بطول ستة أقدام، تَرتَفِع «كاتسكواتش» فوق مبدعـتها شيااما غولدن: كَتَلٌّ من القطط المنزلية بمختلف الأشكال والألوان — الروسي بلو، ماين كون، سيامي، بنغال، تابّي، تورتويزل، التاكسيدو، السيبيري، سنو شو، والغابة النرويجية — متشابكة بحيث تشكّل جسد يتيٍّ هائلٍ يزحف عبر غابة مغطاة بالثلج. بغضّ النظر عن المقاييس والمهارة، تُضفي «كاتسكواتش» سحراً طفولياً وغَرابة لطيفة — وربما تذكّر المرءَ بالمحادثة الطريفة بين غولدن وشريكها صانع الأفلام بول تريلو التي ولّدت الفكرة.
«في أحد شتاءاتٍ كان الطقس فيه سيئاً وكنا عالقين في البيت، قررنا أن نكتب قصة معاً»، تقول غولدن. «قمنا ببساطة بخلط الأشياء التي نحبّها: اليتيس، والساسكواتش، والقطط؛ فخرجت الإجابة: كاتسكواتش!»
تخيل تريلو قطاً عملاقاً بحجم غودزيلا؛ بينما فضّلت غولدن أن تكون الشخصية نَهرًا هائجًا من القطط. ما بدأ كمزحة عابرة تحوّل إلى عمل حبّ استمر لشهرين، حتى غدا شقّ غولدن الصغير في بروكلين ورشةً لها وهي تصوّر الشخصية بالزيت واقفةً على كرسي المطبخ لتصل إلى كانفاس بحجم حائط غرفة المعيشة. في نهاية المطاف، تخطّط غولدن لتحويل «كاتسكواتش» إلى كتاب مصوَّر للأطفال — حكاية عن قطط تهرب من بيوتها بحثاً عن الاستقلال، فتتحدّ لتكوّن وحشاً يهدّد البلديات والسلطات الحكومية — ربما تكون استعارة موجّهة للمراهقين. إيجاد مساحة للعمل على كل ذلك قد يشكّل إشكالية؛ وحتى لو استطاعت تحمل إيجار استوديو، فإن الانتقال إلى مكان آخر للرسم سيستلزم منها ارتداء ملابس تليق بالذهاب إلى العمل، وهذا ليس أسلوبها. ومع ذلك، يبدو إنجاز الكتاب أمراً مؤكّاً: سنوات خبرتها في التصميم الجرافيكي التجاري وتصميم الخطوط والرسوم التوضيحية جعلتها مستعدة لصنعه بنفسها.
لا تزال بطاقات أعمالها المطبوعَة برسائل الطباعة التقليدية تحمل رسمة لاما مألوفة بنظارات سميكة الطوق وأنيقة-المظهر، وفقاعة كلام توضح أن اسم شياما «يتناغم مع لاما». إنها نكتة لطيفة تُرسّخ اسمها في الذاكرة وتذكّر بأن حيوان القمالة الذي رسمته كان في طليعة حمى اللاما. وتي‑شيرت الطباعة الحريرية الذي صمّمته في أوستن في مطلع الألفية وجد صدىً واسعًا وغير متوقعٍ في نفوس محبّي الثقافة الغيكية المفرحة.
هذا التزاوج الرقيق بين الخيال الطفولي والاجتهاد الدؤوب هو سمةٌ بارزة في الكثير من أعمال غولدن الأولى. كانت تعمل حتى وقت متأخر من الليل إلى جانب وظيفتها بدوام كامل في مجلة تكساس مانثلي (نشأت غولدن في تكساس، وكذلك في نيوزيلندا وسريلانكا حيث وُلد والدَانِها). من بين أعمالها لوحة زيتية بقياس 6 × 5 أقدام بعنوان «هوم سويت براشيوسورس»، تُصوّر فيها عائلة نووية مثالية، حوالي عام 1956، تجلس لتناول العشاء داخل بطن ديناصور بينما البراكين المجاورة تُشيع بشائر الانقراض الشامل؛ ولوحة أخرى بعنوان «العمليات السرية» تُظهر مجموعة من مُشغلات الحواسيب في ستينيات القرن الماضي يعملن على الحواسب العملاقة داخل بطن سمكة كبيرة ذو وجه حزين. لأجل الأخيرة، قرأت غولدن عن نساء في بدايات عالم الحوسبة ودرَست صور لاري لوكهام، مدير العمليات في مركز بيانات بيل لابز في أوكلاند أواخر الستينيات وبدايات السبعينيات. ولا ريب أنها غاصت أيضاً في علم الأسماك لتختار السمكة المناسبة. البحث الشامل جزءٌ من عملية غولدن الإبداعية وفي الوقت نفسه وسيلةٌ للهروب منها.
الأمر يكاد يكون في جيناتها.
والدا غولدن عالِمان: كان والدها كيميائياً وعالِم تربة عمل ضمن فريق ناسا المُكلف بكوكب المريخ؛ أما والدتها فدرست علم الحشرات لكنها لم تستطع التوافق مع فكرة قتل أعداد هائلة من الحشرات فانتقلت إلى تخصص علم المناعة. في بيت العائلة كانت تُعلّق صور مجهر الإلكترون المؤطرة على الجدران كأعمال فنية، وكانت غرفة نومها مزينةً سوى بلافتات ناسا.