ضحية اعتداء جنسي طفولي تناشد إيلون ماسك إزالة الروابط التي تروّج لصور اعتداءات تعرضها على منصة التواصل الاجتماعي X.
تُعرَّف الضحية باسم مستعار “زورا” وتعيش في الولايات المتحدة؛ تعرّضت للاعتداء قبل أكثر من عشرين عاماً، وتعبّر اليوم عن غضب عارم لرؤية صورها تُباع وتُتداول كما لو كانت سلعة. تقول: «كل مرة تُباع أو تُشارك مادة اعتداء على أطفال، فإن ذلك يغذي مباشرة الاعتداء الأصلي ويطيل معاناة الضحايا».
من جانبها، تؤكد X أنها تتبنّى سياسة «لا تسامح مطلقاً» مع مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، وأن مكافحة المتاجرين بالأطفال تظل من أولوياتها القصوى. لكن تحقيقات بي بي سي أظهرت أن مزوّجين يعرضون مجموعات من الصور والفيديوهات الخاصة بضحايا، بينها ملفات تخص زورا، ضمن سِجِلّات ضخمة عُرضت للبيع عبر حسابات على X وروابط تقود إلى قنوات في تطبيق المراسلة تيليجرام.
كشف التحقيق عن شبكة واسعة للتداول الدولي؛ إذ توصّل فريق التحقيق إلى حسابات عديدة شبه متطابقة، بعضها يُقدَّم فيها ما وُصِف بـ«حزم VIP» تتضمن مجموعات منتقاة من المواد لزبائن متواطئين من أنحاء العالم. تواصل بي بي سي مع أحد هؤلاء التجار عبر تيليجرام، فزوّدنا بروابط عينات لم نفتحها، ثمّا توجيه القضية لخبراء مختصين في مركز الحماية الكندي للأطفال (CCCP) المصرح لهم قانونياً بمراجعة مثل هذه المواد لتحديد الضحايا والجناة والتعاون مع أجهزة إنفاذ القانون.
تجدر الإشارة إلى أن أرقام المؤسسات الدولية تشير إلى حجم المشكلة؛ فالمركز الوطني الأمريكي للأطفال المفقودين والمستغلين استلم في العام الماضي عشرات الملايين من البلاغات الإلزامية من شركات التكنولوجيا بشأن حالات مادة اعتداء على الأطفال (CSAM). وتشرح منظمات الحماية أن منصات التواصل تعمل على إزالة هذه المواد، لكن ضخامة الانتشار وتغيير المروجين لأساليبهم يجعلان المهمة صعبة للغاية.
ساهمت مجموعة ناشطين إلكترونيين عرفت باسم Anonymous في كشف حساب على X كان يستخدم صورة لطفل حقيقية كصورة شخصية، بينما كانت معلومات النبذة والرموز التعبيرية تشير بوضوح إلى أن الحساب يروّج لمواد اعتداء ويزوّد رابطاً لقناة تيليجرام. أحد الناشطين قال إنه تواصل مع صاحب النشاط الذي اعترف بأن لديه آلاف الملفات المعروضة للبيع، وكتب في رسائل بالإنجليزية: «I have baby. Kids young 7-12»، وأشار إلى وجود مواد توثّق اغتصاب أطفال.
تواصل فريق التحقيق مع التاجر بحيلة المشتري فحصل على معلومات بنكية وحساب دفع إلكتروني مسجّلين باسم واحد. وبعد تتبّع تلك المعطيات اكتُشف ارتباطها بأسماء وتحويلات مالية توصلت إلى شخص عنوانه في ضواحي العاصمة الإندونيسية، وذهب منتج من خدمة بي بي سي العالمية إلى الموقع لمواجهته. الرجل نفى معرفته بالواقعة مبدياً صدمة، وأقرّ بأن أحد الحسابات المصرفية يعود إليه لكنه قال إنه فُتح لمعاملة رهن واحدة.
تزعم زورا أن فاعل الاعتداء الذي وُقِف في الولايات المتحدة وحُكم عليه منذ سنوات، لم يمنع ذلك من انتشار المواد المصوّرة لجرمه حول العالم؛ ما جعلها، مع ضحايا آخرين، مضطرة لمواجهة مضايقات وتهديدات إلكترونية من مطاردين يسعون لإظهارها وكأنها مسؤولة عن جريمتها. تقول: «جسدي ليس سلعة. لم يكن كذلك أبداً ولن يكون»، وتؤكد أن من يوزّع هذه المواد ليسوا متفرجين محايدين، بل «متواطئون مرتكبون» في دائرة الجرم.
