إلى أي مدى يستعد أطفال الروضة الذين نشأوا أثناء جائحة كوفيد للالتحاق بالمدرسة؟

«وجود الجنين في الرحم خلال فترة شديدة التوتر أثّر على بعض جوانب النمو لدى الرضع»، قالت داني دوميتريو، طبيبة أطفال وعالمة أعصاب في جامعة كولومبيا ورئيسة دراسة مستمرة حول المواليد خلال الجائحة، لهيئة الإذاعة الوطنية الأمريكية. «لم تكن التأثيرات كبيرة، لكن كانت إشارة مقلقة نظراً لعدد النساء الكبير الذي وضعن أطفالهن في تلك الفترة.»

أظهرت أبحاث دوميتريو، المنشورة عام 2022، أن الرضع بعمر ستة أشهر الذين وُلدوا في الأشهر الأولى من الجائحة سجّلوا درجات أدنى قليلاً في فحص يقيّم المهارات الحركية الإجمالية والدقيقة والمهارات الشخصية والاجتماعية، مقارنةً بمجموعة تاريخية من الأطفال المولودين قبل انتشار كوفيد-19.

وأضافت أن المقاييس التي رصدوها تتعلق بمهارات أساسية جداً، مثل القدرة على الجلوس والوصول إلى الأشياء والتفاعل وجهًا لوجه. وجُمعت البيانات من استبيان نمو معياري ملأته الأمهات لتقييم تطور الأطفال.

مع ذلك، ومع متابعة هؤلاء الأطفال وتوسيع الدراسة لتشمل عددًا أكبر من الأطفال المولودين قبل الجائحة، وجد الفريق أن أطفال «كوفيد» تعافوا بسرعة. «الأمر الجيد أنه يبدو أن هذا الاتجاه اقتصر فعلاً على مرحلة مبكرة من عام 2020 ولم يستمر بعد ذلك العام.»

«دماغ الطفل يتمتع بمرونة استثنائية»، أوضحت. «ما يحدث في ستة أشهر ليس بالضرورة تنبؤاً لما سيحدث عند عمر 24 شهراً أو عند خمس سنوات.»

رحلة إيلي

تتقاطع هذه النتائج مع تجربة عائلة سوسمان. كآباء عاملين، سجّل والداه إيلي في رعاية نهارية عندما كان عمره 11 شهراً، ثم في روضة وما قبل المدرسة لاحقاً. بدا في البداية متوافقاً مع المعايير المعروفة، لكن عند بلوغه حوالي عامين لاحظت والدته أنه لا يتكلم بالمستوى الذي كانت تطبيقات الأمهات تشير إليه. «كان هناك عدد من الكلمات المتوقّع أن يعرفها الطفل بسن معيّن ولم يكن يعرفها»، قالت سوسمان.

يقرأ  شرح الأعاصير: كيف تتكوّن وما الذي يميّزها عن السيكلون والتايفون أخبار أزمة المناخ

أظهرت دراسة نُشرت عام 2023 في Epic Research أن الأطفال الذين أكملوا عامهم الثاني بين أكتوبر وديسمبر 2021 كانوا أكثر عرضة بنحو 32% لتشخيص تأخّر في الكلام مقارنة بمن أتمّوا عامهم الثاني في 2018. وارتفعت هذه النسبة إلى نحو 88% للأطفال الذين أتمّوا عامهم الثاني بين يناير ومارس 2023. وبشكلٍ عام، ارتفعت نسبة تشخيصات تأخر الكلام من متوسط 9% في 2018 إلى نحو 17% في الربع الأول من 2023.

بادرت سوسمان إلى طلب المساعدة وسجّلت إيلي في علاج النطق، حيث طمأنها المعالج بأن هذه مشكلة شائعة حالياً. «قال أخصائي النطق إنهم شهدوا زيادة في أعداد الأطفال الذين يأتون للعلاج، على الأرجح بسبب قلة التعرض للأفواه وتعابير الوجوه، لأنها جزء كبير من كيفية تعلم الكلام.»

وبحلول بلوغه الثالثة، «كان أكثر قدرة على التعبير اللفظي ووضعاً جيداً جداً»، حسبما قالت الأم.

