الانتحار مسألة معقّدة وتتأثّر بعدد كبير من عوامل الخطر، بما في ذلك الأمراض النفسية غير المعالجة، الإجهاد الطويل الأمد، العزلة، ووصول الأفراد إلى وسائل مميتة مثل الأسلحة النارية والأدوية. التقرير الجديد لم يتعمق في الأسباب المحتملة لتحسّن الأوضاع بين المراهقين في السنوات الأخيرة. لكن أحد التفسيرات المحتملة، بحسب هاركافي-فريدمان، هو أن المزيد من المراهقين صاروا يتحدثون عن أفكارهم الانتحارية مع الآخرين. وأشارت إلى برنامج للوقاية من الانتحار تديره منظمتها اسمه «الكلام ينقذ الأرواح» (Talk Saves Lives)، الذي يعلّم الناس كيفية التعرف على علامات التحذّر من الانتحار.
«عدم كتمان الأمر ومشاركته مع شخص آخر أنك تعاني يمكن أن يكون مفيداً»، تقول.
وبالإضافة إلى ذلك، تضيف، فقد زاد عدد المراهقين الذين يطلبون المساعدة ويجدونها.
«المزيد والمزيد من الأطفال يتواصلون مع العلاج. وتلك العلاجات مخصّصة للانتحار والوقايه منه.»
وجاء في التقرير أيضاً أن نسبة المراهقين الذين عانوا حلقة من الاكتئاب الشديد خلال العام الماضي انخفضت في هذه الفترة — من 21% إلى 15%. لكن حوالي 60% فقط من المراهقين الذين مرّوا بحلقة اكتئاب حديثة تلقّوا علاجات.
ولا يزال 2.6 مليون مراهق يفكرون في الانتحار في عام 2024، بحسب هانا ويسولوفسكي، رئيسة قسم المناصرة في التحالف الوطني للمرضى النفسيين.
«هذا يعني واحداً من كل عشرة أطفال، وهو رقم لا يزال مرتفعاً للغاية في هذا البلد»، تضيف. «نحن نحرز تقدماً، لكن ليس بالسرعة الكافية.»
وأشار التقرير كذلك إلى أن 700,000 مراهق حاولوا الانتحار خلال العام الماضي.
وتلفت ويسولوفسكي إلى أن الوصول إلى خدمات الصحة النفسية ما زال يشكّل تحدّياً أمام الأمريكيين، ويرجع ذلك جزئياً إلى التكاليف الباهظة التي يدفعها المرضى من جيوبهم، ونقص مزوّدي الرعاية النفسية، ونقص الرعاية الثقافية الملائمة لمختلف المجموعات العرقية والإثنية.
ووفق التقرير الجديد، بينما كان هناك ارتفاع طفيف في عدد البالغين الذين يتلقون علاجاً نفسياً، فإن ما يقرب من نصف البالغين المصابين باضطراب نفسي واجهوا صعوبة في الحصول على العلاج.
اختفاء بيانات
تلاحظ ويسولوفسكي أمراً مفقوداً في التقرير الجديد مقارنة بالسنوات السابقة.
«هذا التقرير لا يفرّق معدلات الانتشار أو معدلات العلاج حسب العرق أو الإثنية، كما كان الحال سابقاً»، تقول.
وكتبت هيذر سوندرز، الباحثة في KFF، في رسالة إلكترونية لـNPR أن «تقرير 2023، كما في السنوات السابقة، قدّم توزيعاً حسب العرق والإثنية.»
«إزالة هذه البيانات تحدّ من قدرتنا على تتبّع اتجاهات الصحة السلوكية وأي فروق في الوصول إلى الرعاية»، لاحظت.
استخدمت سوندرز وزميلاتها تلك البيانات في الماضي لفهم الاختلافات في انتشار الأمراض النفسية والأمراض النفسية الخطيرة بين المجموعات العرقية والإثنية المختلفة.
وقد كانت تقارير المسوح من السنوات الماضية، على سبيل المثال، مفتاحية في تحديد الارتفاع الأخير في معدلات الانتحار بين الشباب السود، كما تشرح ويسولوفسكي.
«هل نحرز تقدماً في هذا الجانب؟» تسأل. «من دون بيانات الانتشار ونظر حقيقي في البيانات بحسب الخصائص الديموغرافية، قد لا ننفق مواردنا بالطريقة الصحيحة.»
وقال أندرو نيكسون، متحدث باسم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، في رسالة إلكترونية لـNPR إن البيانات الديموغرافية بما في ذلك العرق والإثنية ستُنشر في تقرير قادم.
الانتحار لا يزال أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في الولايات المتحده، تذكر ويسولوفسكي. ووفق التقرير الجديد، فقد أودى الانتحار بحياة أكثر من 49,000 شخص في عام 2023.
«نحن نضع أموالاً كثيرة في الوقاية من الانتحار وخدمات الصحة النفسية. لكن الحاجة كبيرة للغاية ونعرف أننا بحاجة إلى المزيد»، تقول ويسولوفسكي، «هذه الجهود ليست كافية.»
إذا كنت أنت أو شخص تعرفه يكافح أفكاراً انتحارية، يمكنك الاتصال أو إرسال رسالة نصية إلى الرقم 988 للتواصل مع المساعدة.