تسوية تاريخية بقيمة 2.5 مليار دولار
أعلنت لجنة التجارة الفيدرالية عن تسوية بقيمة 2.5 مليار دولار مع شركة أمازون بعد أن خلُصت التحقيقات إلى أن عملاق البيع عبر الإنترنت ضلل عملاءه عند تسجيلهم في عضويات “برايم” وصعّب عليهم إلغاءها لاحقًا. تشمل التسوية دفع مليار دولار كغرامات مدنية — وهي أكبر غرامة من نوعها في تاريخ الوكالة — وتحديد 1.5 مليار دولار كتعويضات للمستهلكين الذين تم تسجيلهم في الخدمة عن غير قصد أو الذين رُوّعوا عن إلغاء اشتراكاتهم.
تأتي هذه التسوية المفاجئة بعد أيام من بدء المحاكمة في محكمة الولايات المتحدة الجزئية في سياتل. وتدور القضية حول قانون Restore Online Shoppers’ Confidence Act الصادر عام 2010، والذي يهدف إلى ضمان وضوح المطالبات المالية التي تُفرض على المستهلك عند التسوق الإلكتروني.
أفادت مسؤولة لجنة التجارة أن مبلغ التعويضات المخصص للمستهلكين فاق توقعات خبراء الوكالة، وأن أمازون باتت تحت ضغط واضح. وقال كريس مفارّيج، مدير مكتب حماية المستهلك، إن الشركة ارتأت سريعًا أن احتمال خسارتها كبير، فتقدمت للتسوية وسددت المبالغ بدل المضي في سنوات من التقاضي.
من جهتها، أكدت أمازون ثقتها في موقفها القانوني لكنها فضّلت إنهاء النزاع بسرعة بدلاً من خوض محكمة وطعنات قد تستغرق سنوات. ولم تعترف الشركة بأي مخالفة. وصرح المتحدث باسمها مارك بلافكن بأن أمازون وقياداتها تتقيد دائمًا بالقانون، وأن التسوية تتيح للشركة الاستمرار في الابتكار لخدمة العملاء. وأضاف أن الشركة تبذل جهدًا كبيرًا لتبسيط عملية الاشتراك والإلغاء لعملائها وتقديم قيمة ملموسة لملايين المشتركين المخلصين في خدمة برايم حول العالم.
على الرغم من أنها نصر للاستهلاك وللجنة، فإن التسوية لا تشكل عبئًا كبيرًا على أمازون: وفقًا لحسابات تقريبية، تحقق الشركة نحو 2.5 مليار دولار مبيعات كل 33 ساعة. ولم تتأثر أسهم الشركة بشكلٍ كبير إثر الإعلان.
المستفيدون والتعويضات
أوضحت لجنة التجارة أن بعض مشتركِي برايم سيكونون مؤهلين لاسترداد تلقائي يصل إلى 51 دولارًا، ويشمل ذلك من اشتركوا عن طريق خيار “الدفع في صفحة واحدة” أو روابط مماثلة بين 23 يونيو 2019 و23 يونيو 2025. وسيُعاد للمستفيدين مبلغاتهم خلال 90 يومًا من صدور أمر التسوية. كما ستنشئ أمازون آلية تقديم دعاوى لأكثر من 30 مليون زبون ربما تضرروا من جوانب أخرى في القضية، بما في ذلك صعوبات عملية الإلغاء.
خدمات برايم وأهميتها
تقدم خدمة أمازون برايم مزايا تشمل تسليمًا أسرع ومشاهدة فيديو وخصومات في متاجر Whole Foods مقابل 139 دولارًا سنويًا أو 14.99 دولارًا شهريًا. وتمثل الخدمة جزءًا متناميًا وأساسيًا من أعمال الشركة، حيث تتجاوز قاعدة الأعضاء 200 مليون عضو. وفي تقريرها المالي الأخير أفادت أمازون أنها سجلت أكثر من 12 مليار دولار صافي إيرادات من الخدمات الاشتراكية (subscriptions)، بزيادة 12% عن الفترة نفسها من العام السابق، ويشمل هذا الرقم الرسوم السنوية والشهرية لعضوية برايم وخدمات اشتراك أخرى مثل منصات الموسيقى والكتب الرقمية.
ممارسات مضللة وإجراءات إلغاء معقّدة
قالت لجنة التجارة إن أمازون عمدت إلى تعقيد خيار شراء سلعة دون الاشتراك في برايم، وفي بعض الحالات عُرضت على المستهلك زرّات لإكمال الشراء لم تكن توضح بجلاء أنها ستسجّله أيضًا في برايم. كما كانت عملية إلغاء الاشتراك معقدة في كثير من الأحيان، وعرقلت قيادة الشركة أو رفضت تغييرات كانت ستسهّل الإلغاء، بحسب شكوى الوكالة.
داخليًا، وصف موظفو أمازون عملية التراجع عن الاشتراك بـ«إلياد» (إشارة إلى الملحمة اليونانية لطول حصار طروادة)، إذ تطلب العملية من العميل تأكيد رغبته في الإلغاء عبر ثلاث صفحات متتالية.
خلفية القضية وشروط التسوية
بدأت لجنة التجارة التحقيق في ممارسات أمازون المتعلقة بعضوية برايم منذ عام 2021، ثم رفعت الدعوى في 2023 تحت رئاسة لينا خان، خبيرة مكافحة الاحتكار المعينة في إدارة بايدن. وكجزء من شروط التسوية، تُحظر على أمازون تقديم معلومات مضللة بشأن شروط الاشتراكات؛ ويجب عليها الإفصاح الكامل عن التكاليف المتوقعة والحصول على موافقة صريحة من العميل على أي خصم. كما يلزم أن يتوفر خيار واضح للعميل للموافقة أو الرفض عند عرض عضوية برايم أثناء الشراء، وتجنّب عبارات قد تسبب الالتباس مثل: «لا شكرًا، لا أريد توصيلًا مجانيًا».
علاوة على ذلك، يجب أن تُوضّح عمليات التجديد التلقائي للعضويات، وأن تعتمد الشركة عملية إلغاء لا تكون صعبة أو مكلفة أو مربكة أو مستهلكة للوقت وفق ما نصت عليه التسوية.