سلوكيات وعادات الجائحة التي قد تضر الأطفال في الروضة

أدى الوباء وممارسات التباعد الاجتماعي اللاحقة إلى نشوء عادات وسلوكيات باقية قد تكون ضارّة للأطفال وتظهر عند دخولهم الروضة أو في مراحل لاحقة، بحسب دوميتريو.

من أهم العوامل هو توتر الوالدين. أشارت إلى أن العديد من الدراسات العالمية تصف بوضوح أثرًا بين الأجيال لتوتر الأم أثناء الحمل على نمو الطفل.

كما قضى الأطفال وقتاً أطول أمام الشاشات أثناء الإغلاق مقارنة بما كان عليه قبل الجائحة، وما قد يجعلهم أقل جاهزية للمدرسة، وفق دراسة نُشرت في مجلة Nature. قالت ميشيل يانغ، طبيبة مقيمة في مستشفى الأطفال بمقاطعة أورانج والتي درست استخدام الشاشات لدى الأطفال: إن تعريض الأطفال بين 2 و5 سنوات لشاشات لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات يزيد احتمال ظهور مشاكل سلوكية وضعف المفردات وتأخر المعالم النمائية، ويكون التأثير أشد لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

يقرأ  زيارة نادرة لشي جين بينغ إلى التبت تزامناً مع احتفال بكين بمرور ٦٠ عاماً على الحكم الصيني في الإقليم

كما تضرّر التحاق الأطفال بالمدارس والروضات منذ الجائحة. أظهر تقرير وزارة التعليم الأمريكية أن معدل التغيب المزمن — أي غياب الطالب 10% أو أكثر من أيام المدرسة — بلغ متوسط 28% على مستوى البلاد خلال العام الدراسي 2022–2023.

تنعكس هذه التغيرات السلوكية والاعتيادية في نتائج الاختبارات، كما ذكرت كريستين هوف، رئيسة قسم القياس في شركة Curriculum Associates، لهيئة الإذاعة الوطنية.

«منذ عودة المدارس بعد الجائحة، حتى الطلاب الذين لم يكونوا في المدرسة لأنهم كانوا صغيرين جداً خلال فترات الإغلاق يدخلون الروضة وهم أقل استعداداً مقارنةً بأقرانهم قبل الجائحة»، قالت هوف.

وبحسب تقرير الشركة لعام 2025 عن حالة تعلم الطلبة، انخفضت نسبة الأطفال الخمسة أعوام القادمين إلى الروضة وهم مستعدون للقراءة بمقدار ثماني نقاط منذ 2019 — من 89% إلى 81%. وكانت الانخفاضات أكبر في الرياضيات: فقط 70% من طلاب الروضة يختبرون عند مستوى الصف المتوقع، بالمقارنة مع 84% في مجموعة 2019. وتزداد الفجوات عند التحليل بحسب العرق والدخل: إذ أن المدارس ذات الأغلبية السوداء والأغلبية اللاتينية، رغم تسجيلها تحسناً مستمراً في الدرجات منذ 2023، ما تزال خلف نظيراتها البيضاء، وينطبق الشيء نفسه على الأطفال الذين تعيش أسرهم على دخل أقل من 50,000 دولار سنوياً مقابل الأسر التي تزيد دخولها على 75,000 دولار سنوياً.

الخبر الجيد، بحسب هوف، أن الطلاب يحرزون تقدماً ملموساً، وأن كثيراً من الفجوات قابلة للتقلّص مع تدخلات مبنية على بيانات واضحة وبرامج دعم فعالة — وهو ما سيعزّز فرص إغلاق الفوارق واستعادة مستويات التحصبل السابقة. على الرغم من أن معدلات نموهم باتت تقارب مستويات ما قبل الجائحة، فإن هذا التحسّن لا يكفي لتعويض الفجوات الأكاديمية المتراكمة.

لذلك يجب أن نوجّه جهودنا نحو تسريع وتيرة اكتسابهم للمهارات والمعارف، كما اكّدت هاف.

يقرأ  البيانات الضخمة التطبيقية للمعلِّمين — تيتش ثوت

مثل دوميتريو، تركّز هاف على قابلية أدمغة الأطفال للتشكّل — المرونة العصبية — وعلى خبرة المعلّمين؛ فالأمر لا يقتصر على قدرة الأطفال أو كفاءة المعلمين فحسب، بل على توفير الموارد الملائمه التي تمكّنهم من اللحاق واستعادة ما فاتهم.

أضف تعليق