الأحداث التي سبقت الانقلاب العسكري في مدغشقر: ما الذي ينبغي معرفته؟

استولى الجيش في مدغشقر على السلطة يوم الثلاثاء، بحسب ما أعلنه قائد رفيع المستوى، بعد فرار الرئيس أندري راجوالينا من البلاد حفاظاً على حياته.

إطاحة راجوالينا، الذي وصل إلى الحكم نفسه في 2009 كقائد انتقالي إثر انقلاب مدعوم من الجيش، جاءت بعد اسابيع من الاحتجاجات التي قادها شباب غاضبون من انقطاع التيار والكهرباء، ومن الفقر المستشري وندرة الفرص، إلى جانب قضايا أخرى.

أصدر مكتب راجوالينا بياناً وصف فيه الانقلاب بأنه «خرق خطير لسيادة القانون» وأكد أن الدولة «لا تزال صامدة». لكن العقيد مايكل راندريانيرينا، قائد وحدة CAPSAT النخبوية التي حسمت ميزان القوى الأسبوع الماضي بعد تحالفها مع المتظاهرين، قال بصراحة: «نحن نأخذ السلطة»، فيما احتفل المتظاهرون مع الجنود في عاصمة البلاد أنتاناناريفو.

ما الذي قاد إلى إزاحة راجوالينا؟

انتفاضة يقودها الشباب
بدأت الاحتجاجات قبل اسابيع احتجاجاً على الانقطاعات المستمرة للماء والكهرباء، وسرعان ما تحولت إلى تعبئة أوسع ضد راجوالينا واتهامات بالفساد الحكومي والظروف المعيشية المتردية. يؤثر الفقر على نحو 75% من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة بحسب البنك الدولي.

احتشد آلاف المحتجين في شوارع عدة مدن، وواجهت قوات الأمن المظاهرات بقمع عنيف أسفر، وفق الأمم المتحدة، عن مقتل 22 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين، في حين رفضت الحكومة هذه الأرقام.

رغم انضمام منظمات مدنية ونقابات عمالية، تصدر الميدان مجموعة أطلقت على نفسها اسم «جيل زد مدغشقر»، مع تأكيد المشاركين أنهم لا يمتلكون قيادة موحدة وأنهم استلهموا حركات شبابية مماثلة في نيبال وسريلانكا.

انضمام الجيش إلى الاحتجاجات
لحظة محورية وقعت يوم السبت عندما رافق راندريانيرينا وجنوده المحتجين إلى ساحة رئيسية في العاصمة وطالبوا برحيل راجوالينا. اشتبكت قوات CAPSAT مع قوات الدرك الموالية للرئيس، وأسفر التصعيد عن مقتل أحد جنود CAPSAT بحسب تصريح راندريانيرينا.

يقرأ  قررت البقاء في مدينة غزة رغم سعي إسرائيل إلى محوهاالصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ

يوم الثلاثاء، هتف المتظاهرون لجنود CAPSAT وهم يقفون على مركبات مصفحة في شوارع أنتاناناريفو. وبرغم تصريح مكتب الرئاسة بأن بعض عناصر CAPSAT فقط هم من انحازوا إلى المتظاهرين، قالت الوحدة إنها تحظى بتأييد وحدات عسكرية أخرى، بما في ذلك الدرك.

وحدة CAPSAT هي ذاتها التي تمردت ضد الحكومة في 2009، مما أدى إلى انقلاب مدعوم من الجيش أوصل راجوالينا إلى السلطة مؤقتاً. ثمة أوجه شبه قوية بين الانقلابين، إذ التقى تمرد CAPSAT بموجة احتجاجات شعبية أطاحت آنذاك بالرئيس مارك رافالومانانا وأجبرته على المنفى.

24 ساعة من الاضطراب
بعد أسابيع من الضغوط، اندلعت فترة فوضوية استمرت 24 ساعة بداية من الاثنين عندما أعلن مكتب الرئيس عن خطابٍ متوقع يذيعه على التلفزيون والراديو الرسميين. تأخر الخطاب لساعات وبُث في النهاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد وصول جنود إلى مباني الإذاعة والتلفزيون الرسميين.

في خطابه من موقع سري، قال راجوالينا إنه أُجبر على الفرار إلى مكان آمن إثر مخطط لاغتياله في القصر، ودعا إلى احترام الدستور ورفض الاضطرار للاستقالة.

حاول بعد ذلك استعادة زمام الأمور بإصدار مرسوم حل البرلمان، لكن البرلمان تجاهل المرسوم وصوّت بأغلبية ساحقة لعزله. فور التصويت أعلن راندريانيرينا الاستيلاء على السلطة من أمام قصر رئاسي تاريخي في العاصمة، وقال إن القوات المسلحة ستشكل مجلساً يضم ضباطاً من الجيش والدرك، وسَيعين رئيس وزراء لتشكيل حكومة مدنية «بسرعة».

تقارير عن مساعدة فرنسية في هروب راجوالينا
الفرنسية والمالاجاشية هما اللغتان الرسميتان في مدغشقر، التي تشتهر بإنتاج الفانيليا وتنوعها البيولوجي الفريد نتيجة عزلتها الجغرافية. منذ الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي عام 1960، عانت البلاد من الفقر وعدم الاستقرار السياسي وسلسلة من الانقلابات.

أفادت تقارير بأن راجوالينا غادر مدغشقر على متن طائرة عسكرية فرنسية، ما أثار تساؤلات حول دور القوة الاستعمارية السابقة في تسهيل هروبه. وعند سؤاله عن أي دور فرنسي في إخراجه من البلاد، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مصر: «لا أؤكد أي شيء اليوم. ما أريد إظهارَه هنا هو قلقنا العميق، والتأكيد على صداقة فرنسا مع شعب مدغشقر».

يقرأ  «الفراشة»استكشاف أربعة آلاف عام من افتتاننا بحرشفيات الأجنحة في الفن والعلم— كولوسال

وبحسب تقارير أخرى، يحمل راجوالينا أيضاً الجنسية الفرنسية، وهو ما أثار استياءً لدى بعض المالاجاشيين.

أضف تعليق