نظرة عامة:
يُقصَد بـ«التغيب المزمن» فقدان 10% أو أكثر من العام الدراسي، وهو ما أصبح أزمة هادئة على نطاق وطني. خلال سنوات عملي كمعلمة مُتميِّزة في تكساس، كنت أعتقد أنني أفهم كل ما يتعلق بالتعليم من منظور البيانات والمؤشرات: كيفية تصنيف التلاميذ بحسب احتياجاتهم الأكاديمية، وأهمية تجميعهم وفق دلائل ديموغرافية متعددة، وكيفية تدريس معايير المعرفة والمهارات الأساسية في تكساس (TEKS) لضمان نجاحهم في اختبارات الاستعداد الأكاديمي للدولة (STAAR).
حضرت تدريبات مهنية متنوعة وطورت ممارساتي؛ أجريت مقابلات تعاطفية، طبَّقت تعليمًا حساسًا ثقافيًا، واعتمدت رصدًا تقدّميًا للمتعلمين. اخترت العمل في مدارس صنفت تاريخيًّا بأنها منخفضة الأداء، فكنت متعمِّدة في تنويع أساليبي. لكنَّ المُذهل أن طوال ستَّ عشرة سنة في الميدان لم تُجرَ مناقشة واحدة مركَّزة عن التغيب المزمن، ولذا لم أُدرِك تأثيره البالغ على طلابي إلا متأخرًا.
اليوم، بصفتي مديرة التعليم في منظمة «فور أوك كليف» غير الربحية في دالاس، مُنحتْني الرؤية والسلطة من الرئيسة التنفيذية تايلور توينز والمدير التنفيذي للقطاع الخدمي زافيير هندرسون لوضع استراتيجية تهدف إلى القضاء على التغيب المزمن في ما نُسميه «السوبربلوك»—وهو التوصيف لمنطقة جنوب أوك كليف (الرمز البريدي 75216). هذه المنطقة من أكثر مناطق دالاس تهميشًا، وفي الوقت نفسه تمتلك إمكانات واعدة. عملنا لا يدخل هذا الفضاء بعينٍ مغمضة؛ فهو يستلهم من التجربة الاستثنائية لمهندس التعليم الشهير جيوفري كندا.
التعاون مع فرقٍ رائعة مرتبطة بمعهد ويليام جوليوس ويلسون ومنطقة أطفال هارلم ومن خلال التعلم من رون كوب وشاينا تيريل، أتاح لي فهم التعرُّجات الضارة للتغيب المزمن التي تمسّ أكثر فئات طلابنا ضعفًا—خاصة أولئك الذين يعيشون في مجتمعات فقيرة. كما أتاح لي الاطلاع على عمل هيدي تشانج وفريق «Attendance Works» فهمَ خصائص الظاهرة وجذورها. شراكاتنا مع جهات محلية قوية مثل مؤسسة مجتمعات تكساس وCommit Partnership وفرت البيانات والموارد التي سأعتمدها لصياغة معادلة تقلص التغيب المزمن في مدارس دالاس.
ما هو التغيب المزمن؟
تعرف «Attendance Works» التغيب المزمن بأنه غياب يصل إلى 10% من العام الدراسي، ما يُقابل عادةً ثمانية عشر يومًا أو أكثر. تُحتسَب في هذا المقياس كلٌّ من الغيابات المبرَّرة وغير المبرَّرة؛ لأن الطالب يفقد وقت الجلوس القيم في الصف والذي لا بد من تعويضه. يختلف التغيب المزمن عن التسرب أو «التغيب المتعمد» المرتبط أحيانًا بالسلطات القضائية؛ فعوضًا عن المعاقبة، تتجه المدارس إلى نهج إيجابي يعتمد على موارد المجتمع—زيارات منزلية، حوافز، وتدريب—لدعم العائلات. يؤثر التغيب المزمن بشكل غير متناسب على الطلاب المحرومين والطلاب من الأقليات وذوي الإعاقات لأنهم يفتقرون إلى الوصول إلى الموارد المدرسية والمجتمعية التي قد تساعد في التخفيف من أسباب غيابهم المزمن.
بداية العمل
حلَّلتُ بيانات التغيب المزمن لتحديد مدرستين تغذيان الحوض السكَّاني (feeder schools) في جنوب أوك كليف ذات أعلى نسب تغيب مزمن. اختارت المنظمة مدرسة «بلاك الابتدائية» ومدرسة «تود الإعدادية» لتكونا مقرَّي المشروع التجريبي لحملة «اذهب إلى المدرسة» التي تقودها «فور أوك كليف». شكَّلتُ فريق الحلم «بلاك-تود»، وهو فريق من المعلمين والموظفين من المدرستين للوقوف على احتياجاتهما واستنباط الاستراتيجيات اللازمة لتقليص التغيب المزمن. اجتمعنا طيلة الصيف لصياغة خطة سنوية متكاملة.
صدرت عننا مقاربة مرمَّزة اختصرتها حروف H.I.T.، حيث تعني: الزيارات المنزلية (Home Visits)، الحوافز (Incentives)، والتدريب (Training). نحن نُجري زيارات منزلية لنلتقي بالعائلات في مساحاتهم الآمنة، نستمع إلى احتياجاتهم ونقدّم الدعم. كما نقدم حوافز للطلاب وأولياء الأمور والموظفين لتحفيز الحضور—من سحوبات وجوائز ووجبات ومناسبات احتفالية ورقصات حتى فعاليات مجتمعية تُشرك الجميع في مواجهة التغيب المزمن.
