بالنسبة إلى سيسيل كوني، يعيش السحر في ما يغفل عنه الناس. ثمة متعة في لحظة يتحول فيها جسم جامد إلى شخصية نابضة، وفي إحساس الاستقلال الذي يتصاعد حين تكتشف فتاة قوتها الخاصة. العزاء الذي يقدمه شيء ما حين يواسي بدل أن يطالب ثمين لا يُقدر بثمن.
هذه الأغلال البصرية هي لبُّ عالمها الإبداعي، وهي أيضاً الأساس لفيلمها القصير «سد الفجوة» الذي عُرض بمناسبة اليوم الدولي للفتاة الشهر الماضي.
شارك في إنتاج الفيلم مؤسسة إفوكا التي تركز على التعليم والعمل المناخي ودعم النساء والفتيات، ومبادرة جيجا التي تهدف إلى ربط كل مدرسة بالانترنت. اليوم، هناك 122 مليون فتاة خارج التعليم حول العالم، وتسع من كل عشر فتيات مراهقات في البلدان منخفضة الدخل يفتقدن الوصول إلى الإنترنت، بينما فرص الاتصال لدى أقرانهن من الذكور أعلى بضعف تقريباً.
يُعيد «سد الفجوة» تأطير هذا التفاوت ليس كحقيقة بائسة فحسب، بل كنداء للعمل؛ يصوّر الوصول الآمن والميسور إلى الشبكات كحق أساسي لا امتيازًا.
بدأت علاقة سيسيل بالمشروع بصدفة محببة. تشرح قائلة إن «باندورا هايدون من مؤسسة إفوكا تواصلت معي، فقد شاهدوا أعمالي على It’s Nice That، وهاجسُ اسمي (Girlsandparks) والعالم الذي بنَيْته نالا صدى لديهم. تكلمنا عن المشروع ووجدنا أن ثمة انسجامًا فوريًا».
كان هذا الانسجام طبيعياً لأن وضع الفتيات في قلب السرد عند سيسيل فعل سياسي بحد ذاته. بالنسبة إليها، تركيزها عليهن هو وسيلة لمنحهن مساحة، لإثبات وجودهن وحقهن في أن يُرى صوتهن. من خلال رواية قصصهن، تسعى لتقديم رؤى تختلف عن زوايا النظر التقليدية التي تمسك بمقاعد السلطة.
منطق الأحلام
تستلهم اللغة البصرية في «سد الفجوة» كثيرًا من عشق سيسيل منذ الطفولة للأنمي القديم. تقول: «لطالما أسرني مفهوم الفتاة السحرية؛ ذلك الشعور بالاستقلال والإشعاع حين تكتشف الفتيات قدراتهن. أردت لهذا العمل أن يكون بوبياً حالماً وساحراً، بصرياته ناعمة ومنعشة في آنٍ واحد، بهدف استدعاء الدهشة والحنو».
ولا تقل أهمية أسلوبها المميز في إضفاء الحياة على الأشياء؛ تقنية قد تُظن طريفة لكنها تحمل ثقلًا عاطفيًا مفاجئًا. «أحب أن ألمس روحًا ما في الأشياء،» تلاحظ. «ومنحها حياة يسهم في سرد عاطفي أقوى وفي ترتيب مسرحي مرِح. أنا جمعّة لأشياء ظريفة متجسمة، وأعشق حين يكتسب شيء لم يطَرَّق للعيون عيونًا فجأة؛ يتزلزل وقعها، ونصبح قادرين على إسقاط مشاعرنا عليها والاهتمام بما قد يبدو تافهاً. يفتح ذلك مساحة لتأويل مزدوج.»
موازنة هذه العناصر المرِحة مع ثِقَل الرسالة تتطلب حرفة مدروسة. تصف عمليتها الإبداعية بأنها فطرية إلى حد تشكّل وصفة صغيرة؛ تحاول ضبط توازن اللعب والطيبة حسب الرسالة المراد إيصاله. أحيانًا تُدخِل تعابير أكثر حيادية أو جدية، أو مشاهدٍ تصبغها الطبيعة اللوحية لتباين لحظات أبسط أكثر سذاجة.
اختارت التحريك خصيصًا لقدرة هذا الوسيط على إحداث رنين عاطفي. «هو طريق لأعبر عن مشاعر أجد صعوبة في نقلها عبر اللوحة الثابتة،» تقول. «نحن نعيش في عالم رقمي حيث للصور المتحركة وقع قوي. الحركة تصنع السحر: هي غامرة وذات تأثير عاطفي قوي من منظوري.»
تتجلى هذه الخاصية الغامرة في فائدة واضحة عند تناول مفاهيم مجردة مثل العدالة الرقمية؛ فليس التحريك مجرد عرض للمشكلة، بل يجعل المشاهد يشعر بها ويندفع داخل العالم الذي بنتُه سيسيل.
واقع معقّد
رغم كل الدهشة في «سد الفجوة»، تظل سيسيل واعية لتعقيدات الوصول الرقمي. «الإنترنت يمكن أن يكون رائعًا ومؤذيًا في آنٍ معًا،» تقول. «أنا مُدركة جيدًا لمدى قدرة الشبكات على خلق الادمان، ولكيفية تعرض الشباب بسهولة لمحتويات خطرة أو ضارة.»