إلزام اللقاحات: هل هو السبيل لتحقيق معدلات تطعيم مرتفعة؟ — أخبار الصحة

اعتمدت الولايات الأميركية على إلزاميات التطعيم منذ القرن التاسع عشر، حين وفّر لقاح الجدري أول حماية فعّالة ضد مرض أودى بحياة الملايين. ومع مرور أكثر من قرن، دعا مسؤول صحي رفيع في ولاية فلوريدا إلى إلغاء متطلّبات التطعيم، واعتبرها غير أخلاقية وغير ضرورية لتحقيق معدلات تلقيح مرتفعة.

يشير د. جوزيف لادابو، الجراح العام لفلوريدا، إلى أن دولاً مثل السويد والنرويج والدنمارك والمملكة المتحدة ومعظم أجزاء كندا تحقق أرقام تلقيح عالية دون فرض قوانين إلزامية، ويدّعي أن معدلات التغطية في هذه البلدان «مقاربةً» لمعدلات الولايات المتحدة. لكن الخبراء يحذّرون من استنتاج أن هذا يعني بالضرورة أن إلغاء متطلبات التطعيم المدرسية في الولايات المتحدة سيؤدي إلى نتائج مماثلة.

تنص القوانين الحالية في فلوريدا على إلزامية تطعيم طلاب الحضانات والمدارس العامة والخاصة حتى الصف الثاني عشر، مع إمكانية الاستثناء لأسباب دينية أو طبية. وتُظهر بيانات حديثة أن نحو 11% من طلبة الروضة في الولاية لم يتلقّوا اللقاحات المطلوبة. وبدعم من حاكم الولاية، يسعى لادابو إلى رفع هذه المتطلبات.

الدول التي استشهد بها لادابو لا تفرض عادة قوانين شاملة للتطعيم، لكن حكوماتها توصي بالتلقيح وتوفّر خدمات صحية تسهّل الوصول إلى اللقاحات، مما ينعكس في مؤشرات التغطية. تقيس منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مدى توفر برامج التطعيم الروتينية عبر نسبة الأطفال الذين تلقّوا الجرعة الثالثة من لقاح DTaP الذي يحمي ضد الخناق والتيتانوس والسعال الديكي. في 2024، سجّلت الولايات المتحدة نسبة 94% من الأطفال بعمر سنة تلقّوا ثلاث جرعات، مقارنة بـ92% في كندا، و96% في الدنمارك والسويد، و97% في النرويج، و92% في المملكة المتحدة.

يُعزَى جزء من هذه差ٔ النتائج إلى وجود رعاية صحية شاملة تموّلها الدولة وثقة أعلى في المؤسسات العامة—عوامل تُسهِم في ارتفاع معدلات التلقيح. في المقابل، يواجه كثير من الأميركيين صعوبات عملية مثل فقدان الدخل عند التوقف عن العمل أو تكاليف زيارة الطبيب، إضافة إلى مستويات أقل من الثقة في الهيئات الحكومية، ما قد يمنع تحقيق معدلات مشاركة مماثلة لو أُلغيت المتطلبات المدرسية.

يقرأ  من هو جيمي لاي، قطب الإعلام المسجون في هونغ كونغ؟ أخبار احتجاجات هونغ كونغ

أظهرت دراسات متعددة ارتباطاً بين سياسات الإلزام وزيادة معدلات التطعيم، لكن العلاقة غالباً ما تكون ارتباطية وليست دليلاً قاطعاً على أن الإلزام وحده يسبب الارتفاع. فهناك عوامل مصاحبة تميل إلى التواجد مع الإجراءات الإلزامية، مثل الجهود المحلية لتحسين الوصول إلى اللقاحات، وتعزيز التوثيق، ومكافحة التردد والرفض تجاه اللقاحات.

في دول مثل السويد، تُقدَّم اللقاحات المدرجة في البرامج الوطنية مجاناً، ما يجعل الامتناع أقل ارتكازاً على العقبات المادية. وتُعدّ الرعاية الوقائية أكثر تيسّراً وطبيعية في بلدان تتمتع بأنظمة رعاية صحية شاملة مثل كندا والدنمارك والنرويج والسويد والمملكة المتحدة، حسبما أشارت الدكتورة ميغان بيرمان من معهد سيالي لعلوم اللقاحات في جامعة تكساس. أما في الولايات المتحدة فالنظام الصحي مجزأ، وقد يعتمد الوصول إلى الرعاية على التأمين أو القدرة على الدفع، وهو ما يميّز التجربة الأميركية عن تلك الدول.

كما أن الفوارق الثقافية تُلعب دوراً؛ فمعايير اجتماعية تُقدّم المصالح الجماعية قد تشجّع المواطنين على التلقيح لدعم المجتمع ككل. وأشار علماء أوبئة إلى أن الثقة القوية في قدرة الحكومة على سن سياسات تصبّ في المصلحة العامة تُسهِم في فعالية التوصيات بدلاً من الاعتماد على الإلزام فقط — بينما تقلّ ثقة الأميركيين في حكومتهم بالمقارنة، إذ أفادت بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن أقل من شخص من كل ثلاثة في الولايات المتحدة فوق سن 15 أبدى ثقة بالحكومة الوطنية.

بعض الخبراء يتوقعون هبوطاً في معدلات التطعيم إذا أقدمت الولايات على رفع متطلبات المدارس. وللحفاظ على مستويات تغطية مرتفعة دون إلزام، سيتعين على المسؤولين الصحيين تكثيف سياسات بديلة، وتوسيع التدخلات، وصياغة رسائل توعوية فعّالة، فضلاً عن إزالة الحواجز اللوجستية. هذا الأمر قد يكون صعب التنفيذ، خصوصاً في ظل قيادة صحية وطنية أبدت مواقف معروفة من الشكّ ضد اللقاحات، ما يجعل المشهد الأميركي استثنائياً مقارنة بالدول الأخرى.

يقرأ  المجاعة الناجمة عن الإجراءات الإسرائيلية في غزة تودي بحياة 185 شخصًا خلال أغسطسسجلت 13 وفاة إضافية خلال 24 ساعة — أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

في النهاية، يؤكد الخبراء أن نجاح نموذج ما في بلد آخر لا يضمن تكراره في الولايات المتحدة؛ جدوى سياسات التطعيم متغيّرة وتعتمد على تركيبة من العوامل المؤسسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. تتفاوت إمكانية تطبيق أي سياسة باختلاف السياق الوطني، ولا تكفي الإحالة إلى تجارب أجنبية بدون مراعاة الفوارق المحلية الحاسمة. لا يشتمل النص المقتبس على أي محتوى؛ لا يوجد شيء لأعيد صياغته أو ترجمته.
إذا رغبت، أعد إرسال النص المُراد ترجمته وسأعيد صياغته وأترجمه إلى العربىي بمستوى C2 وبأسلوبٍ رفيعٍ وأنيقٍ.

أضف تعليق