جناح الولاات المتحدة في بينالي البندقية يواجه موقفًا حرجًا بعد تراجع اقتراح الفنان روبرت لازاريني والقيّم المستقل جون رافينال، وفق تحقيق نشرته صحيفة واشنطن بوست.
أبلغ رافينال في أوائل سبتمبر عبر بريد إلكتروني ومكالمة هاتفية من وزارة الخارجية الأميركية — الجهة المسؤولة عن دعوات تقديم المقترحات لمساهمة الولايات المتحدة في البينالي — بأن اقتراحهما قد تم اختياره.
تعاونا سابقًا في أول معرض منفرد مؤسسي للفنان بمتحف فيرجينيا للفنون الجميلة في ريتشموند عام 2003. وقد قدما مقترحهما هذه المرة من دون شريك مؤسسي، وهو أمر نادر بالنسبة لجناح الولايات المتحدة.
بعد إعلان فوزهما طُلب منهما العثور على متحف يدعم المعرض؛ وبحسب التقرير عثرا على متحف الفن المعاصر بجامعة جنوب فلوريدا، الذي نظم معرضًا مشتركًا للازاريني عام 2019.
إلا أن المفاوضات بين الجامعة ووزارة الخارجية انهارت في أواخر سبتمبر، قبيل إغلاق حكومي محتمل. وقال لازاريني للصحيفة إنه يعتقد أن المسألة تتعلق بـ«فشل اندماج بيروقراطيتين»، لا بخلاف أيديولوجي؛ وفي نهاية المطاف سُحب المقترح الفائز.
امتنعت وزارة الخارجية عن التعليق للصحيفة، وردود طلبات ARTnews للتعليق من الوزارة والجامعة لم ترد فورًا. ولازاريني أحال استفسارات ARTnews إلى رافينال الذي لم يرد حتى موعد النشر.
قالت ألثيا جونسون، متحدثة باسم جامعة جنوب فلوريدا، إن الجامعة «ممتنة لاختيار مقترحنا لتمثيل الولايات المتحدة»، لكنها «لم تتمكن من قبول المنحة من وزارة الخارجية لأسباب عدة»، من بينها ضيق الجدول الزمني والالتزامات المالية المطلوبة لإنجاز المعرض.
قدما المقترح بعد قراءتهما تقريرًا في Vanity Fair أثار تساؤلات حول وضع جناح الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن وزارة الخارجية أضافت هذا العام شرطًا يفيد بأن الأعمال يجب أن «تعكس وتعزز القيم الأميركية» و«تُعزز علاقات سلمية بين الولايات المتحدة والدول الأخرى».
وبحسب الصحيفة، شهد هذا العام تغييرًا مهمًا آخر: تقليديًا كان اختيار المقترح الفائز يتم عبر لجنة استشارية للتظاهرات الدولية تُشكلها المؤسسة الوطنية للفنون ووزارة الخارجية، لكن تعديلات إدارة ترامب على الجهاز الحكومي أدت إلى استبعاد المؤسسة الوطنية للفنون من عملية الاختيار، فتولّت وزارة الخارجية العملية كاملةً. وبررت المؤسسة ذلك بضيق الزمن والتنقلات في الطواقم.
أعلن فنانون وناشطون، من بينهم أندريس سيرانو ومدوّن يميني متطرف، عبر وسائل عامة عن مقترحات لجناح الولايات المتحدة، غير أن الأمر لم يتضح ما إذا كانوا قدموا طلباتهم رسميًا عبر بوابة التقديم أم لا.
إنتاج جناح أميركي كل دورتين يتطلب ميزانية كبيرة؛ تمنح الحكومة الفيدرالية منحة محدودة تبلغ 375,000 دولار، فيما تتطلب المعارض فعليًا أموالًا بالملايين. ويُخصص نحو 125,000 دولار لمجموعة بيغي غوغنهايم في البندقية التي تدير الجناح. بلغت ميزانية نسخة 2024 حوالى 5 ملايين دولار، فيما كلف جناح 2022 نحو 7 ملايين وفق نيويورك تايمز. وذكرت الصحيفة أن ميزانية لازاريني كانت مقررة بحوالي 5 ملايين.
