قبر الملك الفرعوني توت عنخ امون في وادي الملوك يعاني من تدهور متزايد ناجم عن فيضانات مفاجئة ووجود صدوع جوفية كبيرة، وقد اقترح خبير طرقاً مبتكرة لتقوية المدفن تحت الأرض باستخدام تقنيات هندسية حديثة.
مراجعة بحثية نشرت في مجلة Nature أوضح فيها سيد حميدة، باحث بقسم صون المباني التاريخية بجامعة القاهرة، استخدامه لنمذجة جيولوجية هندسية وبرنامج PLAXIS 3D لحساب التوترات وأنماط التشوه داخل المدفن.
مقالات ذات صلة
يقع هذا المدفن، الذي يضم أربع حجرات رئيسية وممر دخول مائل وسلالم، في موقع منخفض منحوت في قاع الوادي، ما جعل مدخله عرضة لأن يختفي بين الحطام أثناء الفيضانات وأعمال الحفر، ولكنه في المقابل أكثر عرضة لحمل الصخور الجوفي (التحميل الجيوستاتيكي) وانفجارات الصخور. كما يمر صدع بارز عبر المدفن يمكن أن تنتج عنه هزات هلزت بقوة تصل إلى 6 على مقياس ريختر. أدت الفيضانات الأخيرة المرتبطة بتغير المناخ إلى تآكل قواعد الأعمدة الحاملة والجدران وتغيّر مستويات الرطوبة في صخر الشِيل الإسناوي المحيط.
سجل الباحث تشققات حادة في أسقف المدخل والغرفة الجنائزية حول الصدع الرئيسي، مما سمح بتسلّل مياه الأمطار وبالتالي تعريض سلامة المدفن واللوحات الجدارية للخطر.
استعرضت الدراسة استقرار المدفن الساكن وهوامش الأمان وأنماط الفشل الهندسي مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل البيئية السلبية آنفة الذكر، وذلك عبر ثلاث مراحل متكاملة.
شملت المرحلة الأولى فحصاً معمّقاً لصخور الشِيل الإسناوي باستخدام اختبارات ضغط تجريبية وبرنامج Rocklab لفهم خواصها الميكانيكية ومعامل التشوه. أما المرحلة الثانية فتمثلت في تقييم استقرار المدفن من منظور الأحمال الجيوستاتيكية وتأثير الفيضانات والصدع عبر نموذج ثلاثي الأبعاد باستخدام كود PLAXIS 3D. والمرحلة الثالثة جمعت بين نمذجة جيولوجية هندسية محيطية متقدمة عبر برامج متخصصة مثل PLAXIS 3D.
أظهرت عينات الشِيل هشاشة واضحة وانخفاضاً في المتانة مع تقلبات الرطوبة؛ والفشل الصخري في أسقف المدخل والغرفة الجنائزية يعزى إلى الحمل الزائد والضغط الناتج عن انتفاخ الشِيل، لا سيما أثناء الفيضانات المفاجئة.
أشارت نتائج التحليل الساكن ثلاثي الأبعاد إلى وجود ضغوط انضغاطية عمودية عالية في أسقف المدخل والغرفة الجنائزية، مع وجود شد مرتفع في أسفل هذه الأسقف.
وأكدت النتائج العددية باستخدام برنامج PLAXIS 3D هذه المؤشرات، مع ملاحظة أن المدفن يظل مستقراً نسبياً في الظروف الجافة. وتوضح الدراسة أن “فشل الأسقف قد يتأثر بشكل أكبر بالصدع الكبير ومجموعات المفاصل الصخرية منه بمستويات المدفن الرأسية.”
تدعو الدراسة في خاتمتها إلى تقليل تقلبات الرطوبة داخل المدفن وخارجه كإجراء أساسي لتحسين الاستقرار والحد من المزيد من التدهور، ويمكن تحقيق ذلك عبر تقييد حركة الهواء داخل وحول المدفن. كما تُوصي بتنفيذ برنامج تقوية وترميم مركز وموجّه جيداً لمعالجة المخاطر القائمة.
يمكن تطبيق نتائج هذا البحث على جهود صيانة وحماية مواقع أثرية أخرى تواجه مشكلات مماثلة، مما يتيح نهجاً علمياً متقدماً للحفاظ على التراث الثقافي.