روما تُدشّن محطتا مترو جديدتان تقدّمان متاحف مصغّرة

محطات مترو تتحول إلى متاحف — كيف تعاملت روماا مع كنوزها الأثرية أثناء إنشاء الخط C

في المدن التي تسكنها الحضارات منذ آلاف السنين، يتحوّل موقع البناء في كثير من الأحيان إلى موقع أثري حين تقف عمالة الحفر أمام آثار مدفونة. هذا ما واجهه مشروع مترو روما على خط C: أعمال الحفر في محطات جديدة امتدت لعقدين، وأسفرت حتى الآن عن اكتشاف أكثر من نصف مليون قطعة أثرية.

الحل الذي اعتمدته المدينة كان عملياً وجميل الشكل: تحويل المحطات نفسها إلى فضاءات عرض تُعرَض فيها التحف جنباً إلى جنب مع تقنيات النقل الحديثة، بحيث يصبح الراكب بعد أن يهبط إلى منصة المترو وكأنه يدخل متحفاً صغيراً.

على امتداد ما يقارب ميلين، افتتحت روما محطتين جديدتين عميقتين يصل عمق كلٍ منهما إلى نحو مئة قدم: كولوسيّو/فوري إمبرطوري وبورتا مترو نيا، حيث تُعرض القطع التي أُخرجت أثناء عمليات الحفر التي بنت المحطات.

محطة كولوسيّو/فوري إمبرطوري، التي تقع بين الكولوسيوم وكنيسة ماكسنتيوس — أكبر مبنى في الفوروم عند بنائه — تضم معروضات منسقة وممولة من متنزه الكولوسيوم الأثري وبالتعاون مع قسم العمارة والتصميم في جامعة سابينزا. يواجه الركاب آثاراً تاريخية منذ مدخل المحطة وحتى أرصفة القطارات، ويمكن للزائر أن يتفقد بهو المحطة دون الحاجة إلى تذكرة، حيث تنتظره بقايا رخامية وفيديو يعيد تصوير المشهد كما كان في العصور القديمة.

تتضمن المعروضات آنية فخارية وأطباقاً، ومنزلاً يعود إلى القرن الأول ميلادي ظهرت فيه بقايا حوضِ غمر بارد وحمام حراري. وتوضح شاشات الوسائط المتعددة خطوات الحفر والاكتشاف التي أدت إلى الكشف عن هذه العناصر.

محطة بورتا مترو نيا تقبع في بيازالِة إيبونيو، بجوار الأسوار الأورليانية التي بُنيت بين 271 و275 ميلادي. كشفت الحفريات هناك عن مجمع عسكري مترامي الأطراف طولُه نحو 260 قدماً يعود لغاية القرن الثاني قبل الميلاد، ويشمل بيت قائد مزيناً بجداريات وموزاييكيات محفوظة جيداً. أعيد تصميم المحطة لتحتضن هذا المجمع بدلاً من طمْسه.

يقرأ  ترامب: متاحف سميثسونيان تعرض فقط مدى بشاعة الرق في الولايات المتحدة

ثمة خطط لإضافة محطات أخرى على الطراز المتحفي، ليصل عدد المحطات من هذا النوع على خط C إلى ست محطات تشمل سان جيوفاني، فينيزيا، تشييزا نوفا، وسان بيترو.

«روما أصعب المدن في العالم لبناء مترو فيها»، هكذا قال ماركو تشيرفونّي، مدير الأعمال في المحطتين الجديدتين، مشدداً على أن المشكلة ليست فقط فيما تحت الأرض بل أيضاً فيما فوقها. وفي حالاتٍ كثيرة اضطر العمال إلى الحفر يدوياً حفاظاً على حساسية الموقع الأثري.

المحطات المستقبلية ستمر تحت مواقع تراثية إضافية تشمل عمود تراجان، وكنيسة ماكسنتيوس، وعمائر وقصور وكنائس عصر النهضة، وصولاً إلى الفاتيكان.

شركة البنية التحتية الإيطالية Webuild، بالتعاون مع مجموعة البناء الإيطالية Vianini Lavori، تتولى أعمال تنفيذ هذه المحطات.

قال بيترو ساليني، الرئيس التنفيذي لـWebuild: «إن تسليم محطتي كولوسيّو/فوري إمبرطوري وبورتا مترو نيا يمثل لروما ولإيطاليا محطة استراتيجية تجمع بمنهج نموذجي بين التقدّم في البنى التحتية والحفاظ على تراثنا».

أضف تعليق