الأمين العام وكبار الدبلوماسيين يناشدون دعم الأونروا في ظل أزمة غزة أخبار الأونروا

تؤكد الدبلوماسيات والدبلوماسيون في الجمعية العامة للأمم المتحدة أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لا تُستَغنى عنها، ليس فقط بالنسبة لغزة والضفة الغربية المحتلة، بل بالنسبة لأمن واستقرار كامل المنطقة.

قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إن الأونروا «قوة للاستقرار في أكثر منطقة عدم استقرار في العالم»، ودعا دول العالم إلى تقديم كل ما تستطيع من دعم سياسي ومالي للحفاظ على عملها واستمرار خدماتها.

تعرضت دور الأونروا لتدقيق حاد منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، إذ تحوّلت إلى أحد الموزعين الرئيسيين للمساعدات بعد موجات القصف والعمليات البرية التي أدت إلى نزوح آلاف الفلسطينيين.

إلا أن قرار الولايات المتحدة، والتي كانت أكبر مانح للوكالة، بوقف التمويل أدخل الأونروا في أزمة مالية حادة بعجز يقدّر بنحو 200 مليون دولار، ما هدد قدرة الوكالة على الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية.

حذّر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي من أن «الأونروا تنهار»، مبيّنًا أن صور الأطفال الجياع والأمهات اللواتي يئنّ أطفالهن تمثل الحجة الدامغة لأهمية بقاء الوكالة. كما نوّه إلى أن مئات الآلاف من الطلاب في غزة محرومون من التعلم منذ عامين، فيبرهن ذلك — بحسبه — على ضرورة دعم الأونروا.

تُقدِّم الوكالة خدمات صحية وتعليمية وإنسانية ومساعدات نقدية لملايين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة ومخيمات اللاجئين في أنحاء الشرق الأوسط. تأسست الأونروا عام 1949 لتلبية احتياجات مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين شُردوا خلال قيام دولة إسرائيل، ومنذ ذلك الحين تواصل تقديم خدمات للأجيال اللاحقة من اللاجئين الذين ظلّ الكثير منهم بلا جنسية.

لطالما سعت حكومات إسرائيلية متعاقبة لتقويض شرعية الأونروا، متهِمةً إياها بتوزيع مواد مناهضة للسامية وادّعاءات بوجود روابط مع مجموعات مسلحة. ويرى منتقدون أن محاولة النيل من الوكالة تهدف في واقع الأمر إلى طمس مأساة اللاجئين الفلسطينيين وحق عودتهم.

يقرأ  تويوتا تمنح هيساي عقدًا لتوريد أنظمة ليدار

تصاعد الضغط على الأونروا بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي قادته حركة حماس؛ إذ زعمت إسرائيل — دون تقديم أدلة موثوقة — مشاركة عدد من موظفي الوكالة في الهجوم، ما دفع دولًا عدة إلى تعليق تمويلها. بينما أعادت كثير من الدول دعمها لاحقًا، لم تستأنف الولايات المتحدة تمويلها حتى الآن.

في لقاء عقدته الجمعية العامة لجمع الدعم الدولي للأونروا، وصف الصفدي الحملة بحق الوكالة بأنها «محاولة اغتيال سياسي» بدأت قبل أكتوبر 2023، وأشاد بتضحيات موظفيها الذين سقط المئات منهم منذ بدء الحرب على غزة. وقال إن الوكالة تصرّ على الاستمرار وتثابر رغم الفواجع: موظفو الأونروا يدفنون أقرباءهم ثم يعودون ليعملوا دون كلل من أجل إغاثة المحتاجين. إنّها السبب في أن نقول إن الأونروا لا يمكن استبئدالها ودورها لا يعوّض.

من جهته انتقد وزير خارجية البرازيل مَاوْرو فييرا بشدّة حملات التشويه التي تستهدف الوكالة، مشيرًا إلى القيود القانونية وإغلاق مكاتب الأونروا ومرافقها في القدس الشرقية كجزء من نمط مقلق من العرقلة والعنف تنفذه الحكومة الإسرائيلية. كما ندد بمحاولات تقويض الوكالة عبر حملات معلومات مضللة وتشويه وابتزاز قانوني ومحاولات استبدالها بجهات إنسانية أخرى تُدخل آليات عسكرة لتوزيع المساعدات.

وفي أشهرٍ أخيرة أصدرت إسرائيل تشريعات تحظر عمل الوكالة داخل نطاق سيادتها وتقيّد الاتصال بها، ما أعاق بدوره عمل الأونروا في القدس الشرقية المحتلة.

أعلنت إسبانيا أنها ستمنح الوكالة عشرة مليونن يورو إضافية، ليرتفع إجمالي ما قدمته مدريد منذ بداية الحرب إلى نحو 60 مليون يورو، مؤكدة أن الاحتياجات هائلة وأن على المجتمع الدولي توفير الدعم المالي اللازم لاستمرار عمل الوكالة. وأضاف الوزير الإسباني أن من يعترض على عمل الأونروا فعليه السعي إلى قيام دولة فلسطينية تتولى مهامها وتعتني بشعبها.

يقرأ  نتنياهو ينتقد المظاهرات الحاشدة المطالبة بالإفراج عن الرهائن

رغم الوضع المأساوي في غزة، يؤكد رئيس الأونروا فيليب لازاريني أن الوكالة ما تزال تعمل في الأراضي المحاصرة: «لا يزال لدينا نحو 12 ألف موظف. هم — يوميًا وبعزيمة استثنائية — يقدمون الخدمات الصحية، ويجرون فحوصات تغذوية للأطفال، ويؤمنون المياه الصالحة، ويديرون الملاجئ، ويقدّمون وقت الإمكان دعمًا نفسيًا للأطفال».

المسألة إذًا ليست مجرد مسألة إغاثة آنية، بل تتعلق باستقرار إقليمي وإنساني طويل الأمد؛ ومنع انهيار الأونروا يتطلّب تحرّكًا دوليًا فوريًا لحماية الخدمات التي يعتمد عليها الملايين من الفلسطينيين.

أضف تعليق