كانت رحلة مادسن البحثية عن مسارها الفني مليئة بتجارب تعليمية غنية. تقول مادسن: «عندما دخلت البرنامج لم تكن لديّ مهارات قوية في الرسم الزيتي. في السنة الأولى اقتصرت عمليًا على الرسم الخطي لأنني كنت أفهم فقط المبادئ التي تُدرَّس في دروس الرسم، فتجنّبت الرسم بالألوان بمفردي».
ومع بداية ممارستها للتلوين، تحرّرت مادسن من الاعتماد على المراجع الفوتوغرافية وتوجَّهت نحو المساحات والشخصيات المتخيلة في ذهنها. «هذه اللغة الأسلوبية هي التي نشأت من ذلك»، تشرح. «إنها الطريقة الطبيعية التي أرسم بها».
ابتعدت شخصيات مادسن في النهاية كثيرًا عن الواقعية الفوتوغرافية؛ فقد باتت نسبها غير مألوفة في كثير من الأحيان—أصابع طويلة جدًّا أصبحت سمة من سمات أعمالها—وغالبًا ما تمتدّ هذه الأجساد أو تنطوي على مساحة اللوحة. تعكس هذه الخيارات الموضوعات التي تتعامل معها مادسن؛ فالأصابع الطويلة قد تمثل أنماطًا مثالية من الأنوثة، ووضعيات الشخصيات تتحدث عن ذكريات الطفولة وعن مرحلة النضج الجسدي التي تجعل المرء يخرج عن بعض البيئات. «من الواضح أنها شخصيات بالغة داخل مساحات عادة ما تُخصَّص للأطفال»، تقول مادسن. «عندما أتذكر تلك الفترة من حياتي، أتذكر اللحظة التي أصبحت فيها واعية بجسدي بطريقة مختلفة — كيف يوجد جسدي في الفراغ، أو كيف قد يراه الآخرون في سياقات معينة».
وتضيف: «فكرة النمّوّ والانبثاق والامتداد متكررة في الكثير من تكويناتي؛ أحاول أن أضخم هذا الإحساس».
الرسم يشكل عنصرًا أساسيًا في عملية مادسن؛ تبدأ كل لوحاتها كرُسومات، وغالبًا ما تُعيد رسم المشهد مرارًا حتى يعكس بصريًا المشاعر المرتبطة بالتجربة التي ألهمت العمل. عن رسوماتها تقول: «أعيد تكوينها مرارًا وتكرارًا لدفع حدود كيف يمكنني توسيع ووضع الجسد داخل التكوين».
هذا ما يهمني في هذه القطع — المزيد من الغموض قليلًا، بحيث تضطر للجلوس مع العمل مدة أطول لتفهم ما يجري.
خذ لوحة «اثنان يمكنهما اللعب» كمثال على كيف تتبدل الصور عبر التكرار. في اللوحة النهائية، زحف شخصان عبر أنبوب كما لو أنهما في منافسة؛ يتسلق أحدهما فوق الآخر واضعًا وجه الآخر إلى الجانب. «كنت أفكر تحديدًا في النساء الموجودات في تلك المساحات والمتنافسات على حيازتها»، تقول مادسن. «كنت أعمل على فكرتي عن كراهية النساء المتجذرة داخليًا وعن الأفكار التي تجعل المرء ضحية وفي الوقت نفسه منفّذًا لبعض السلوكيات التحيّزية».
في البداية فكرت مادسن بإدخال ثلاث شخصيات في اللوحة. «أردت أن تبدو مألوفة إلى حد ما وواقعية، لكن هناك حالات شاذة في الفضاء—أشياء لا تعمل تمامًا في القطع—نوع من التباينات»، تشرح. «أعتقد أنه عندما كنت أعمل على الرسومات، شعرت أن ثلاث شخصيات كثيرة بينما اثنتان كانتا مناسبَتين جدًا».
ومع تطور مادسن تقنيًا، أعادت أيضًا التفكير فيما كانت تصوّره. «كنت أريد صنع أعمال شخصية، لكني بدأت بعدد من البدايات الفاشلة»، تقول، مضيفة أنها في البداية ظنت أن الموضوعات العامة قد تجذب جمهورًا أوسع. «ما احتاجته حقًا هو أن أحدد تجربتي بتفاصيل أكثر داخل عملي».
تلجأ مادسن إلى تفاصيل شخصية جدًا في لوحاتها. الشخصية الرئيسة المتكررة لديها حالة تُعرف باسم التقرّن الشعري (keratosis pilaris)، وهي تظهر بظهور نتوءات صغيرة عند بصيلات الشعر. «كنت أعانيها بشدّة عندما كنت طفلة»، تقول مادسن. «وما زلت أعاني منها».
أما ملابس الشخصيات فغالبًا ما تستلهمها من خزانة مادسن الشخصية أو من ثياب تناقلتها العائلة. وتشير، أثناء المقابلة إلى لوحة في المرسم، إلى أن الشخصية ترتدي بدلة ثلج انتقلت عبر الأسرة. «هنا أتيت بمصدر مرجعي مصوّر»، تقول. «لدي صورة لأختي وهي ترتدي تلك البدلة الشتوية».
بالمثل، في لوحة «راعي خطواتك»، تقف قدمان على سجادة مستوحاة من سجادة كانت على أرضية قبو منزل عائلة مادسن.
ومع استعداد مادسن لمعرضها الفردي، تستمر أعمالها في التطور. على مستوى السرد، تقول إن الشخصية الأساسية بدأت تأخذ دورًا أكثر فاعلية في القصص المتجلية.
وعلى مستوى التقنية، تلعب مادسن باللون والضوء. «أنا مهتمة حقًا بكيفية أن يساعد الضوء واللون في إضافة خصوصية للزمن والمكان»، تشرح. تذكر قطعة «العب اللعبة» حيث تجلس شخصيتها على مقعد مدرسي ورأسها مستند عليه؛ هناك تبرز لديها المقابلة بين «المقاعد الباردة» و«الضوء الدافئ» الذي يتخلل الفصل. هذه التفاصيل لا تضيف خصوصية فقط؛ بل تخدم أيضًا خلق قدر من التباس — احيانًا — بحيث يضطر المشاهد للتأمل أعمق ليكشف ما يحدث.
تظهر هذه المقالة في العدد 63 من مجلة Hi‑Fructose. اطلب النسخة المطبوعة من المصدر إن رغبت.