في ظرف 48 ساعة، أودت الفيضانات في شمال‑غرب بباكستان بحياة أكثر من 220 شخصاً، بعدما انتشلت فرق الإنقاذ 63 جثة إضافية ليل أمس من منازل طمرتها السيول وانهيارات أرضية، وفق ما أفادت به السلطات يوم السبت.
سجلت البلاد خلال هذا الموسم هطول أمطار موسمية أعلى من المعتاد، ما أثار فيضانات وانهيارات طينية أودت بحياة أكثر من 540 شخصاً منذ 26 يونيو، بحسب بيانات هيئة إدارة الكوارث الوطنية.
سكان المناطق المتضررة وصفوا المشهد بأنه أشبه بنهاية العالم. قال عزيزالله لوكالة فرانس برس إنّ الأرض كانت تهتز بعنف بفعل قوة المياه: «سمعت ضجيجاً هائلاً كما لو أن الجبل ينزلق. ركضت للخارج ورأيت المنطقة كلها تهتز، كأنها نهاية العالم». وأضاف: «كان الواقع وكأن الموت يحدق في وجهي».
لا تزال مئات الفرق تبحث عن ناجين في بونير، إحدى المناطق في إقليم خيبر بختونخوا التي اجتاحتها أمطار غزيرة وانهيارات سحابية يوم الجمعة، وفق محمد سهيل، المتحدث باسم خدمات الطوارئ. وقد جرفت السيول عشرات المنازل.
أفاد كاشف قيوم، النائب المفوض في بونير، بأن فرق الإنقاذ تركزت على استعادة الجثث من القرى الأكثر تضرراً مثل بير بابا ومالك بورى، حيث وقعت معظم الوفيات.
قال الشرطي المحلي امتياز خان، الذي نجَا بصعوبة من السيل، إن مياه الفيضانات محملة بمئات الصخور العاتية ضربت المنازل وقزمتها خلال دقائق. وأضاف لصحيفة أسوشيتد برس: «فجأة ارتفع مجرى قرب قرية بير بابا. في البداية ظننَّا أنها سيول عابرة، لكن عندما تدفقت الأطنان من الصخور مع الماء، جرفت 60 إلى 70 منزلاً في لحظات». وتابع أن العديد من الجثث كانت مشوهة، وأن مركز الشرطة قد جرف أيضاً، «ولولا صعودنا إلى أرض أعلى لما نَجونا».
عثر المنقذون على مساحات واسعة من قرية بير بابا مدمرة، ومنازل محطمة، وصخور عملاقة تملأ الشوارع بعد تراجع المياه. وصف سلطان سيد، 45 عاماً، الذي كُسِر ذراعه، التجربة قائلاً: «لم يكن الأمر مجرد مياه؛ كانت فيضاناً من الصخور أيضاً، لم نرَ مثله في حياتنا».
قال محمد خان، 53 عاماً، إن السيول «أتت بسرعة فلم يتمكن كثيرون من مغادرة بيوتهم».
أشار الطبيب محمد طارق في بونير إلى أن معظم الضحايا فارقوا الحياة قبل وصولهم إلى المستشفيات. وأضاف: «كان بين القتلى أطفال ورجال كثيرون، بينما كانت النساء في الجبال لجمع الحطب ورعي المواشي».
أقيمت جنازات جماعية يوم السبت وحضرها المئات، بينما وزعت السلطات خياماً ومواد غذائية على المتضررين في بونير.
قال المفتي فضل إنه أَدَى صلاة الجنازة في مواقع متعددة منذ صباح الجمعة: «قبل فيضان الأمس، كانت المنطقة تعجّ بالحياة. الآن سادها الحزن والحداد».
فقد معلم المدرسة سليمان خان 25 من أفراد أسرته الممتدة؛ نجا هو وشقيقه لأنهما كانا خارج المنزل عندما ضربت الفيضانات قرية قادِر ناغار.
أفادت إدارة الكوارث الإقليمية أن ما لا يقل عن 351 شخصاً توفوا هذا الأسبوع في حوادث متعلقة بالأمطار عبر خيبر بختونخوا والمنطقة الشمالية غِلْغِت-بلتستان.
على بعد نحو 300 كيلومتر في كشمير الخاضعة لسيطرة الهند، فتشت فرق الإنقاذ قرية تشوسيتِي النائية في قضاء كِيشتْوَار يوم السبت عن عشرات المفقودين بعد سيول عارمة قبل يومين أودت بحياة 60 شخصاً وأصابت نحو 150، بينهم نحو 50 في حالة حرجة. جاءت سيول الخميس أثناء موسم حج هندوسي سنوي، وأنقذت السلطات أكثر من 300 شخص، فيما تم إجلاء نحو 4,000 حاج إلى بر الأمان.
تزايدت حالات الانهيارات السحابية من هذا النوع في مناطق الهيمالايا الهندية والشمال الباكستاني، ويقول الخبراء إن تغيّر المناخ يسهم في تفاقمها.
قال مسؤولون باكستانيون إن فرق الإنقاذ أزاحت منذ الخميس أكثر من 3,500 سائح كانوا محاصرين في مناطق متضررة عبر البلاد، رغم تحذيرات الحكومة المتكررة بعدم الاقتراب من المناطق الشمالية والشمال‑غربية المعرضة للخطر.
شهدت باكستان أسوأ موسم موسمي في تاريخها عام 2022، حيث خلّف أكثر من 1,700 قتيلاً وألحق أضراراً قدّرت قيمتها بنحو 40 مليار دولار.