أكثر من 200 شخص نُقلوا إلى المستشفيات خلال الأسابيع الأخيرة يعانون مضاعفات تنفُّسية تُنسب إلى مصنع كيميائي محلي.
تاريخ النشر: 21 تشرين الأول/أكتوبر 2025
إضراب عام ومئات الآلاف في الشارع
أوقف إضراب عام وعشرات آلاف المتظاهرين الحياة في مدينة غابس الجنوبية بعد تزايد الغضب تجاه مصنع كيميائي تديره الدولة يُحمَّل مسؤولية أزمة تلوّث بيئي واسعة. تم اغلاق المحلات والأسواق والمدارس والمقاهي، ما جرّ إلى شلل النشاط الاقتصادي في المدينة الساحلية، استجابةً لدعوة نقابة العمال القوية (الاتحاد العام التونسي للشغل).
حشودٌ رفعت لافتات تندِّد بالتلوّث الذي تسبّب به مجمّع الفوسفاط التابع لـCGT لسنوات، والذي يقول منتقدون إنه بات يهدّد صحة آلاف السكان. سار المحتجون في شوارع المدينة وهتَفوا بشعارات مثل «قابس تريد أن تعيش» و«تفكيك الوحدات الملوِّثة».
«كل شيء مغلق في قابس»، قالت سوسن نُوَيْسِر، ممثلة الاتحاد محليًا. «جميعنا غاضبون من الوضع البيئي الكارثي في مدينتنا المهمّشة.» وتجمّع آلاف الناس في الأسابيع الأخيرة مطالبةً بإغلاق المصنع فورًا، في احتجاجات اعتُبرت من أكبر التحديات التي تواجه الرئيس قيس سعيّد منذ استيلائه على صلاحيات استثنائية في 2021.
وصف سعيّد الوضع بأنه «اغتيال بيئي»، ملوِّحًا إلى أخطاء الحكومات السابقة التي حمّلها مسؤولية انتشار السرطان وأمراض الجهاز التنفسي وتدمير النظم البيئية المحلية.
الاتحاد مستعد للتصعيد
قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، لوسائل الإعلام المحلية إن الإضراب «نجح في كلّ القطاعات» وأضاف أن التونسيين «مستعدون للنضال من أجل مطالبهم المشروعة» ومحاسبة السلطات عن الإخفاقات على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وأكد أن النقابة جاهزة لتصعيد التحركات عبر مزيد من الاحتجاجات والتجمعات الحاشدة.
مشكلة عمرها عقود
يقول السكان إن المصنع، الذي افتُتح عام 1972 لإنتاج الأسمدة، مسؤُول عن ارتفاع حالات التسمّم الغازي وتزايد سرطانات وانهيار الحياة البحرية، بعد أن تم رمي نفايات مشعة ومادة الفوسفوجيبسوم في البحر والهواء المكشوف. وأفادت مصادر طبية ومنظمات غير حكومية بأن أكثر من 200 شخص نُقلوا إلى المستشفيات خلال الأسابيع الأخيرة بسبب ضيق التنفّس والتعرّض لغازات سامة.
«المصنع سمّم كل شيء — الأشجار، والبحر، والناس»، قال الناشط البيئي المحلي صفوان كبّيّة لوكالة رويترز. «حتى رمان قابس الآن طعمه دخان.»
وعلى الرغم من تعهّد حكومي عام 2017 بالتخلّي التدريجي عن المصنع، اتجهت السلطات هذا العام بدلًا من ذلك إلى تعزيز الإنتاج، معتبرة الفسفاط «ركيزة للاقتصاد الوطني». وأعلنت الجهات الرسمية أنها تتخذ «إجراءات عاجلة» واستقدمت شركات صينية للمساعدة في احتواء انبعاثات الغازات ومنع المزيد من الرمي في البحر الأبيض المتوسط.