لا وجود لما يُسمَّى «العلامة المضادة» — وأنت تعلم ذلك

تحب صحافة التصميم أن تتهافت بحماس للإبلاغ عن صعود «العلامة المضادة» — تلك الهويات الظاهرة كأنها خام وغير مصقولة وبلا تصنُّع، التي تُقدَّم كرفض للملمس المؤسسي الأملس. لكن ما لا يقوله أحد بوضوح هو التالي: العلامة المضادة ليست سوى عملٍ تَبرزه الآليات الدعائية بشكل أفضل.

خذوا مثال مطعم جولين في شمال لندن، الذي اشتهر بتكليفه لمصمم غرافيك أن يصمم شعارًا مرسوما على يد ابنه البالغ ست سنوات. رُوِّج لذلك كرمز للبساطة الساذجة ورفض الامتلاء الزائد بالتصميم. إلا أن الواقع مختلف: كان قرارًا مدروسًا بعناية من مصمِّم محترف، اختير من بين نسخ متعددة، ونُفِّذ عمداً لإيحاء تموضع معين في السوق. هذا ليس «ضدّ العلامة»؛ هذا ببساطة علامة تجارية تعمل بعقل.

غلاف ألبوم شارلي إكس سي إكس Brat — خلفية بلون الأخضر الليموني، نص أريال ضبابي، توزيع كلمات مقصود غير متناسب — احتُفي به كعمل مضاد للتصميم، كرفض منعش للصقل. الواقع أنه صُمِّم بعناية ليلامس الحنين ويحقق تأثيراً على الإنترنت، بُني ليتناسب مع لقطات الشاشة وثقافة الميمات. «البشاعة» كانت الهدف المقصود. تحول إلى واحدة من أكثر الهويات البصرية تميّزًا وتقليدًا في ذلك العام. هذا ليس مضادًّا للتصميم؛ إنه تصميم فهم المطلوب فبدت عمليةً وبسيطة.

هل تذكرون حملة باتاغونيا الشهيرة «لا تشترِ هذا المعطف»؟ في الجمعة السوداء 2011 نشروا إعلانًا كامل الصفحة في صحيفة نيويورك تايمز يطلب من الناس ألا يشتروا منتجاتهم. ثوري! علامة مضادة! والواقع أن تلك كانت ربما أذكى مناورة براندينغ في العقد؛ عززت كل قيمة عملوا على بنائها سنين — المسئولية البيئية، الجودة بدل الكمية، الاستهلاك المدروس. المبيعات ارتفعت والحملة فازت بجوائز. تلك ليست مناهضة للعلامة، بل استراتيجيه علامة عبقرية متنكرة في صورة مناهضة للاستهلاك، وأثبتت أن التركيز على الجوده والالتزام بقيم معلنة يُنتج أثرًا حقيقيًا.

يقرأ  هل تهتمّ بالعلامة التجارية أصلاً؟ أساسيات العلامة التجارية بحسب هوغو موريسي

حتى سخرية غافين نيوزوم من ترامب — إطلاقه متجر “PATRIOT SHOP” مع قبعات مكتوب عليها «نيوزوم كان محقًا في كل شيء!» ونسخ من الإنجيل «موقعة من قِبَل حاكم أمريكا المفضل» — ليست محاولة لتفكيك علامة ترامب؛ بل اختطاف للعلامة. لم يُدمّر إرث ترامب، بل استغلّوا رصيدها بإعاكاس إشاراتها. إنها استراتيجية براند متقنة مقنّعة في هيئة عرض عفوي؛ ونتيجتها اكتساب مئات الآلاف من المتابعين الجدد.

الحقيقة أن كل مرة يُصمَّم فيها شعار متعمد الخشونة، أو يُطلب من الزبائن ألا يشتروا، أو تُعرَّض العلامة بانطباع «أصلي وغير مصقول»، فإنما تكون خيارات محسوبة في إطار بنية العلامة التجارية. ببساطة اكتشفوا أن جمالية الأصالة — أو أداء مناهضة الرأسمالية — لها قيمة سوقية لدى جمهورهم. هذا ليس تمردًا، بل بحث سوقي واعٍ.

المشكلة الحقيقية ليست أن العلامات تتحول إلى «مضادة للعلامة». المشكلة أننا قررنا جماعياً أن نَتظاهر بأن بعض استراتيجيات العلامة ليست براندنج لمجرد أنها توظف مؤشرات مختلفة. تسمية شيء ما «علامة مضادة» بحد ذاتها خطوة براندينغ — تُشير إلى رأس مال ثقافي، ووعي ذاتي، ومسافة ساخرة.

واليقعة المزعجة: معظم هذه «العلامات المضادة» تُنتَج في وكالات باهظة التكلفة نفسها، ضمن نفس الأطر الاستراتيجيه، وبنفس الدقّة المهنية التي تُستخدم في العمل المؤسسي التقليدي. الفارق الوحيد هو المظهر البصري. استبدلنا الهيلفيتيكا بخط مرسوم باليد، لكن العملية واحدة.

وهذا أمر هام لأننا عندما نبني أساطير حول «مناهضة البراندينغ» نكذب على أنفسنا بشأن كيفية عمل العلامات فعلاً. نتظاهر أن هناك مساحة أصيلة سحرية خارج الاستراتيجية التجارية، بينما هي في الحقيقة مجرد خيار تموضع آخر على طيف العلامة: اختيار المُهترئ بدل المصقول، الحروف الصغيرة بدل الكبيرة، «الواقعي» بدل «الطموحي» — كلها قرارات تكتيكية لخدمة التمايز.

يقرأ  لماذا لا يحقق تدريبكم الحالي لمنع التحرش النتائج المرجوة؟

العلامات التي تفوز اليوم ليست تلك التي تتظاهر بأنها ليست علامات. بل تلك الصادقة مع نفسها والتي تفهم جمهورها بما يكفي لتقدّم له ما يريد. سواء كان اللون أخضر ليموني أو خربشة طفولية، المسألة ليست الشكل بحد ذاته. كله ضمن نطاق العلامة.

فلنكف عن تسمية الأشياء «مضادة للعلامة» كلما رأينا مظهرًا لم يُستغل على نطاق واسع بعد. لنعترف أن شعار الطفل ذي الست سنوات ربما كان مشروعًا استراتيجيًا تكلف مئات الآلاف من الدولارات. ولنُقرّ أن حتى الهوية المتعمدة الخشونة احتاجت إلى قرار واضح بشأن مدى الخشونة، وأين تُوظّف، ولماذا تخدم أهداف العمل.

لا وجود لشيء يُدعى «العلامة المضادة». هناك علامة تجارية فقط. والتظاهر بعكس ذلك هو أذكى خطوة براندينغ يمكن القيام بها.

أضف تعليق