اختيار ألما ألين لتمثيل الولايات المتحدة في بينالي البندقيّة 2026
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، بعد دورة اختيار اتسمت بالتوتّر، رسميًا أن النحات المولود في يوتا والمقيم في المكسيك ألما ألين سيمثّل الولايات المتحدة في نسخة 2026 من بينالي البندقية. القرار أثار اهتمامًا واسعًا ليس فقط لأن الحدث يُعدّ أكبر منصة دولية للفن المعاصر، بل لأن سياقات الاختيار هذه المرّة تعكس أولويات ثقافية وسياسية متجدّدة على مستوى الإدارة الفدرالية.
سياق الاختيار والسياسة الثقافية
في ظل إعادة تشكيل الخطوط الإيديولوجية لسياسات الفنون والثقافة خلال ولاية الرئيس ترامب، طُلِب من المقترحات أن تساهم في «تعزيز الفهم الدولي للقيم الأميركية» عبر عرض أعمال فنية مبتكرة تعكس هذه القيم. كما تغيّرت صياغات الدعوة الرسمية لتؤكد الامتثال التام لقوانين مكافحة التمييز الفدرالية، وفي الوقت نفسه استُبعدت الإشارات السابِقة الداعمة لبرامج التنوع والمساواة والاندماج. هذه المتغيرات، إلى جانب حالة عدم اليقين الإدارية وتهديد شلل حكومي كان وشيكًا آنذاك، أعطت للدورة طابعًا استثنائيًا وغير اعتيادي.
من هو ألما ألين؟
ولد ألين عام 1970 في هربر سيتي بولاية يوتا، وعاش فترات في جوشوّا تري بولاية كاليفورنيا وتيبوستلّان قرب مكسيكو سيتي، حيث يدير استوديوًّا يضُمّ ورشة صهر برونز. انه فنان شبه مكتفٍ ذاتيًّا في تدريبه، اعتمد على مجموعة واسعة من تقنيات الإنتاج — من النحت اليدوي إلى التصنيع المدعوم بالروبوتات عندما تقتضي الأحجام ذلك.
طبيعة أعماله ومادّياتها
يقدّم ألين منحوتات تجريدية تتخذ أشكالًا بيومورفية حيوية؛ بعضها استدعى مقارنات بكائنات بحرية بدائيّة حين عُرض في بينالي ويتني 2014، بينما تميل قطع أخرى إلى استحضار مناخ الغابات. المواد التي يعمل بها متنوعة: برونزًا مشدودًا، خشب باروتا، أوبسيديان، تشكيلات شبيهة بالستالاكمايت، وأنواع رخام محليّة من مدينة أوريذابا المكسيكية. لا يقلّ الاهتمام بالمواد عن الاهتمام بالشكل النهائي في ممارسته.
مساره المهني والاعتراف المؤسسي
عرف ألين بدايات متواضعة — بحسب معارضه السابقين — إذ باع مجسّمات صغيرة محكّية على الأرصفة في سوهو قبل أن يحقق اختراقه في الساحة عبر المشاركة في بينالي ويتني. عرضت أعماله مجموعات دائمة في متحف مقاطعة لوس أنجلوس وفي متحف بالم سبرينغز للفنون، ونُشر أول كتاب أحادي عنه عام 2020 من دار ريزّولي إليكتا. أجرى معرضين منفردين مؤسسيين مهمّين: في متحف بالم سبرينغز عام 2018 والمتحف الوطني أنواهواكالّي في مكسيكو سيتي عام 2023. على الصعيد التجاري، تعاون مع عدة صالات مرموقة، بينها بلوم أند بو وآخرى، لكنّ قبول ألين لتكليف جناح الولايات المتحدة تسبّب بقطع بعض الجهات لعلاقاتها معه بعد تشجيعها له سابقًا على رفض العرض.
آلية الاختيار وخصوصيات الدورة
سُرِّي أنّ ألين لم يقدّم مقترحًا رسميًا عبر بوابة المنحة المعتادة، بل تلقّى عرضًا مباشرًا من المنسّق جيفري أوسليب الذي اختُير لتنسيق عرض الولايات المتحدة في البندقية. ويُشار إلى أن أوسليب شخصية مستقلة حاليًا، وقد أدار جناح مالطا في بينالي 2022، فقد استقال من منصبه كرئيس شؤون المعارض في متحف الفن المعاصر في سانت لويس عام 2016 إثر جدل مرتبط بمعرض لفنان آخر.
تفاصيل جناح الولايات المتحدة في البندقية
يحمل العرض عنوان: «ألما ألين: نادِني النسيم» (Alma Allen: Call Me the Breeze)، بإشراف جيفري أوسليب، وتولّت جيني باردو، المؤسسة المرتبطة بـ American Arts Conservancy المتقاربة مع سياسات ترامب، منصب المفوّضة. وفق وزارة الخارجية، سيتضمن الجناح نحو ثلاثين منحوتة، من بينها قطع «تستجيب للموقع» وتعمل على استكشاف مفهوم «الارتقاء» كمزج بين البُنى الفيزيائية ودلالة التفاؤل الجماعي وتحقيق الذات، في ما رُبط ذلك بتأكيد إدارة ترامب على إبراز «التميّز الأميركي». ستُقام على الأقل قطعة واحدة في ساحات الجناح الخارجيّة.
رؤية الفنان للعمل
يوضح ألين أن منحوتاته كثيرًا ما تبدو في حالة فعل أو انتقال؛ «تبدو وكأنها تذهب، أو تغادر، أو تتفاعل مع شيء غير مرئي. ورغم سكونها الظاهري، فهي ليست ساكنة في ذهني؛ بل جزء من كون أوسع بكثير»، كما قال في بيان صحافي.
خلاصة
يجسّد اختيار ألما ألين تقاطعات فنية وسياسية: فنانٌّ ذا مسيرة طويلة ومتعدّدة الوسائط، اختير في ظرف مؤسسي متوتر ومتحوّل سياسياً، ما يجعل جناح الولايات المتحدة في بينالي البندقية 2026 منصة لاختبار كيف ستتجلّى «القيم الأميركية» المعروضة دوليًا في عهد تغييرات سياسية وثقافية عميقة.