مارينا أبراموفيتش: تدخل قيّم المعارض كلاوس بيزنباخ كاد أن يجهز على عرضي «الفنان حاضر»

ماذا لو لم تُقَدّ بهذه السهولة واحدة من أقوى أحداث فن الأداء في القرن الحادي والعشرين؟ ماذا لو أجهض قيّم متشائم أداءً جذب نحو 1500 زائر، قضى بعضهم ساعات متواصلة أمامه؟ هذه الأسئلة يثيرها حوار لويس ثيرو مع أسطورة الأداء مارينا أبراموفيتش على بودكاسته.

في خضم التحضيرات لمعرضها Balkan Erotic Epic، جلست الفنانة الأسطورية مع المخرج والصحافي البريطاني المعروف بأفلامه الوثائقية، وتبادل الاثنان الحديث عن مسارها وأفكارها الفنية.

كلاوس بيزنباخ—وكان آنذاك كبير الأمناء الفنيين في متحف الفن الحديث بنيو يورك—دعا أبراموفيتش لأن تكون محور أول ريتروسبيكتيف لأعمال الأداء في المؤسسة عام 2010، بعرض نحو خمسين عملاً يغطيان مسيرتها كاملة، شملت أيضاً إحياء قطع تاريخية كانت حبيسة الوثائق فقط. لكن عنوان العرض المقترح من بيزنباخ منحها فكرةً أخرى.

العرض سُمي «الفنان حاضر» تلمسياً للجملة المتداولة في بطاقات الدعوات لافتتاحيات المعارض، «سيكون الفنان حاضراً». ولدى سماعها ذلك قالت لأحد المحاورين: «حين قال ذلك أدركت فوراً ما سأفعله». كان بإمكانها أن تكتفي بالنسق التقليدي: الحضور في الافتتاح، اللقاء بالأصدقاء القدامى، عشاء لطيف، والانصراف بضمير مرتاح بعد عرض ناجح في متحف مرموق.

لكنها اختارت أن تُظهِر «قوة التحول في الأداء». أرادت أن تكون هناك يومياً، لعدد محدد من الساعات، بلا حركة، فقط جالسة على كرسي ومقابِلها طاولة، لترى ما سيحصل — تجربة قائمة على الصمود والمواجهة الصامتة.

حين طرحت الفكرة، قوبلت بردٍ مبدئيٍ ساخِر من بيزنباخ: «أنتِ مضحِكة؛ هذا نيو يورك، لا وقت لأحد للجلوس على هذا الكرسي. سيكون الكرسي خالياً». لكن الواقع خالف توقعه: الكرسي لم يكن أبداً فارغاً.

بيزنباخ، الذي يشغل الآن منصب مدير المتحف الوطني الجديد في برلين، لم يرد فوراً على رسالة بريد إلكتروني تطلب اجابة.

يقرأ  غارات إسرائيلية على غزة إثر اتهام حماس بخرق الهدنة

نيو يوركِيّوْن أمضوا وقتهم مع العمل: زائر جلس طوال اليوم مقابل الفنانة، آخرون ذرفوا الدموع. شريكها السابق في الفن والحياة، الفنان الألماني أولاي، انضم إليها في لحظة أصبحت أيقونية. وظهر أيضاً تِه تشينغ هسييه، رمز آخر من رواد عروض التحمل والمدة الطويلة، ليقدم تحية زميلية.

كتبت كريستين سوينسون في Art in America: «كل ساعة يفتح فيها المتحف، تجلس صامتة تحت أضواء كليج عند طاولة خشبية بسيطة في بهو المتحف. يُدعى مرتادو المتحف للجلوس مقابِلها. حين زرت الأداء، بدا سكونها التأملي مُغيراً حقاً. توقّف المراهقون عن إرسال الرسائل؛ تضامنت المجموعات الثرثارة للحظة… لتتأمل الفن. أناس أكثر سيشهدون هذا الأداء مما شهِدوا أبراموفيتش في كل حياتها—ورواياتهم عنه ستكون، كالعادة، التوثيق الأكثر حيوية للعمل.»

أعادت أبراموفيتش تجسيد العمل في 2022 لصالح مزاد خيري يهدف إلى دعم جهود منظمة Direct Relief في أوكرانيا، مؤكِّدة بذلك قدرة الأداء على التجدد والحضور كفعل إنساني وتواصلي.

أضف تعليق