الدوحة، قطر — حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن أي قوّة لتثبيت الوضع في غزة لا بدّ أن تحظى بـ«شرعية دولية كاملة» لتتمكّن من مساندة الفلسطينيين في القطاع.
في مقابلة مع قناة الجزيرة العربية على هامش القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية، أشار غوتيريش إلى أن التهدئة التي تحققت في القطاع المحاصر الذي تعرّض لقصف هائل ولاحق مجاعة مروّعة، ما تزال هشة وتحتاج إلى ضمانات دولية قوية. وقال: «من الضروري أن تكون القوة التي ستنشأ ذات شرعية دولية كاملة للتعامل مع الأطراف وسكان غزة».
كانت فكرة قوة دولية لغزة جزءاً من خطة السلام ذات العشرين بندًا التي طرحها الرئيس الأمريكي السابق، لكن طيف الدول التي يُفترض أن تشارك في هذه القوة لا يزال محل خلاف. اسرائيل، بدعم أمريكي، رفضت مشاركة توركيا، التي لعبت دوراً محورياً في الوساطة لوقف إطلاق النار، في أي دور ميداني. من جهتها، أدانت توركيا الحرب التي شنتها اسرائيل على غزة، وعقدت اجتماعاً رفيع المستوى طالبت خلاله بوقف انتهاكات الهدنة وفتح ممرات إنسانية دخول المساعدات الضرورية إلى القطاع.
ورغم الانتقادات، شدّد غوتيريش على أن تفويض مجلس الأمن هو «مصدر الشرعية» لأي قوّة تثبيت، محذّراً من أن غيابه يرفع بشدّة احتمال تجدد القتال. كما أثنى على دور الولايات المتحدة في دفع إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار الحالي، موضحاً أن «حكومة إسرائيل كانت تملك نوايا أخرى… وهي مواصلة الحرب حتى النهاية، لكن الأمريكيين أدركوا في لحظة ما أن الكفاية قد حانت».
ومع ذلك، كرر تحذيره من هشاشة التهدئة: «كان من الضروري إيقاف الحرب وإطلاق سراح الرهائن… لكن كل ذلك هشّ للغاية». وأوضحت تقارير فلسطينية أن إسرائيل خرقت الاتفاق أكثر من ثمانين مرة، ما أسفر خلال الأسابيع الأربعة الماضية عن مئات الضحايا بين المدنيين. كما لفت غوتيريش إلى أن دخول المساعدات إلى قطاع غزة لا يزال دون المستويات المطلوبة، قائلاً: «تحسّن حجم المساعدات الإنسانية، لكننا بعيدون جداً عن المطلوب للقضاء السريع على خطر المجاعة وتهيئة الحد الأدنى من شروط العيش بكرامة لسكان غزة».
النزاع في السودان
وصف غوتيريش الحرب الأهلية في السودان بأنها «لا تُحتمل على الإطلاق» بعد سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع، مشيراً إلى وقوع انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان الأساسية هناك، من عنف جنسي وعمليات قتل وحرمان من المساعدات الإنسانية. سقطت الفاشر، عاصمة شمال دارفور، في 26 أكتوبر بعد انسحاب الجيش السوداني، فيما تتواصل المعارك بين الطرفين منذ أبريل 2023 في ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ كارثة إنسانية عالمية.
وأقرّ أن الأمم المتحدة، بالتعاون مع مؤسسات أخرى بينها الاتحاد الأفريقي، تعمل على دفع الطرفين إلى طاولة الحوار، لكن ذلك «سيكون من الصعب للغاية» في ظل ما حدث في الفاشر. ودعا إلى ممارسة «ضغط دولي هائل» على الجيش وقوات الدعم السريع، مضيفاً أن الفاعلين الخارجيين يجب أن يكفّوا عن تأجيج النزاع، لأن أسلحة كثيرة تأتي من الخارج، ومن الضروري أن تنتهي أشكال التدخّل الأجنبي لأن حلّ الأزمة ينبغي أن يأتي من السودانيين أنفسهم.
إصلاح مجلس الأمن
اعتبر غوتيريش أن مجلس الأمن لم يعد يعكس واقع العالم اليوم، واصفاً تركيبه بأنه «تركيبة عام 1945 مع بعض التعديلات البسيطة». وأشار إلى أن أوروبا تملك ثلاثة مقاعد دائمة، بينما لا تملك إفريقيا أو أمريكا اللاتينية أي مقعد دائم، وآسيا ممثلة بمقعد واحد فقط، وهو ما يبرر الحاجة إلى إصلاح يجعل المجلس أكثر تمثيلاً وفعالية. وطالب بإضافة مقعدين دائمين للقارة الإفريقية وبتقييد استخدام حق النقض «الفيتو» في حالات الانتهاكات الواسعة للحقوق، مشيراً إلى مقترحات فرنسية وبريطانية تهدفان إلى الحدّ من ممارسة الفيتو في حالات الانتهاكات الجسيمة، وهو ما اعتبره إصلاحاً جديراً بالدراسة.