غرايسون بيري — «أعلمُ من أنا» (2024)، قماش قطني وتطريز وتلصيق (© غرايسون بيري؛ بإذن الفنان وڤيكتوريا ميرو؛ باقي الصور: آنا ساوتر/هايبرالليرِك)
مجموعة والاس معروفة بثروتها من فن الروكوكو، ومن أشهر قطعها لوحة فراغونار الباستيلية عن المغازلة الدلالية «الأرجوحة» (1767–68)، حيث تلوح امرأةٌ ذات ثوبٍ واسع بحذاءٍ وردي في الهواء، وتراقبها عينان رجوليتان بلهفة. في معرضه الفردي، يرد بيري على هذه المعروضات برؤيةِ كابوسية في نسيجٍ بعنوان «الأرجوحة الفاشية» (2024): الألوان الباستيلية تلاشت لتحلّ محلها درجاتٌ نفسية فاقعة، وابتسامة المرأة تحوّلت إلى قناع رعب، وغياب الخاطبين الضاحكين يجعل بطلة العمل وحيدةً في انهيارها العقلي. العمل يصور أوهامَ الإفراط والعظمة الشبيهة بفراغونار، لكن بنبرةٍ أشد قتامة وإرعابًا.
يقدّم بيري في المعرض «شيري سميث» كهويةٍ بديلةٍ له، شخصيةٌ عاملية من لندن دَفَعها مرضٌ نفسيّ إلى «أوهام العظمة»، حتى اقتنعت أنها من طبقة الأرستقراطية ووريثةٌ شرعية لبيت هيرتفورد، مقرّ مجموعة والاس. شيري مبنية جزئياً على ما يُسمّى بفنّانين «الخارج عن التيار» الذين عانوا اضطراباتٍ نفسيةً وأوهامًا، مثل ألويس كورباز (1886–1964) ومادج جيل (1882–1961)، وبعض أعمالهما المدهشة معروضة في بداية المعرض.
المشهد الافتتاحي يربك الزائر غير المستعد لمنهج بيري الشمولي: حدّ الفاصل بين الحقيقة والاختلاق يطمس عمداً وبفعالية. صورٌ «أرشيفية» مفبركة وخطابات مزعومة لشيري تُعرض جنبًا إلى جنب مع توثيق حقيقي لنشاطات جيل في الأربعينيات بالمجموعة، مع نسب تواريخ مزيفة للأولى دون الثانية. الدليل الصوتي هنا مفتاح الدخول إلى عالم بيري/شيري؛ المقاطع تُسرد بالتناوب على لسان بيري وشيري، مما يخلق تجربة غامرة — لكن من المؤسف ان شيري مُعطاة لكنة كوكني كاريكاتورية، ما يعيد إنتاج صورة نمطية متهوّرة عن الهوية العاملة.
المعرض يتبع بشكل فضفاض حياة شيري، وينتهي بإعادة تكوين شبه كاملة لغرفة النوم التي قضت فيها أيامها الأخيرة. هناك قطع جميلة، منها خزانة مزخرفة بصور نساءٍ من مجموعة والاس، وقطعة بعنوان «ملكة المستشفى» (2024)، صورة ذاتية مُطرّزة يزعم أنها صنعها شيري خلال إقامتها في مصح نفسي — تذكيرٌ بما يحدونا من فضولٍ قاتم تجاه مثل هذه الأشياء. ومع أن بيري نفسه تناول مسائل الصحة النفسية علنًا، فإن معالجته هنا تبدو سطحية إلى حدٍ ما.
على نحوٍ مماثل، في «شجرة في منظر طبيعي» (2024) يصنع بيري شجرة أسرية من صور مصغّرة من مجموعات المتحف، ويعلّم كل صورة بتشخيص نفسيٍ مختلف. التسمية تقول: «كلٌّ منا يظهر سمات يمكن تأطيرها كمرضية». هل نفعل حقًا؟ قراءة بيري تبدو مبتسرة؛ كما في تعامله مع ذُهَان شيري، يفشل في التعامل بجديةٍ مع واقع الأمراض النفسية الحادّة.
هذا مثال واحد على غياب الدقة في مقاربات بيري لقضايا معقّدة. يتضح أنه يفكر بعمق — لكنه لا يختار دائمًا المواضع أو المنظورات الصحيحة. على سبيل المثال، «رجل الحكايات» (2024)، قطعة مركزية في المعرض، تمثل تمثالًا مُطرّزًا قبيحًا عمدًا لشخصٍ شبيه بالبَداء، ويقال إن مصدر إلهامه «سرديوL الخبراء لدى شعب لوبا في وسط أفريقيا» بحسب تعليق بيري. لم يُفسّر لماذا استلهم ذلك من هذه الثقافة تحديدًا، أو ما إذا كان لشعب لوبا صلة فعلية بمقتنيات مجموعة والاس. التعليق يسترسل: «أحد همومي المتواصلة هو المبالغة في التمثيل العقلي في الثقافة الغربية، ففتنتني فكرة البارد المتجوّل». هل يقصد إضفاء وصفيةٍ مرغوبة بعدم الفكر على ثقافة وسط أفريقيا؟ هذا، في أحسن الأحوال، فشلٌ في إتاحة مستوى فكريّ للتفاعل مع الشكل، وفي أسوأه يشي بنبرة استشراقية.
عموماً، تثير أعمال بيري الاهتمام لأنه بدلًا من طرح أسئلةٍ غامضة عامة عن الإنسانية، يختبر معنى أن تكون إنسانًا محددًا داخل تقاطعات الطبقة والنوع في المجتمع البريطاني. زيارتي يوم سبت بعد الظهر وجدتها مزدحمة؛ بيري يحظى بشعبية واضحة. نهجه الملون والمألوف يجذب جمهورًا واسعًا، وهذا بحد ذاته قيمة، إذ يقود الزائرين إلى لقاءات جديدة مع مفاهيم النوع والطبقة وأسئلة كيفية تعاملنا مع المجموعات التاريخية. ومع ذلك، من الخطأ الضار افتراض أن الجمهور لا يقدر مقاربة أكثر دقّة وتعقيدًا. هنا يفشل المعرض — في قسوته، وصراحته الفجّة، ولحظاته المتقطعة من الحساسية الناقصة.
غرايسون بيري: «أوهام العظمة» مستمر في مجموعة والاس (بيت هيرتفورد، ميدان مانشستر، لندن) حتى 26 أكتوبر. المعرض من إعداد الفنان.