ترجمة معاد صياغتها — المستوى: متقدم (C2)
الصداقة مجموعة مهارات
تقول ليديا دينورث إن الصداقة ليست أمراً فطرياً كاملاً لدى الأطفال، بل هي مجموعة من المهارات التي يحتاجون إلى تعلمها وصقلها. والصداقة الصحيّة حسب وصفها تتميز بالإيجابية، والاستمرارية، والتعاون المتبادل، وتشمل اللطف والدعم العاطفي والرد بالمثل.
الدعم المدرسي والتدخل المبكّر
في مدرسة مارتن لوثر كينغ جونيور الإعدادية في بيركلي، تخبر المستشارة المتخصصة في العدالة التصالحية تشاو تران الطلاب منذ بداية العام الدراسي بأنها متاحة لدعمهم في مشكلات الصداقة. وقد لاحظت أن سوء الفهم الصغير قد يتسع بسرعة إلى أزمات أكبر، وأن وجود بالغين داعمين يساعد الطلاب على التعبير بوضوح وصياغة حدود صحية مع الآخرين.
— تران: «في هذا العمر هم لا يزالون يتعلّمون كيف يواجهون النزاع؛ كيف يعبّرون عن حقيقة مشاعرهم، وكيف يجلسون ويستمعون فعلاً».
عندما يمر الطفل بانفصال صداقة
حين ينهار رابط الصداقة، تميل ردود فعل البالغين إلى الرغبة في «إصلاح» المشكلة فوراً. لكن دينورث توصي بالعكس: التمهّل والاعتراف بالألم هو أفضل مساعدة. هناك ميل لتقليص شأن هذا الحزن، لكن أدمغة المراهقين تتفاعل مع التغيرات الاجتماعية بطريقة مختلفة عننا كبالغين؛ وفهم ذلك يستدعي مزيداً من التعاطف. نصيحتها العملية بسيطة: قل للطفل «نعم، هذا مؤلم فعلاً»، ودعه يشعر بالألم — وابقَ بجانبه.
هذه التجارب جزء طبيعي وأساسي من النضوج؛ حيث تساعد المحادثات السياقية التي يجريها الكبار على توضيح أن الصداقات ستتبدل وتتطور مع الزمن.
قصة ساشي: فقدان مجموعة أصدقاء
ساشي، البالغة 14 سنة من مينلو بارك، عاشت انفصالاً مؤلماً عن مجموعة صديقاتها في السنة الأولى من المدرسة الثانوية. لاحظت ساشي إشارات بأنها لم تعد مرغوبة في الدائرة نفسها: تجاهل، ردود مقتضبة، وانكماش في التواصل. أحست بالحزن والارتباك، لكن دعم والدتها الذي تجلّى في الهدوء ومشاركة تجارب مماثلة وحثّها على الانفتاح على زملاء جدد، ساعدها على تخطي الفترة. تقول ساشي: «كوني تواصلت مع ناس جدد بالثانوية فتح لي أبواب صداقات جديدة — وكنت سعيدة لأنني تجرأت على التوسّع بعد تلك الانفصالات».
حين يكون طفلك هو الذي ينهى الصداقة
الانفصالات ليست صعبة فقط للمتخلى عنه، بل أيضاً على الشخص الذي يقرر الابتعاد. إيزيبل (17 سنة) أنهت صداقة لأنها لاحظت سلوكاً مقلقاً لدى الصديق حين ازداد ارتخاؤه من تبعات أفعاله. اختارت الانفصال عبر رسالة نصية، ثم عانت من شعور الذنب والشك أسبوعاً تلو الآخر.
تنصح دينورث بأن دور الآباء هنا ليس تقرير مصير العلاقة، بل مساعدة الأبناء على التفكير في طريقة إنهائها: هل هم لطيفون؟ هل هم متعاطفون؟ إنهاء علاقة لا يبرِّر أن يكون جارحاً بلا داع. كما تشدّد على أهمية أن يضع الآباء قواعد سلوكية حول كيفية التعامل مع الآخرين، بما يحفظ الكرامة ويقلل الأذى غير الضروري.
التخطيط إذا أمكن
ليان ديفيس، أم من ولاية واشنطن، تواجه انتقال صديق آخر لابنها هذه السنة، لكنها تخطّط مبكراً لأن درسها من الانتقال السابق كان واضحاً: ابنها تأثر عاطفياً جداً عندما انتقل صديقه السابق إلى إسبانيا. الآن تعمل ليان على إيجاد فترات طويلة يقضيها الصديقان معاً قبل الرحيل، وتشجعهما على صنع أشياء مادية مشتركة تحفظ لهما ذكريات ملموسة — حقيبة، ألبوم صور، أو هدية يُرسلها الابن لصديقه بعد الانتقال، «حتى عندما يراها تذكّره بصديقه وبالفرح الذي جمعهما». كما تتفق الأسرة على فتح قنوات تواصل (رسائل نصية أو مراسلة عبر الإنترنت) قبل الرحيل لتمكين التواصل لاحقاً، مع احتمالية تلاشيه بمرور الوقت.
مثل كثير من الآباء، تسعى ليان للموازنة بين الدعم وعدم التدخّل الزائد، مع استعداد لتقبل ردود فعل ابنها ومواكبته دون السيطرة الكاملة.
ملاحظات للتعامل مع أزمات الصداقة لدى المراهقين
– التوقُّف عن «الإصلاح» الفوري: لا تحاولوا جعل الأمور «أقل أهمية»؛ الاعتراف بالمشاعر أكثر نفعاً.
– تعريف الصداقة عملياً: علّموا أولادكم أن الصداقة مهارة تُتمرّن، وأن الصديق الجيد مستمر، إيجابي ويتبادل العطاء.
– الحوار المبكّر: تحدثوا عن الصداقات بقدر ما تتحدثون عن الدرجات والأنشطة؛ واجعلوا النقاش عنها روتيناً.
– مهارات إنهاء العلاقة: ساعدوا الأبناء على التفكير في طرق رحيمة لإنهاء الصداقات إذا لزم الأمر — لا حاجة لأن يكون ذلك جارحاً أو مهيناً.
– التخطيط والذاكرة: عندما يقترب الفراق، ساعدوا على خلق ذكريات ملموسة وتأسيس طرق للتواصل بعد الانتقال.
الخلاصة
خسارة صديق أو تغيير في دوائر الصداقات هو جزء من النمو. المراهقون يختبرون هذه التحولات بعمق تامّ، وأدمغتهم تكون مهيأة لاستجابات عاطفية قوية. وجود بالغين مستمعين، مطلقين للتعاطف، ومساعدين على التفكير المنظم بدل «الإصلاح» السريع، يمكن أن يمنح الشباب المساحة ليشعروا، ليتعلموا، ولينموا علاقات صحية في المستقبل. كما أن مشاركة الآباء لخبراتهم الشخصية الهادئة، والتخطيط للوداع بذكريات ملموسة، تُسهِم في تخفيف وقع الفراق.
ملاحظة: هذا النص يعيد صياغة المقال والمقابلات مع الباحثة ليديا دينورث، ومستشارة العدالة التصالحية تشاو تران، وأولياء الأمور والمراهقين الذين شاركوا تجاربهم، ليقدّم خلاصة عملية وميسّرة للآباء والمعلمين والراغبين بمساعدة الشباب على اجتياز أزمات الصداقة.