محكمة خاصة تصدر أولى أحكامها ضد عناصر الأمن في كولومبيا
أصدرت محكمة خاصة في كولومبيا أحكاماً بالسجن المصغر والعمل لإصلاح الأضرار بحق اثني عشر ضابطًا عسكريًا سابقًا، تراوحت مددهم بين خمس وثماني سنوات، لضلوعهم في 135 حالة من «القتلات الزائفة» بين عامي 2002 و2005. وفي هذه الجرائم، كان ضحايا مدنيون يُقتلَون ثم يُسجَّلُ موتهم على أنهم مقاتلون من الفصائل المتمرّدة.
تُعدّ هذه الأحكام منعطفًا قضائيًا بارزًا، إذ إنها المرة الأولى التي تُصدر فيها «الاختصاصية الخاصة للسلام» (JEP)، وهي الهيئة الانتقالية التي أنشئت بعد اتفاق السلام عام 2016، أحكامًا فردية ضد عناصر جهاز الأمن الحكومي عن جرائم ارتُكبت خلال الصراع الطويل مع جيش التحرير الشعبي (فارك).
بناءً على سجلات الهيئة، سُجِّلَت بين عامي 2002 و2008 نحو 6,402 ضحية لحالات «القتل الزائف»، على رغم أن جماعات الضحايا ترجح أن العدد الحقيقي أكبر. كثيرًا ما كانت هذه الجرائم تُستهدف فيها فئات هشّة من الشباب، بينهم فقراء ومعاقون، واستُغلت لرفع معدلات القتلى المصنّفين كمقاتلين بهدف تحسين السجل المهني للعناصر والحصول على ترقيات خلال الحرب الدموية التي دعمتها الولايات المتحدة عبر خطة «بلان كولومبيا».
تشكل هذه الجرائم أحد أحد عشر «قضية كبرى» تحقق فيها الاختصاصية الخاصة للسلام، التي أُسِّست للتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبها المتمرّدون والميليشيات شبه العسكرية وقوات الدولة. وقد سبق للهيئة هذا الأسبوع أن أصدرت أول عقوباتٍ فردية بحقّ قادة فارك.
تركيز الحكم كان على أحد الفروع الثلاثة للقضية الكبرى، المتعلّق بجرائم ارتكبها لواء «لا بوپا» على الساحل الكاريبي للكولومبيا. وتمثل القضية محطة تاريخية بالنسبة لعائلات الضحايا التي انتظرت لعقود تحقيق العدالة عن جرائم شبه رسمية استهدفت أقاربهم الضعفاء.
«تمكّنا من أن نُظهر للبلاد وللعالم أن هؤلاء الشباب لم يكونوا متمردين، بل خدعوا واستدرجوا وقتلوا ثم صُوِّرَت جرائمهم على أنها أعمال متمرّدين»، قالت بلانكا نوبيا مونرو، التي فقد ابنها في إحدى جرائم «القتل الزائف». وأضافت أن أعمال الإصلاح لا تُعدّ عقوبة كافية، وأن القيادات ينبغي أن «تدفع ثمن ما فعلته لهؤلاء الشباب» عبر السجن.
إنكار التورط في عمليات القتل
المحكوم عليهم الاثني عشر نجحوا في تجنُّب السجن بعد الاعتراف بمسؤولياتهم عن القتل، حيث قُيِّدَت عقوباتهم بأعمال إصلاحية في ستة مشروعات تعاونية مع الضحايا. وقال جيرسون أرياس، باحث في شؤون النزاع والأمن في مؤسسة أفكار من أجل السلام، إن: «هذا الحكم يعترف في النهاية بأنّ هذا النوع من العدالة الانتقالية التصالحية يُمكن أن يقلّل من الإفلات من العقاب في حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان».
ثلاثة من عناصر اللواء، بينهم قائده العقيد ببليو هيرنان ميخيا، أنكروا تورطهم ويواجهون محاكمة لاحقة قد تؤول إلى أحكام سجن تصل إلى 20 عامًا.
حدثت ظاهرة «القتلات الزائفة» خلال إدارة الرئيس ألفارو أورِيبي ورُبطت بواحدة من أكثر فصول الصراع الكولومبي إثارة للجدل ضمن صراع دام نحو خمسين عامًا بين فارك والدولة، أسفر عن مقتل أكثر من 450,000 شخص.