زيارة ترامب الرسمية الثانية إلى المملكة المتحدة مصحوبة بمظاهر البذخ الملكي واحتجاجات

ستفرش المملكة المتحدة السجادة الحمراء الملكية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته الرسمية الثانية، في مشهد احتفالي استثنائي سيجري بأكمله خلف أبواب مغلقة، بعيداً عن ساحات الاحتجاج المتوقع تنظيمها في لندن.

سيستضيف الملك تشارلز الثالث ترامب في قلعة وندسور يوم الأربعاء، على أن تُجرى محادثات تجارية في اليوم التالي مع رئيس الوزراء كير ستارمر في منتجع تشيكرز الريفي.

تتزامن زيارة ترامب مع مفاوضات تجارية حاسمة بين الولاات المتحدة وعدد من شركائها التجاريين الرئيسيين، بما في ذلك المملكة المتحدة. وخلال إقامته يعتزم الجانبان الإعلان عن عدة صفقات في مجالي التكنولوجيا والطاقة النووية المدنية، مع أمل بريطاني في إتمام تفاهم بشأن رسوم المعادن.

إذا كان هدف السلطات البريطانية أن يشعر ترامب بترحيب خاص، فقد بدا ذلك واضحاً عند وصوله بطائرة هليكوبتر إلى مقر إقامة السفير الأمريكي الرسمي في لندن ليلة الثلاثاء برفقة السيدة الأولى ميلانيا ترامب. قال ترامب إن «الكثير من الأمور هنا تدفئ قلبي»، مشيراً إلى جذور عائلته الاسكتلندية وملكية له لدورتين غولف في بريطانيا، ومطلقاً على تشارلز، البالغ 76 عاماً ويتلقى علاجاً من السرطان، وصفة «صديقي».

هذه الزيارة الرسمية «غير المسبوقة» وفق مراسلة الجزيرة ميلينا فيسيلينوفيتش من قلعة وندسور، على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب وسط لندن. وتقول المراسلة إن الحكومة البريطانية تراهن على أن بريق وفخامة الزيارة، واحتكاك ترامب بالعائلة المالكة وطقوس الاحتفال، قد يضعه في مزاج جيد يجعل منه أكثر قابلية للتنازل عند تفاوضه بشأن التجارة وربما أكثر ميلاً للاستماع إلى ستارمر في بعض ملفات السياسة الخارجية.

سيبدأ يوم الرئيس باستقبال ولي العهد الأمير وليام وزوجته كاثرين لترامب وزوجته في قلعة وندسور، مقر العائلة الملكية منذ قرون. ثم ينضم إليهما الملك تشارلز والملكة كاميلا لمسيرة عربة عبر أراضي القلعة — مرة أخرى خلف أبواب مغلقة. سيضع ترامب كذلك إكليلاً على قبر الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت عام 2022.

يقرأ  عندما يتحوّل أحد أقدس أماكن العالم إلى منتجع سياحي عملاق

وسيشهد ترامب مراسم لفرقة موسيقية عسكرية، تختتم بتحليق مشترك لطائرات إف35 أمريكية وبريطانية وعرض فريق سحب الطائرات الملكي «ريد آروزز». هذه هي أول مرّة يتحلق فيها مقاتلات أمريكية وبريطانية معاً في حدث من هذا النوع، كما ستشهد الزيارة أكبر حرس تكريم على مستوى دولة يضم 120 حصاناً و1300 جندي.

سيختم الرئيس والملك اليوم بعشاء رسمي مرتديين رداء البدلة البيضاء حيث سيلقيان كلمات. لاقد تَحيط بالزيارة ظروف سياسية حسّاسة للقيادات في البلدين؛ فستارمر يواجه ضغوطاً محلية بعد إقالته لسفير بريطانيا في واشنطن، بيتر مانديليسون، على خلفية جدل مستمر يرتبط بعلاقة الدبلوماسي بمجرم مدان، جيفري إبستين، الذي توفي في السجن عام 2019.

جرّ المتاهة الإعلامية ترامب أيضاً، ما أثار قاعدته من أنصاره رغم إصراره على أن الأمر «خدعة». ومن ثم تقف حفاوة الاستقبال الملكي المتباهية على النقيض من الرأي العام البريطاني، إذ تُظهر استطلاعات الرأي استياء واسعاً من شخصيته.

تجمع عشرات المحتجين من «تحالف إيقاف ترامب» أمام قلعة وندسور الثلاثاء للاعتراض على الزيارة، واعتُقل أربعة أشخاص بتهمة الاتصالات الخبيثة بعد أن عَرَضوا صوراً لترامب وإبستين على جدران القلعة القديمة، بحسب شرطة منطقة تيمز فالي. ومن المتوقع تنظيم مظاهرات كبيرة أيضاً في لندن يوم الأربعاء.

في مقال رأي نشرته صحيفة الغارديان قبل الزيارة، اتهم عمدة لندن المسلم صادق خان، الذي سبق أن تعرض لشخصنة واهانات متكررة من ترامب، الأخير بأنه «أشعل نيران السياسة اليمينية المتطرفة والتفرقة حول العالم في السنوات الأخيرة أكثر من أي شخص آخر». ومع اعتراف خان بضرورة الحفاظ على علاقات عملية قوية مع الولايات المتحدة، شدد على أن بريطانيا لا يجب أن تخشى توجيه النقد لترامب، لأن «العلاقة الخاصة» بين البلدين تتطلب الصراحة والصدق، وفي بعض الأحيان أن تكون صديقاً ناقداً وأن تنطق بالحق أمام السلطة.

يقرأ  ما أسباب أسوأ موجة كوليرا في السودان منذ سنوات؟ — الصحة

كما تصادمت مواقف خان وترامب علناً أثناء الزيارة الرسمية الأولى لترامب عام 2019. ويشير التقرير إلى أن ترامب علناً أيد واعتبر نايجل فراج، زعيم حزب «ريفورم» المعادي للهجرة، صديقاً، وأن سياسات فراج المتعلقة بالهجرة «تستلهم أو على الأقل تُقارب برامج ترحيل ترامب في الولايات المتحدة»، بحسب فيسيلينوفيتش.

الهدف الرئيسي للمملكة المتحدة من هذه الزيارة هو السعي للحصول على شروط تجارية أفضل في إطار اتفاقية بريطانيا — الولايات المتحدة القائمة، لكن يبدو أن ذلك قد لا يتحقق لصالح ستارمر خلال هذه الزيارة، حسب نقاد ذكروا أن الدعوة غير المسبوقة لزيارة دولة ثانية ربما قدّمت في وقت مبكر جداً بدل أن تُستعمل كورقة مساومة للحصول على معاملة أكثر ميزة.

من المقرر أن يناقش ستارمر أيضاً قضايا خارجية مع ترامب يوم الخميس. حاول ستارمر استخدام نفوذه للحفاظ على دعم أمريكي لأوكرانيا بجهود محدودة النتائج؛ فرغم استضافة ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا الشهر الماضي وتعبيره عن امتعاضه من بوتين، لم يُفعّل ترامب تهديداته بفرض عقوبات جديدة على روسيا لرفضها مفاوضات سلام.

وتظهر اختلافات واضحة بين موقف ستارمر وموقف ترامب إزاء حرب إسرائيل في قطاع غزة، إذ أعلنت لندن أنها ستعترف رسمياً بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة في وقت لاحق من الشهر، وهو إعلان «تعرض لانتقادات واسعة من الإدارة الأمريكية»، بحسب فيسيلينوفيتش. يرجى تزويديي بالنص الذي تود إعادة صياغته وترجمته

أضف تعليق