جانب التدريب محوري: نزور المدارس لشرح تعريف التغيب المزمن والبيانات المرتبطة به، ولتوعية الجميع بقانون مجلس الشيوخ في تكساس رقم 991 الذي يصنِّف التغيب المزمن كخاصية «معرِّضة للخطر» ويلزم إدارات المدارس بالإبلاغ عن هذه البيانات لهيئة التعليم في تكساس. من الضروري تثقيف جميع الأطراف المعنية ليفهموا مسؤولياتهم في التصدي لهذه القضية المهمة.
لزيادة فهم الطاقم في المدرستين، أجرينا جولة «اركب الحافلة» بقيادة أونيشا ويلز مديرة بناء المجتمع؛ تجربة نقلت المعلمين إلى مسار الطلاب اليومي، فشهدوا المعوقات التي يواجهها الطلاب في طريقهم إلى المدرسة: صفقات مخدرات، بائعون جنسيون، كلاب شاردة عدوانية، وأوضاع سكنية متدنية في بعض الشقق والمنازل. كانت الجولة مصمَّمة لتنمية قدرات التعاطف اللازمة لتنفيذ هذا العمل باحترافية.
بعد ذلك، استعنا بستِيسي هودج فانهو، خبيرة شراكات الزيارات المنزلية، التي درَّبت آلاف المعلمين وأعضاء المجتمع على كيفية إجراء زيارات منزلية فعَّالة. يتناول التدريب أساليب التواصل مع العائلات، وخطوات التواصل، وتنفيذ زيارات ذات مغزى. كما زوَّد الفريق بتطبيق لتسجيل الملاحظات والمعلومات ذات الصلة أثناء الزيارة، حتى يمكن متابعة العائلات بالموارد والدعم المناسبين للتغلب على العوائق التي تمنع الطلاب من الانتظام في الحضور اليومي إلى المدرسة.
ما الذي يجب معرفته عن التغيب المزمن
– التغيب المزمن مشكلة وطنية ذات امتداد واسع.
– بعد جائحة كوفيد، ارتفعت نسب التغيب المزمن في الولايات المتحدة تقريبًا من 16% إلى نحو 30%.
– ولايات عديدة أدرجت التغيب المزمن كخاصية «مُعرِّضة للخطر» في تشريعاتها.
– منظمات التعليم غير الربحية في بعض الولايات تُشكِّل تحالفات على مستوى الولاية لمواجهة الظاهرة في مجتمعات محددة.
– ملاحظات الإعذار (مذكرات المبرِّر) لا تمنع تصنيف الطالب كمتغيب مزمن إذا بلغ مجموع الأيام الغائبة العتبة المحددة.
– للتغيب المزمن تأثير سلبي واضح على الأداء الأكاديمي والسلوك.
– التغيب المزمن في المراحل الابتدائية والإعدادية مؤشر مبكر على احتمالية التسرب من المدرسة الثانوية.
– المدارس التي تعاني معدلات عالية من التغيب المزمن تخسر ملايين الدولارات من التمويل.
– الطلاب المتغيبون باستمرار معرضون لرفض الترقية أو الرسوب لأنهم يعجزون عن تعويض وقت الجلوس والمهام الفائتة.
الخطوات التالية لقادة التعليم
– ضمان حصول المعلمين والموظفين على تطوير مهني مكثف ومحدَّد حول موضوع التغيب المزمن.
– تثقيف أولياء الأمور حول معنى التغيب المزمن وتقديم نصائح عملية لتجنُّب إدراج الطلاب ضمن الفئة المتغيبة مزمنًا.
– تصنيف (tiering) طلاب المدرسة لتحددوا نطاقاتهم (مُرضٍ، معرض للخطر، متغيب مزمن، متغيب مزمن شديد، متغيب مزمن فادح).
– تشكيل فريق زيارات منزلية يذهب إلى منازل الطلاب المتغيبين مزمنًا لمعرفة الموارد التي تحتاجها العائلات لوقف دائرة التغيب.
– تحديد منظمات تعليمية غير ربحية ومجموعات مجتمعية محلية لتقديم حوافز للطلاب والعائلات على الحضور المنتظم والتحسّن في نسبة الحضور.
– الدفع نحو سن تشريعات محلية أو ولايتية حول التغيب المزمن إذا لم تكن موجودة بعد، والمطالبة بإجراءات تقارير ومتابعة واضحة.
من خلال الجمع بين بيانات دقيقة، شراكات مجتمعية فعالة، وتدخلات إنسانية ومحسوبة—زيارات منزلية، حوافز، وتدريب—يمكننا تقليص حصيلة التغيب المزمن وإعادة بناء مسارات نجاح أكثر إنصافًا لطلاب جنوب أوك كليف وباقي المجتمعات المشابهة. مداارس هذا العمل تتطلب صبرًا، التزامًا جماعيًا، واستجابة منسقة من النظام التعليمي والمجتمع. لجنه عمل محلية ومبادرات موجهة يمكن أن تُحدث فرقًا حقيقيًا على أرض الواقع.