بوصفه القيّم، كان من المقرّر أن يتولى رافينال جمع هذه الأموال، وهو أمر صعب لغياب ارتباطه المؤسسي الحالي — رغم أن سيرته تتضمن مناصب سابقة منها مدير متحف ديكوردوڤا وحديقة النحت وكقيّم للفن الحديث والمعاصر بمتحف فيرجينيا للفنون الجميلة.
عند موافقة جامعة جنوب فلوريدا كشريك مؤسسي، وضع عقد المنحة الجامعة مسؤولية تغطية نحو 4.75 مليون دولار، أي المبلغ الذي لا توفره وزارة الخارجية. وكان لا بد من توقيع هذا العقد حتى يُبلغ رافينال المانحين بالفوز ويبدأ حملات التمويل، لكن الجامعة اشترطت قائمة بالتزامات المانحين قبل التوقيع.
كان اختيار لازاريني مفاجئًا إلى حد ما لأن الجناح غالبًا ما يُمنح لفنانين بملفّاتٍ أكثر بروزًا وطولًا على المستوى المؤسسي. من بين الممثلين الأميركيين المعاصرين أسماء من طينة «بلو تشيب» مثل جيفري جيبسون، سيمون لي، مارك برادفورد، جوان جوناس، وإد روشا.
وبالإضافة إلى عروض متحف فيرجينيا للفنون (VMFA) ومعارض جامعة جنوب فلوريدا، يسرد السيرة الذاتية على موقعه الإلكتروني — التي جرى تحديثها أخر مرة عام 2021 — معارض فردية في متحف المِنت في شارلوت (2018)، ومتحف الفن الحديث في فورت وورث بتكساس (2011)، ومؤسسة FLAG للفنون في نيويورك (2010)، ومتحف ألدرتش للفن المعاصر في كونيتيكت (2009).
شارك أيضاً في عدد من المعارض الجماعية لدى مؤسسات مثل متحف تانغ التعليمي وصالة الفنون ومتحف بيبودي إيسيكس، وكذلك لدى صالات تجارية مثل ذا هول ومارلبورو تشيلسي على مرّ السنين. وأكثر ما لفت الانتباه كان بينالي ويتني عام 2002؛ إذ وصفت الناقدة روبرتا سميث مشاركته بأنها «مبتذلة ومبنية على الحِيَل الاستعراضية».
قدّم تقرير صحيفة الـبوست تفاصيل عما كان سيبدو عليه الجناح الأميركي: ملء المبنى النيوكلاسكي بأشياء مرتبطة بمفهوم الأمة الأميركية — من الأعلام الأميركية وتماثيل جورج واشنطن ومدافع حرب أهلية — كلها مُعاد تشكيلها بحسب لغة الفنان المميزة المشوّهة. وكان مقرّراً نصب تَاج علم ضخم على شكل نسر خارج الجناح، ليعوق جزئياً رؤية الواجهة بشكلٍ كامل.
ويقرأ مقترح رافينال، بحسب الـبوست، «مع اقتراب الولايات المتحدة من الذكرى الـ250 لتأسيسها في 2026 … هناك حاجة إلى مشروع فني يفعل أكثر من مجرد عرض المواهب — عليه أن يحفّز التناول النقدي للرموز والمثل الأميركية في زمن التغيّر الكبير».
أعلنت العديد من الدول بالفعل ممثليها في البينالي، من بينهم لوبينا هيميد عن بريطانيا، إيتو بَرّادة عن فرنسا، هينريكه ناومان وسونغ تيو عن ألمانيا، عباس أخافان عن كندا، وأماندا هينغ عن سنغافورة. (تمتلك الدول مهلة حتى 19 يناير لتقديم أجنحتها رسمياً إلى بينالي البندقية.)
واجه الجناح الأسترالي جدلاً خاصّاً؛ فقد تم اختيار الفنان خالد سابسبي في فبراير، لكن بعد الإعلان ألغت هيئة Creative Australia تعيينه، مما أثار احتجاجات واسعة. ثم أعيد تعيينه في يوليو ومنحته الهيئة منحة قدرها 100,000 دولار لمعرضٍ مقررٍ في أكتوبر 2027.