الولايات المتحدة تفرض عقوبات على رئيس كولومبيا غوستافو بيترو — تصعيد الخلاف مع دونالد ترامب

وزارة الخزانة الامريكية تفرض عقوبات على رئيس كولومبيا وعائلته ووزير الداخلية

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات مالية على الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو وأفراد أسرته ووزير الداخلية أرماندو بينيديتي، في قرار يمثل تصعيداً كبيراً في التوتر السياسي بين الرئيس اليساري بيترو ونظيره الأميركي من اليمين، دونالد ترامب.

اتهامات الخزانة وخطة “السلام الشامل”

اتهمت الخزانة بيترو بعدم كبح صناعة الكوكايين في كولومبيا، وأنه يعيق ملاحقة جماعات إجرامية. واستشهد البيان بخطة بيترو المعروفة باسم “السلام الشامل” (Total Peace)، التي تهدف إلى إنهاء صراع داخلي دام ستة عقود عبر تفاوض مع المقاتلين والجهات الإجرامية. وقال سكوت بيسنت، بحسب بيان الخزانة، إن إنتاج الكوكايين شهد “انفجاراً” منذ تولي بيترو السلطة ما أغرق الأسواق الأميركية وسمّم الأميركيين، وخلص إلى أن بيترو سمح لعصابات المخدرات بالتمدد وامتنع عن قمعها.

رد بيترو والخطوات القانونية المحتملة

رد بيترو سريعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، واعتبر أن قرار الخزانة تتويج لتهديدات جمهورية قديمة، مشيراً إلى أن اسمه وأسماء زوجته وأبنائه أُدرجت في قائمة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC). أكد أنه سيثابر على محاربة تهريب المخدرات، وأن حكومته خاضت هذه المعركة بفعالية لعقود، وأنه سيلجأ إلى القضاء الأميركي للطعن في العقوبات. وخاطب خصومه بعبارة حازمة: لا تراجع ولا انحناء.

سياق أوسع: قادة دوليون سبق استهدافهم

يضع تصنيف بيترو بين مجموعة صغيرة من القادة الدوليين الذين تعرضوا لعقوبات أميركية على مستوى شخصي، من بينهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد غزوه لأوكرانيا عام 2022. تأتي العقوبات في وقت يقترب فيه بيترو من نهاية ولايته المحددة دستورياً، إذ من المقرر أن يغادر منصبه عام 2026. ويُنظر إلى بيترو كأول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا الحديث.

يقرأ  تعلّم إلكترونيّ عالميّ مُصمَّم خصيصًا ليتماشى مع العلامة التجارية • الثقافة • القِيَم

سجل المواجهات بين بيترو وترامب

اشتد الخلاف بين بيترو وترامب منذ عودة الأخير إلى البيت الأبيض في يناير، ومع إعلان ترامب عن سياسة ترحيل واسعة للوافدين غير الشرعيين من الولايات المتحدة. أثارت صور مهاجرين مكبلين يتم نقلهم جواً ردود فعل غاضبة لدى بيترو، الذي هدّد في ساعات مبكرة من 26 يناير بعدم استقبال رحلتين للترحيل كانتا في الأجواء. رد ترامب بتهديد تطبيق رسوم جمركية بنسبة 30% على صادرات كولومبيا، ما دفع بيترو للتراجع آنذاك. لكن الخلاف استمر على قضايا الهجرة وحقوق الإنسان وسياسة مكافحة إنتاج الكوكايين.

اتساع إنتاج الكوكايين وضغوط أميركية

لا تزال كولومبيا أكبر مصدر لكوكا في العالم، وقد أبلغت الأمم المتحدة العام الماضي عن السنة العاشرة المتتالية لزيادة إنتاج الكوكايين، مع ارتفاع بلغ نحو 53% مقارنة بعام 2022، العام الذي تولى فيه بيترو الرئاسة. استغل ترامب ملف المخدرات لتشديد الضغط الخارجي، بما في ذلك تهديدات بفرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات دول منها كندا والمكسيك.

اشتباكات على خلفية ضربات عسكرية

منذ الثاني من سبتمبر، نفّذت الولايات المتحدة ضربات صاروخية استهدفت زوارق في الكاريبي والمحيط الهادئ، وقالت واشنطن إن الهدف كان مهربي مخدرات. لكن بيترو وصف هذه الضربات بأنها إعدامات خارج نطاق القضاء، واستشهد بحالة الصياد أليخاندرو كارانزا الذي قُتل في إحدى الضربات، مع تقارير عن مقتل ما لا يقل عن 34 شخصاً لم تؤكد هوياتهم رسمياً. وصف بيترو الضحايا بأنهم ليسوا خسائر قتالية بل “جرائم قتل”.

الموقف الدولي ونشاط بيترو

نقل بيترو معارضته إلى منبر الأمم المتحدة وهاجم السياسة الأميركية في الحرب على المخدرات، معتبراً أن النهج العنيف فشل وأن نهجه البديل كان سياسياً فعّالاً لمواجهة التهريب. كذلك شارك بيترو في احتجاجات بنيويورك إلى جانب متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين، فاستجاب البيت الأبيض بسحب تأشيرته رافعاً وصفه لأفعال المحتجين بأنها “متهورة”. وفي ذات الشهر، ألغت الإدارة تصنيف كولومبيا كشريك في الحرب الأميركية على المخدرات.

يقرأ  الإمارات تمنع شركات دفاع إسرائيلية من المشاركة في معرض دبي على خلفية الضربة في قطر

قطع المساعدات وتهديدات متجددة

تصاعد التوتر بعد إعلان ترامب، خلال الأسبوع الأخير، عن وقف كل المساعدات الأميركية لكولومبيا، التي كانت أكبر متلقٍ للتمويل الأميركي في أميركا الجنوبية. حذّر ترامب من اتخاذ موقف أشرس إذا لم تتخذ بوغوتا خطوات فعلية لوقف تجارة الكوكايين، مهدداً بأن الولايات المتحدة قد تضطر للتدخل بنفسها “وبأسلوب غير لطيف”. كرر ترامب تهديداته خلال لقاء مع الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، في 22 أكتوبر، محذراً من اتخاذ “إجراءات جدية” تجاه بيترو وبلاده إذا لم تتغير الأمور. «ما أوقع بلاده فيه هو فخ الموت.»

وردًا على ذلك، هدد بيترو بمقاضاة ترامب بتهمة التشهير.

من جهته وصفه زعيم امريكا بأنه «تاجر مخدرات» و«بلطجي» و«رجل سيئ»، إلى جانب عبارات أخرى مسيئة.

وقد أدت هذه المشادة بين الرئيسين، الدي تخللها تبادل اتهامات لاذعة، إلى توتر شديد في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حتى أن كولومبيا استدعت مؤخراً سفيرها من واشنطن.

ومع ذلك، ظلت كولومبيا تقليدياً أحد أهم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وشريكاً محورياً في جهود مكافَحة شبكات الاتجار بالمخدرات.

أضف تعليق