أربعة مشاريع بنية تحتية محورية في إيطاليا تُعيد رسم خارطة السفر الأوروبية

من ميلانو — يبدأ العمال يوم الخميس حفر و تفجير النفق الأول الذي يربط النمسا بإيطاليا تحت ممر برينر في جبال الألب، في خطوةٍ تُعدّ علامة فارقة ضمن سلسلة مشاريع طموحة تمولها الاتحاد الأوروبي بهدف تسريع رحلات القطارات للركاب بين المراكز الحضرية وتحويل الشحنات من الطرق إلى السكك الحديدية.

نفق قاعدة برينر، الذي يُعلن عنه كأطول نفق سكة حديدية تحت الأرض في العالم عند الانتهاء، يدخل ضمن أربعة مشاريع بنية تحتية رئيسية قادرة على إعادة تشكيل طرق السفر وشبكات النقل في ايطاليا بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحالي.

ستُخفض الأنفاق وقت السفر بين فيرونا وميونيخ بنحو 40% ليصبح نحو ثلاث ساعات، وبين ميلان وباريس بنحو 30% على الأقل ليصل إلى نحو أربع ساعات ونصف، كما ستقرب مدينة جنوة الساحلية من العاصمة المالية والأزياء في إيطاليا لمسافات يمكن التنقل بينها يومياً—مما يعيد رسم خريطة التنقل الأوروبية بشكل ملموس.

أجرأ المشاريع وأكثرها إثارة للجدل، جسر مضيق مسينة الذي وافق عليه حديثاً، سيربط أخيراً اليابسة الإيطالية بسِقِيلية — مشروع طالما راوده الرومان القدماء وتأخّر على مدى عقود بسبب تعقيدات معاصرة.

تمثل هذه الأنفاق والجسر أول ترقية كبيرة لشبكة السكك الحديدية الإيطالية منذ تدشين خط روما–ميلان فائق السرعة عام 2008، الذي خفّض زمن الرحلة بين المركزين المالي والسياسي لروما وميلان بصورة دراماتيكية وأدّى إلى تراجع كبير في الرحلات الجوية بين المدينتين. يمكن الآن قطع المسافة بينهما في ثلاث ساعات تقريباً.

وتهدف المشاريع الحالية أيضاً إلى تقليص حركة الشاحنات على الطرق السريعة — مع أثر متوقع كبير عند ممر برينر الذي تعبره أكثر من 2.5 مليون شاحنة سنوياً، ما يجعله أحد أكثر الممرات الألبية ازدحاماً وروابطٍ شمال-جنوب حيوية لنقل مكوّنات السيارات والآلات الصغيرة نحو الشمال. ويسعى نفق قاعدة برينر إلى تحويل ما يصل إلى نصف حركة الشاحنات الثقيلة إلى السكك الحديدية.

يقرأ  تعجز العائلات الأوكرانية عن الوصول إلى رفات أحبائها القتلى

في الوقت نفسه، تعمل إيطاليا على نحو أربعين مشروعاً استراتيجياً آخر ضمن شبكتها الحديدية، تمول كثيراً منها 25 مليار يورو من أموال تعافٍ أوروبية بعد جائحة كورونا، ومنها خط فائق السرعة يربط نابولي بباري في كعب الحذاء الإيطالي.

إيجاز المشاريع الأربعة الكبرى:

نفق قاعدة برينر
نفق قاعدة برينر سيكون أطول نفق سكة حديدية تحت الأرض بطول 55 كيلومتراً بين تولفِس (النمسا) وفورتِسا (إيطاليا)، ويمتد إلى نحو 64 كيلومتراً عند احتساب الأنفاق الحالية من تولفِس إلى إنسبروك. تبلغ كلفة المشروع نحو 8.8 مليار يورو ومن المتوقع إكماله عام 2031 مع مرور القطار الأول فيه عام 2032. أُطلق المشروع عام 2014 ويُموَّل بالشراكة بين إيطاليا والنمسا والاتحاد الأوروبي.

خط تورطونا–جنوة فائق السرعة
هو خط بطول 53 كيلومتراً يربط ميناء جنوة بتورطونا في بيدمونت مع وصلات إلى ميلان، ويشمل نحو 37 كيلومتراً من الأنفاق، من بينها نفق واحد بطول 27 كيلومتراً. يهدف إلى نقل البضائع من مرافئ ليغوريا (جنوة، لا سبزيا وسافونا) إلى شمال أوروبا عبر السكك الحديدية بدايةً من العام المقبل، مع بلوغ نسبة نقل تصل إلى 50% بحلول 2050. سيُخفض زمن سفر الركاب بين ميلان وجنوة إلى نحو ساعة بدلاً من أكثر من ساعة ونصف. التكلفة المقدَّرة نحو 8.5 مليار يورو؛ والأنفاق مكتملة بنسبة 90%، وقد بدأ المشروع في 2012 وتعرّض للتباطؤ بسبب جيولوجيا أبيني الصعبة واكتشاف أسبستوس طبيعي.

خط ليون–تورينو
نفق ليون–تورينو فائق السرعة بقيمة 11 مليار يورو يمتد لأكثر من 65 كيلومتراً، منها نحو 57.5 كيلومتراً من نفق قاعدة مون سينيس الممتد تحت الأرض من سان-جان-دو-مورين إلى سوزا في إيطاليا. من المتوقع الانتهاء منه حوالى عام 2033، ويهدف إلى إخراج أكثر من مليون مركبة بضائع ثقيلة من الطرق في جبال الألب الغربية بين فرنسا وإيطاليا. سيُخفّض زمن سفر الركاب بين باريس وميلان إلى حوالي 4.5 ساعات بدلاً من 6.5–7.5 ساعات. أُطلق المشروع عام 2007 وتباطأ بشدة جرّاء احتجاجات بيئية على الجانب الإيطالي؛ ويُموّل بالمشاركة بين فرنسا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي.

يقرأ  قطر تُشيّع قيادات من حركة حماس مقتل مسؤول أمني قطري في ضربة داخل الدوحة

جسر مضيق مسينة
مشروع جسر مضيق مسينة بقيمة 13.5 مليار يورو سيُسرّع التنقّل بين البر الإيطالي وصقليّة ويشتمل على وصلات سكك حديدية إلى باليرمو وكاتانيا يجري ترقيتها. سيمتد الجسر ذي الامتداد الفردي من مسينة في صقليّة إلى فيلا سان جيوفاني في كالابريا، ويتضمن ست حارات للسيارات وسطيْن للسكك الحديدية. تنتظر الحكومة موافقة محكمة الحسابات لبدء الأعمال التحضيرية، ومن المتوقع استكمال المشروع بحلول عام 2032.

كذالك، ستؤثر هذه المجموعة من المشاريع بشكل جذري على حركة النقل والبنى التحتية في إيطاليا وأوروبا عموماً، مترافقةً مع تحديات تنفيذية وتقنية وبيئية تطلبت وقد تطلب مزيداً من التنسيق والتمويل الدولي.

أضف تعليق