انهيار المحادثات العالمية حول البلاستيك — انقسام الدول العميق يعرقل التوصل إلى اتفاق

انهارت مرة أخرى المحادثات الدولية الرامية إلى اعتماد معاهدة تاريخية لإنهاء التلوث البلاستيكي.

كانت مفاوضات الأمم المتحدة — الجولة السادسة في أقل من ثلاث سنوات — مُجدولة للانتهاء يوم الخميس، إلا أن الوفود واصلت التباحث حتى ساعات الليل المتأخرة أملاً في كسر الجمود.

لا يزال الخلاف قائماً بين نحو مئة دولة تطالب بتقليص إنتاج البلاستيك، ودول نفطية ترى أن التركيز يجب أن ينصب على تحسين إعادة التدوير.

في الساعات الأولى صرّح مندوبون من كوبا بأن الدول «أفْتَت فرصاً تاريخية لكن علينا أن نستمرّ».

انطلقت هذه المباحثات عام 2022 استجابةً لتراكم الأدلة العلمية بشأن مخاطر التلوث البلاستيكي على صحة الإنسان والبيهية العامة.

ورغم الفوائد الواسعة للبلاستيك في قطاعات عدة، إلا أن العلماء يقلقهم بوجه خاص وجود مواد كيميائية سامة قد تتسرب منه مع تفككه إلى أجزاء أصغر.

تم رصد الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في التربة والأنهار والهواء، وحتى في أعضاء الجسم البشري.

كان هناك موعد نهائي أصلي لإنجاز الاتفاق بنهاية ديسمبر من العام الماضي، لكن الدول لم تتمكن من الوفاء به.

وهذا الانهيار في آخر جولة من المفاوضات يعني تأخراً إضافياً في المسار التفاوضي.

قالت بالاو، ممثلة جزر المحيط الهادئ الشمالية: «نعود مراراً إلى أوطاننا بلا انجازات كافية نُعرضها لشعوبنا».

وأضافت: «من غير العدل أن نتحمّل وطأة أزمة بيئية عالمية لا نُسهم فيها إلا بأقل القليل».

ظل الخط الفاصل الأساسي واضحاً طوال المفاوضات: هل يجب أن تعالج المعاهدة مشكلة البلاستيك من المنبع عبر تقليص الإنتاج، أم تركز على إدارة التلوث الناتج عنه؟

ترى أكبر الدول المنتجة للنفط أن البلاستيك، المصنّع اعتماداً على الوقود الأحفوري، عنصر محوري في اقتصاداتها المستقبلية، لا سيما مع تحوّل العالم عن البنزين والديزل صوب السيارات الكهربائية.

يقرأ  هل سيغرق إيفو موراليس آمال اليسار في السباق الرئاسي البوليفي؟

وتضم المجموعة دولاً مثل السعودية وروسيا، وتؤكد أن تحسين جمع النفايات وبنى إعادة التدوير هو السبيل الأمثل لحل المشكلة — وجهة نظر يشاركها كثير من المنتجين أنفسهم.

قال روس آيزنبرغ، رئيس جمعية مُصنّعي البلاستيك الأمريكية: «البلاستيك أساسي للحياة الحديثة — يدخل في كل شيء». وأضاف: «الأولوية هنا يجب أن تكون إنهاء تلوث البلاستيك لا وقف إنتاجه»، محذراً من أن الاستعاضة عنه بمواد بديلة قد تؤدي إلى «عواقب غير مقصودة».

إلا أن كثيراً من الباحثين يعتبرون أن هذا المنحى معيب جوهرياً. إذ تُقدّر معدلات إعادة التدوير العالمية بحوالي 10% فقط، مع حدود لما يمكن رفعه.

قال الدكتور كوستاس فيليس، أستاذ مشارك في هندسة النفايات والموارد بكلية امبريال كوليدج لندن: «حتى لو نجحنا في رفع النسبة خلال العقود المقبلة إلى 15 أو 20 أو 30%، فسيظل هناك مقدار كبير ملوِّث يضر بالبيئة وصحة الإنسان». وأضاف: «لذلك لا بد من تحسين إعادة التدوير… لكن لا يمكننا أن نعول على أن ذلك سيحل كل جوانب أزمة البلاستيك».

ارتفع إنتاج البلاستيك من مليوني طن عام 1950 إلى نحو 475 مليون طن في 2022 — ومن المتوقع أن يستمر في الارتفاع ما لم تُتخذ إجراءات إضافية.

حوالي مئة دولة، بينها المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، طالبت بتحديد سقوف للإنتاج ضمن نص المعاهدة وباتباع معايير تصميم موحدة عالمياً لتيسير إعادة التدوير.

قد يكون ذلك بسيطاً مثل اشتراط أن تكون زجاجات البلاستيك بلون واحد؛ فعند استخدام الصبغات تنخفض قيمة المنتج إلى نصف قيمة الزجاجات الشفافة.

هذا المسار لاقى دعماً من كبار معبّئي المواد البلاستيكية، بينهم نستله ويونيلفر، وهما جزء من تحالف الأعمال الذي تقوده مؤسسة إيلين مك آرثر.

وطالب التحالف أيضاً بتوحيد البرامج الوطنية وفرض رسم بسيط على المنتجات البلاستيكية للمساهمة في تمويل جهود إعادة التدوير، ما يُعرف بمسؤولية المنتج الممتدة. ويقدّر التحالف أن ذلك قد يضاعف عائدات الدول إلى 576 مليار دولار بين الآن وعام 2040.

يقرأ  الاتحاد الأوروبي يرسل مساعدات لإخماد حرائق الغابات في إسبانيا مع تزايد حصيلة الوفيات

قدم رئيس الجلسة، لويس فياس من الإكوادور، نصاً جديداً بدا أقرب إلى مطالب المجموعة البريطانية.

النص لم يُطالب بفرض حد أقصى للإنتاج كما كانت تريد بريطانيا، لكنه تضمن إشارات إلى خطوات يمكن للدول اتخاذها لمعالجة قضايا أخرى مثل المواد الكيميائية الخطرة المصاحبة للبلاستيك وتصميم المنتجات لتسهيل إعادة تدويرها.

وصفت الوفد الأوروبي في الاجتماع الختامي نتيجة هذه الدورة بأنها «قاعدة جيدة للمفاوضات المستقبلية».

غير أن الدول النفطية ظلت مستاءة بعمق؛ فقالت السعودية إن العملية التفاوضية «إشكالية» بينما عبّرت الكويت عن أن وجهات نظرها «لم تنعكس» في النص.

وانتقدت العديد من المجموعات البيئية انهيار المفاوضات، معتبرة أن الدول النفطية فضّلت الربح على صحة الكوكب.

قال غراهام فوربس، رئيس وفد غرينبيس في مفاوضات معاهدة البلاستيك العالمية: «فشل التوصل إلى اتفاق في جنيف يجب أن يكون جرس إنذار للعالم: إنهاء تلوث البلاستيك يعني مواجهة مصالح الوقود الأحفوري مباشرة». وأضاف: «الأغلبية الساحقة من الحكومات تريد اتفاقاً قوياً، ومع ذلك سمح لعدد قليل من الجهات السيئة باستخدام الإجراءات لتقويض الطموح».

أعلن رئيس الجلسة أن المفاوضات ستستأنف في موعد لاحق.

أضف تعليق