دوائر الانتماء في أعمال جين مايرسون

جين مايرسون — أفق الحدث (٢٠٢٥)، زيت على قماش

لوس أنجلس — في ليلة عيد الميلاد عام ١٩٦٨، التقط رائد الفضاء ويليام أندرز أول صورة ملونة للأرض من الفضاء أثناء دوران مركبة أبولو 8 حول القمر. الصورة المعروفة الآن باسم «طلوع الأرض» أعادت تشكيل طريقة رؤيتنا للكوكب: ليس مجرد رقعة من الدول المتناحرة، بل مركب مشترك بلا حدود يحملنا جميعاً عبر الفراغ.

تلك الصورة، إلى جانب رواية سامانثا هارفي «مدار» الصادرة عام ٢٠٢٣، شكّلت مصادر إلهام لعمل الفنان الكوري المهاجر جين مايرسون في مجموعته الجديدة المعروضة حالياً بمعرض بيروتن تحت عنوان «مساحة آمنة». ينسجم المعرض بنفس إيقاع مداري؛ يبدأ بأربع لوحات قاتمة توحي بغروب يتحول إلى ليل، ثم ينساب إلى ستة أعمال مضيئة تقود المشاهد من فجرٍ نحو شروق النهار.

كبر جين كطفل متبنى في ريف مينيسوتا على يد أم سويدية-أمريكية وأب يهودي، وما حمله معه من ملجأ في إنشيون لم يكن إلا حبه للرسم. قصته تردّد صدى نحو ٢٠٠،٠٠٠ طفلاً أُرسلوا إلى الولايات المتحدة وأوروبا بعد الحرب الكورية حين فضّلت الحكومة التبني الدولي على بناء شبكة رعاية اجتماعية محلية. عنوان المعرض «مساحة آمنة» يعكس بحثاً مستمراً عن ملاذ وسط تفكك الهويّة الهجينة، وفي الوقت ذاته يسائل احتمالية وجود أمان حقيقي، مذكّراً بأن المساحات الحسنة النية قد تعكس أيضاً ديناميات الإقصاء التي تدّعي تفكيكها.

كل عمل في المعرض يرتكز على طبقة أساس برتقالية فلوريسنت تشير إلى لون يستخدم عادة كإشارة استغاثة في السياقات البحرية والجوية والصيد. في ساحة المعرض تجلّى هذا الدافع بشكلٍ مادي في تركيب خاص بعنوان «علم الريح» (٢٠٢٥) يحوّل مؤشر الريح الوظيفي إلى جسم بلا فائدة صارخة؛ وهو يتمايل من جانب إلى آخر، ويدعونا إلى إلقاء نظرة داخل اسطوانته لنلمح السماء الزرقاء فوق لوس أنجلس، بينما يردّد وجوده في الفناء نداءات استغاثة لم تُسمع، خصوصاً لأولئك الذين شكلت هوياتهم تجارب الفقد والتمزق.

يقرأ  المجلس العسكري في بوركينا فاسويبعد مسؤولاً أممياً رفيع المستوى على خلفية تقرير بشأن حقوق الأطفال

يمتد مشروع مايرسون عبر لوحاتٍ مناظرية مجردة، مركّبة من صورٍ عثر عليها وصور شخصية مزّقها رقمياً وأعاد تركيبها بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، محوّلاً إياها إلى بوّابات غير معروفة من الضوء المكسور. تثير الأعمال إحساساً بالانجراف المكاني، ترجمةً لصراع الفنان مع حدود الهويّة الثابتة وفي الوقت نفسه إشارة إلى القوة المستمدة من التنقل بين ثقافات وعلائق عاطفية متعددة.

على نحو موازن، تستكشف الأعمال الرقمية الزوجية «السفينة الفضائية ١» و«السفينة الفضائية ١.٢» (٢٠٢٥)، المعلّقة على جانبي جدارٍ مُشترك، تصادم المستويات الثنائية والثلاثية الأبعاد. وتمنح لوحات أخرى، مثل «عجلة الملاهي» و«البومة» (٢٠٢٥)، لمحاتٍ من أماكن عبر أفق مدن يكاد يظهر عند حوافها السفلى، من دون أن تكشف بدقة عن مواضعها.

عنصر أساسي آخر في المعرض هو المشهد الصوتي الذي صاغه مطندر ماندووا المعروف باسم تيبس، والذي يكسو الفضاء بمقطوعة متأملة وغنية. تُذاع المقطوعة على حلقة متكررة داخل الصالة، لتقدّم ترجمة حسّية — محاولة لنقل ما قد تبدو عليه اللوحات إذا ما أصبح لها صوت؛ عبر مقاطع من نقرات الضفادع ودندنة مروحة كمبيوتر تيبس. اختلاط الأصوات الطبيعية بالصناعية يستحضر طرقاً بديلة لوسم الزمن، ويطابق النبرة العاطفية للأعمال.

عند الاقتراب من لوحة «أفق الحدث» (٢٠٢٥)، أكبر عمل في العرض، شعرت بدوار أشبه بالدوران داخل فضاء سيبراني؛ العمل يستحضر صور التدوير التي عهدناها من مشغّل وسائط قديم على ويندوز، زمن ومكان يبدوان مألوفين وغريبين في آنٍ واحد. استلهمت اللوحة سلوك غابات الحور القديمة على الأرض، وتحديداً تلك المنتشرة في شمال يوتا وكولورادو: الحور، كسائر الكائنات المتشابكة، ينمو عبر نظام جذري موصول بحيث يمكن لفرعٍ واحد أن يفضي إلى غابةٍ كاملة. هو نموذج لتفرّدٍ يتشكّل إلى حياةٍ جماعية، يعكس قصة مايرسون نفسه؛ فهو الآن يقيم في سيول، في البلد الذي أُرسِل منه يوماً، وقد حوّل ذواتٍ متكسّرة مفترضة إلى أرضٍ خصبة. ليس كورياً كورياً تماماً، بل شيئاً بينهما جميل، هويته تنبثق ليس في العزلة بل في العلاقة: نظام جذور لا يظهر إلا بانعكاس في آخر.

يقرأ  فنانو الكاريبي يتحدّون أسطورة الهروب الاستوائي

المعرض «جين مايرسون: مساحة آمنة» مستمر في بيروتن (٥٠٤٠ شارع ويست بيكو، ميد-ويلشير، لوس أنجلس) حتى ٢٩ أغسطس ٢٠٢٥. نظمته الصالة نفسها.

أضف تعليق