ما وراء الشواطئ هيلين بيركيت توثّق وحدة المدن الأسترالية المنسية

تُصوّر الصورة العالمية لأستراليا على نحو نمطي من خلال شواطئ مشمسة وأفق مدن يلمع تحت الشمس، لكن من زار البلاد يعرف أن هذه اللقطة لا تمثل سوى جزء يسير من بلد بمساحة قارة. المصوِّرة هيلين بيركِت تنتمي بوضوح إلى هؤلاء الزائرين المطلعين.

في سلسلتها الأخيرة، حرّفت عدستها عن الصور البطاقية المألوفة لتوثيق سرد أكثر هدوءاً وتعقيداً. تحمل مجموعة “أستراليا المهجورة” جمالاً حزيناً للمُدُن المهجورة والمباني المتداعية المنتشرة في المناطق الريفية بفيكتوريا وجنوب أستراليا. أماكن معلقة بين الماضي والحاضر؛ لا تزال تتنفس، وإن بخفوت.

بدأ المشروع بالمصادفة. سافرت الى أستراليا في مارس 2025 لتوثيق فن الصوامع — جداريات ضخمة رُسمت على صوامع الحبوب لجذب السياحة ودعم مجتمعات ريفية تواجه صعوبات — لكن عند وصولها إلى محطتها الأولى لفتتها مشاهد أخرى.

«لم أنوِ تصوير الأماكن المهجورة في أستراليا»، تشرح هيلين. «في البداية كنت متجهة لتصوير أمثلة فن الصوامع الذي أثار اهتمامي. لكن عند وصولي إلى البلدة الأولى التي تضم جداريات، صدمت بنماذج مبانٍ تُركت لتتداعى. التباين بين الفن النابض وهذه البنى المهجورة أشعل شيئاً في داخلي. رغم سكون البلدة، كانت هناك حياة. هكذا بدأت رحلتي في استكشاف الأماكن المهجورة.»

تكشف هذه المصادفة مبدأ جوهري للمبدعين: الانفتاح على المسارات غير المتوقعة. الاستعداد للتخلي عن الخطة الأصلية أفضى لدى هيلين إلى عمل يبدو أكثر صدقاً وذو عمق عاطفي مما قد يثمر عنه أي تصور معد سلفاً.

ثقلٌ عاطفي

يشكّل خلفيتها المعمارية وماجستيرها في الفنون إطاراً لمنظورها تجاه هذه الفراغات المنسية. كل لقطة لا تلتقط الانهيار المادي فحسب، بل أيضاً الحمل العاطفي لأماكن كانت تزدهر يومًا ما. محطات وقود متقادمة، موتيلات مُغلقة وحانات خالية تقف كشهود صامتين على تحولات اقتصادية، تحديات بيئية وهجرة داخلية سحبت الحياة من مدن الريف الأسترالي.

يقرأ  مجلة جوكستابوز: «آبل رودريغيز — الصمود» في معرض تشارلي جيمس، لوس أنجلوس

«كان الأمر تجربة صادمة»، تتأمل هيلين عند مواجهتها لهذا الواقع. «أتيت ومعي صور مسبقة، مبنية على ما رأيته على الإنترنت: شواطئ جميلة، ركاب أمواج، وحيوانات الكانغارو. لكن ما صادفته كان أعقد بكثير. كنت أجهل الكثير عن تاريخ أستراليا، وعندما بدأت أرى بقايا مدن سابقة ومبانٍ مهجورة ومناظر طبيعية هادئة خاوية، شعرت بنوع من الكشف. تذكرت كم أن الهوية الحقيقية للأماكن غالباً ما تختبئ تحت السطح، بعيداً عن صور البطاقات السياحية المثالية.»

تكشف هذه الملاحظات درسا مهماً لسرد القصة البصرية: القصص الأكثر قوة كثيراً ما تكمن خارج التمثيلات السائدة. بينما يركز تصوير السفر عادة على معالم الوجهة، وجدت هيلين معنى أعمق في ظلالها.

العملية الإبداعية

منهج هيلين في العمل بسيط ومنعش. بدلاً من التخطيط الموسع أو البحث المطوّل، تعتمد على الحدس والملاحظة. عن اختيار الموضوعات تقول: «في الغالب كان مزيجاً من الصدفة والحظ. كثير من المباني المهجورة التي صادفتها كانت في بلدات زرتها أصلاً من أجل فن الصوامع أو مررت بها عرضياً.»

ومن اللافت أنها حذِرة في لغة وصفها لهذه الأماكن، متجنبة مصطلحات مثل “مدينة أشباح” التي توحي بالهجران الكامل. «مصطلح ‘مدينة أشباح’ يوحي عادةً بمكان مهجور تماماً وخالٍ من الحياة»، تقول. «لكن ما واجهته في أستراليا كان أعقد بكثير. كثير من هذه البلدات بعيدة عن كونها فارغة تماماً؛ قد تكون هادئة، لكنها لا تزال مأهولة، وإن كان بكثافة منخفضة.»

«نهجي في الأساس رصدي»، تضيف. «لم يكن هناك الكثير من الناس في البلدات التي زرتها. بالنسبة إلي، يكمن الجمال في وحدتها الصامتة، وفي الحكايات التي تكشفها الجدران المتآكلة والزوايا المهجورة — قصص عن ازدهار وانهيار، عن صبر المكان واحتمائه بأثر الزمان.»

يقرأ  لوحات قلم الرصاص الرائعة لكِي ميغورو تشبه الصور الفوتوغرافية بالأبيض والأسود — تصميم تثق به · تصميم يومي منذ 2007

أضف تعليق