اللطف كَعضلةٍ حان وقت أن يمارسها المعلمون الآن أكثر من أي وقتٍ مضى

نظرة عامة:

على المعلّمين أن يمارسوا «عضلة اللطف» عمدًا من خلال تعزيز الشمول والاتصال والشعور بالانتماء بين التلاميذ.

بقلم نوساخير أ. غريفن-إل، دكتوراه

عندما تفتح شاشة التلفاز يخيّم انطباع بأن الناس يتعاملون بفظاظة مع بعضهم البعض: سياسيون يطلقون الإهانات ويستخدمون لغة تجرد الطرف الآخر من إنسانيته، محللو الرياضة ينتقدون لاعبيهم كما لو أن العقود المالية تمثّل وحدها معيار القيمة، والمشاهير يتبادلون السباب في معارك لا تنتهي من الأنا. ناهيك عن المتنمّرين الإلكترونيين المنتشرين في خلاصاتنا على وسائل التواصل.

ليس عجيبًا إذًا أن يتسلّل عدم اللطف إلى صفوف المدارس. في أنحاء الولايات المتحدة احتفلت آلاف المدارس مؤخرًا بأسبوع اللطف العالمي، ومعظم هذه الاحتفالات ركّزت على تشجيع الطلاب ليكونوا لطفاء مع بعضهم البعض. لكن من الجدير بالذكر ان اللطف عضلة — وكمعلّمين تقع علينا مسؤوليّة تدريب هذه العضلات لصالح طلابنا.

هذا العام شارك أكثر من 200,000 طالب في 18 ولاية في أسبوع اللطف العالمي، وخلال الفاعليات قدّم المعلمون تذكيرات مرحة، وشجّعوا على أعمال عشوائية من اللطف، ووزعوا حوافز. لكن دورنا كمربين أعمق من ذلك: علينا أن نستخدم لطفنا المتعمّد لبناء بيئات تعليمية شاملة تمكّن الطلاب من التواصل بناءً على مصالحهم وأحلامهم المشتركة.

الفظاظة لا تحتاج أن تكون صاخبة لتؤلم؛ قد تظهر في شكل طفل يجلس وحيدًا خلال الاستراحة، أو يتأرجح بمفرده على أرجوحة الملعب، أو يتجول في الممرات دون صديق إلى جانبه.

أظهرت دراسة حديثة حول التنمّر شملت 210,000 طالب من الصفوف الثالث حتى الثاني عشر أن 64% منهم لا يشعرون بالانتماء إلى مدرستهم. وهذا أمر مهم: عندما يشعر الطالب بأنه غير منتم، يتأثر تعلمه وصحته النفسية سلبًا.

أتذكر حين تطوّعت في مكتبة كارنيغي في حي هيل بمدينة بيتسبرغ لقراءة القصص للأطفال، ولاحظت فتى يجلس منعزلًا. عندما عرضت عليه أن ينضم إلينا رفض. بعد انتهاء القصة سألتُه عما يحب أن يفعل، فأجاب مع تلعثم طفيف بأنه يحب الرسم. بدأنا نرسم معًا، ورفعّت صوتي قليلًا حتى يسمع الآخرون في المكتبة؛ جاؤوا بالفعل. شرع كل طفل في إضافة تفصيلة إلى وجه رسمنه بالتناوب، وطرحت عليهم أسئلة تساعدهم على معرفة بعضهم بعضًا. بنهاية الجلسة اكتشف الأطفال أن لديهم قاسمًا مشتركًا: حبّهم للفن. وفي تلك اللحظة وجد ذلك الفتى المنعزل شعور الانتماء.

يقرأ  مسؤول في حركة حماس لبي بي سي: «خطة ترامب للسلام تتجاهل مصالح الشعب الفلسطيني»

تلك اللحظات من التواصل تصنع الفارق. اللطف ليس مجرّد مساعدة في حمل سلة بقالة أو الإمساك بالباب؛ بالنسبة للمعلّم، اللطف يعني ضمان إشراك كل طالب. ويمكن تحقيق ذلك عبر خطوات عملية مثل:

– سؤال الطفل: «ما الذي تود أن تصبح عندما تكبر؟» وإذا لم يعرف، اسأل: «ما الشيء الذي تهتم له أو تستمتع بفعله؟»
– الإنصات بانتباه وتدوين ملاحظات ذهنية تفصيلية لتتمكن من ربط اهتمامات وأحلام الطلاب ببعضها داخل الفصول.
– تصميم أنشطة تجمع الطلاب وفق اهتمامات مشتركة كي ينشأ لديهم أرضية مشتركة للتقرّب.
– تشجيع الحوار عبر طرح أسئلة تدفع نحو تعميق الصلات بين الطلاب وتبادل الخبرات.

عندما يشعر الطلاب بأنهم مرئيون ومقدّرون ينشأ مناخ تعليمي إيجابي. وبصفتنا مربيين، تقع على عاتقنا مسؤولية ممارسة «عضلة اللطف» عن وعي. ومع إغلاق صفحة أسبوع اللطف العالمي، ورغم تشجيعنا الدائم للطلاب على أن يكونوا لطفاء مع بعضهم، دعونا نتحدّى أنفسنا لبناء بيئات تعلمية أكثر شمولًا لكل طفل.

نوساخير أ. غريفن-إل، دكتوراه، معلّم معروف على الصعيد الوطني، ومبتكر في مجال محو الأمية، وهو الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لمكتبة الحالمين الصغار، مكتبة إلكترونية/متحرّكة تهدف إلى مساعدة الأطفال على استخدام الكتب كأدوات لبناء أحلامهم. كما هو زميل برنامج الأصوات العامة لدى مشروع الرأي The OpEd Project بالشراكة مع المعهد الوطني لتنمية الطفل الأسود.

أضف تعليق