جبال جليدية انجرف بعيدًا مع المصوّر نونو سيراو

تَخَيَّل إحساس الانفصال عن صفيحة جليدية: أن تنقضّ عن الكتلة الأم، تنجرف مع التيار، وتتحوّل إلى شكلٍ وحيدٍ يحدّق في أعماق المحيط الأزرق. ذاك الشعور يتردَّد صداه في سلسلةٍ تصويرية بعنوان Icebergs أنجزها المصوّر البرتغالي نونو سيرا، والتي ستطوف إيطاليا وفرنسا واليونان طوال فصل الخريف.

كردٍّ على عالمٍ مترابطٍ، صاخبٍ ومضطربٍ وغالبًا ما يكون متطلّبًا ومحتاج أحياننًا، تدعونا صور نونو إلى السّير في اتجاهٍ معاكس. هي إشارة إلى رحلاتنا الداخلية، إلى تجاربنا الانفرادية التي لا تُشكّلها نظرات الآخرين ولا تصنيفاتهم.

«كل شيء بدأ بحوارٍ داخلي، محاولة لفهم ذاتي»، يشرح نونو. «ثم أدركت أنني لستُ وحدي، وأن آخرين يشعرون بالمثل، وأن سلوكنا تجاه الحياة، والطريقة التي يرانا بها الناس، كانت انعكاسًا لخيار اتخذناه باكراً عندما لم نتوافق مع القالب المتعارف عليه».

يتجلّى ذلك الشعور في صور الأشخاص الذين التقاهم نونو، والذين قد يكونون هم أنفسهم كتلًا جليدية. شبابٌ وشيوخ، من أصولٍ إثنية متنوعة، ومختلفو الهويات الجندرية — بعض موضوعاته تبدو عليهم حالة من الحزن أو الوحدة، وبعضهم يبدو واثقًا أو قويًا. كيف تراهم أنت قد يكون انعكاسًا لرحلتك الداخلية أيضًا.

يواصل نونو: «أن تنفصل عن الصفيحة الجليدية. أن تنجرف إلى البحر المفتوح، مُقايضًا الراحة والعرف بفرصةٍ للعثور على إجابات لا نجدها في الآخرين. حتى لو كان ذلك يعني قضاء العمر كله في التحديق في الأزرق العميق».

تتميّز الأعمال الفنية بجمالٍ غير تقليدي، لكن ثمة هالة من الهدوء الصامت تكتنف كلّ منها. «نحن نعيش في زمن النوافذ المتعددة والمشاهدة المتلاحقة والإلحاحية الفورية»، يقول نونو. «لدينا قهوة سريعة، وطرق سريعة، وصعود سريع إلى الطائرات. كل هذا مجرد إلهاء طويل لتفادي الأسئلة التي قد تنبثق عن إزعاج الملل. الحياة السريعة حياة مخدّرة؛ وبكل هذه السرعة نفتقد الوقت لندرك ما نفقده تدريجيًا على امتداد الطريق».

يقرأ  مع تصاعد الغارات، قتلت إسرائيل ما يقارب ١٩٬٠٠٠ طفلاً في حرب غزة— أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

أقامت مهرجانات ودور عرض في جنوب أوروبا على مواهب نونو وما تقوله سلسلة Icebergs. ابتداءً من 28 أغسطس، ستُعرض مجموعةٌ من هذه الصور ضمن معرض جماعي في Ragusa Foto Festival بسيسيليا، ثم تنتقل إلى Grenze في فيرونا لعرضٍ فردي يبدأ في 19 سبتمبر.

يشرف على معرض فيرونا القيّم سيموني أزّوني، الذي يُثبّت الصور على صفائح من البلكسِغلاس، بحيث يطفو كل عملٍ في المكان ليعزّز فكرة أن كل جبل جليدي ينجرف، وحيد، هشّ، وضائع في الزمن.

أضف تعليق