تستمر التحقيقات والتواصل مع مؤسسات إنفاذ القانون والمنصات والخبراء، في محاولة لتعقّب الشبكات وإغلاق قنوات الترويج وحماية المزيد من الضحايا من إعادة استهدافهم عبر الإنترنت. أنغس كراوفورد وتوني سميث — قال إنه لم يستخدم الحساب منذ ذلك الحين وإنه سيتصل بمصرفه ليعرف ما حدث. وأنكر علمه بوجود حساب مصرفي آخر أو بأي تحويلات مالية، وذكر أنه سيراجع البنك لمعرفة التفاصيل وحِساابه البنكي لم يُستعمل منذ ذلك الوقت.
لا يمكننا القطع يقينًا بمقدار تورطه، ومن ثم قررنا عدم ذكر اسمه.
تعقّبنا حسابًا مصرفيًا مقره العاصمة الإندونيسية جاكرتا.
أسلوب تسويق صور «زورا» هو ذاته الأسلوب الذي يستخدمه مئات التجار حول العالم، حسبما كشفت تحقيقاتنا.
المنشورات على «إكس» تستخدم وسومًا مختلفة مألوفة لدى المتحرشين بالأطفال. كثير من الصور الظاهرة على المنصة مأخوذة من ملفات اعتداءات معروفة على أطفال، لكن تُقصّ لتظهر غير فاضحة ظاهريًا.
قال إيلون ماسك إن إزالة مواد استغلال الأطفال كانت «أولوية قصوى» عندما استحوذ على «إكس» (المعروف آنذاك بتويتر) في 2022.
(فرانس برس عبر غيتي) — دخل إيلون ماسك مقر «إكس» في سان فرانسيسكو عام 2022 حاملاً مغسلة.
تقول لويّد ريتشاردسون من مركز CCCP إن منصات التواصل الاجتماعي عمومًا، وليس «إكس» فقط، يمكنها أن تفعل الكثير لمنع المجرمين من النشر المتكرر بهذه الصورة. «من الرائع أن نرسل إشعار إزالة فيُغلق الحساب، لكن هذا أقلُّ ما يُفعل»، وأضاف: «المشكلة أن المستخدمين يستطيعون العودة إلى المنصات خلال يوميين بحساب جديد».
أبلغتنا «إكس» أنها تتبع سياسة «صفر تسامح» تجاه استغلال الأطفال جنسيًا. وقال متحدث باسمها: «نستثمر باستمرار في تقنيات متقدمة للكشف لنتمكن من اتخاذ إجراءات سريعة ضد المحتوى والحسابات التي تنتهك قواعدنا».
وأكدت المنصة أنها «تعمل عن كثب مع المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين (NCMEC) وتدعم جهود إنفاذ القانون لمقاضاة هذه الجرائم النكراء».
وقالت «تلغرام»: «جميع القنوات خاضعة للمراقبة، وقد تم حظر أكثر من 565000 مجموعة وقناة مرتبطة بنشر مادة إساءة الأطفال حتى الآن في 2025». وأضافت أنها تضم أكثر من ألف مشرف يعملون على هذه القضية. «تلغرام تراقب المحتوى العام استباقيًا عبر المنصة وتزيل المواد المرفوضة قبل أن تصل إلى المستخدمين أو قبل أن تُبلَّغ»، بحسب متحدث باسمها.
عندما أبلغنا «زورا» بأن صورها تُتاجر عبر «إكس»، وجّهت هذه الرسالة إلى مالك المنصة، إيلون ماسك: «يُشارك اعتداؤنا ويُتاجر به ويُباع على التطبيق الذي تملكه. إذا كنت ستحمي أطفالك دون تردد، فألتمس منك أن تفعل الشيء نفسه من أجل بقية الضحايا. حان الوقت للتحرك الآن.»
إذا تأثرت بأي من القضايا الواردة في هذا التقرير، فالمساعدة والدعم متاحان عبر خدمة بي بي سي للمساعدة Action Line.