى نيبال. حصلت على شهادة الحقوق من جامعة تريبهوفان عام 1978، ثم مارست المحاماة ودرّست القانون في حرم ماهيندرا متعدد التخصصات بمدينة دران.
شغلت كاركي منصب أول رئيسة للمحكمة العليا في نيبال عام 2016. وفي مايو 2017 حاولت الحكومة تعليقها بعد أن ألغت المحكمة تحت قيادتها تعيين جيا بهادور تشاند رئيساً للشرطة، واختارت بدلاً منه الضابط الأعلى رتبة نواراج سيلوال. وصفت الأمم المتحدة لاحقاً مساعي العزل بأنها «ذات دوافع سياسية»، وتقاعدت كاركي في يونيو 2017.
ماذا حدث في نيبال؟
خرج شباب كاتماندو ومدن أخرى إلى الشوارع في 8 سبتمبر احتجاجاً على الفساد السياسي، مع تزايد الغضب تجاه ما عُرِف بـ«أطفال النفوذ» أو “nepo kids” الذين يعرضون أساليب حياتهم الباذخة على الإنترنت. قبل أيام من الاحتجاجات، حظرت الحكومة أكثر من عشرين موقعاً للتواصل الاجتماعي لعدم امتثالها لمطالب السلطات.
في اليوم الأول اخترق بعض المتظاهرين الحواجز البوليسية ودخلوا مجمع البرلمان، فأدى القمع العنيف من قِبَل قوات الأمن إلى سقوط عشرات القتلى، وتصاعدت التوترات. في اليوم التالي تحدى المتظاهرون حظر التجول وأحرقوا مبان حكومية من بينها مبنى البرلمان، كما أفرجوا عن آلاف السجناء، وتم إجلاء وزراء بقاذفات مروحية لحمايتهم. ارتفع عدد القتلى إلى نحو 51 شخصاً بحسب متحدث باسم الشرطة في 12 سبتمبر.
ردّاً على ذلك، قدّم رئيس الوزراء السابق كيه بي شارما أُولي استقالته يوم الثلاثاء 9 سبتمبر (كان قد انتُخب رئيساً للوزراء للمرة الرابعة في العام السابق)، واستقال عدد من الوزراء أيضاً. نُشِرت قوات الجيش في وقت متأخر من 9 سبتمبر لمحاولة استعادة النظام، وبدأت الأوضاع بالهدوء تدريجياً مع إعادة فتح المدارس واستئناف الأعمال.
نظّم تحالف احتجاجي يُعرف باسم «هامي نيبال» عملية تصويت عبر تطبيق الديسكورد في أواخر الأسبوع الماضي لاختيار رئيس وزراء مؤقت، وشارك في التصويت نحو 10 آلاف نيبالي من داخل البلاد ومن الشتات. بعد ساعات من النقاش اختار المشاركون سوشيلا كاركي.
أعلن الرئيس باودل تعيين كاركي في 12 سبتمبر، وأعلن أيضاً حلّ البرلمان المكوّن من 275 مقعداً، وتحديد موعد انتخابات مبكرة في 5 مارس 2026، أي أقرب بنحو عامين عن الموعد المقرر سابقاً.
لماذا كاركي؟
على الرغم من الفجوة الجيلية التي عبّر عنها المحتجون، وقع اختيارهم على سيدة تجاوزت السبعين لأنّها اعتُبرت موثوقة وذات سمعةٍ طيبة في النزاهة. قال أنيش غيمري، صحفي في كاثماندو بوست، إن الشبان بحثوا في سجلها المهني ووجدوا أنها رفضت طلبات امتيازات و«خدمات» طُلبت منها من بعض الوزراء في مناسبات سابقة. وأضاف: «ربما بعد ستة أشهر نرى وجهًا جديدًا وربما أصغر سناً» في إشارة إلى الانتخابات المقررة في مارس.
أشار أيضاً يوج راج لاميخاني، أستاذ مساعد بكلية الأعمال في جامعة بوكهارا، إلى أن سمعَتها كمحكمة أولى وأن تصريحاتها السابقة جعلت منها رمزاً للمقاومة ضد الفساد، ما جعل جيل زد يتبناها قيادياً للحكومة الانتقالية.
ماذا فعلت رئيسة الوزراء كاركي حتى الآن؟
قالت كاركي: «علينا أن نعمل وفق تفكير جيل زد»، واعترفت بمطالب الشباب بإنهاء الفساد وتحقيق حوكمة رشيدة ومزيد من العدالة الاقتصادية. وعدت بأن حكومتها لن تبقى في السلطة أكثر من ستة أشهر، وأنها ستُتمّ المسؤوليات وتُسَلِّم السلطة إلى البرلمان والوزراء المقبلين.
في أولى التغييرات الإدارية، سمّيت ثلاث وزراء جدد وهم: أوم براكاش أريال وزير الداخلية، راميشوار براساد خانال وزير المالية، وكولمان غيسينغ وزير الطاقة. كما تواجه الحكومة الانتقالية صعوبات في سن تشريعات جديدة بسبب حلّ البرلمان.
ما التالي في نيبال؟
تبقى المخاوف قائمة لدى ناشطي جيل زد بشأن غياب برنامج واضح وملموس لمكافحة الفساد حتى الآن، بحسب لاميخاني. المطلوب من الحكومة المؤقتة ضمان إجراء الانتخابات في موعدها والتعامل مع تحدي إعادة الإعمار ومعالجة تداعيات العنف والحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة.