التعلّم المخصّص، وتمكين المتعلّمون
إعادة استخدام منتج أو منهج موجود يقلّل من عبء الجهود البشرية، ويخفّض التكاليف، ويقصّر زمن التطوير. ورغم أن اعتماد منتج عام أو اتباع منهجية موحّدة يخفّف من ضغط العمل على المؤسسة، إلا أن فعاليته لا تلائم الاحتياجات الفردية لكل متعلّم. يشبه الأمر سباق التتابع؛ تحمل العصا وتنقلها إلى الرياضي التالي — هل تعتقد أن منتجًا عامًا يستطيع تلبية متطلبات كل فرد؟ هل سيؤدي تمرير منهجية عامة إلى الأجيال التالية إلى نتائج مماثلة؟ الجواب الواضح: لا. فلماذا ما زالت تُستخدم نفس الدورات التدريبية وتُمرّر إلى جيل لاحق قد يواجه مشكلات مختلفة في سياقات متباينة؟ في عصر التعليم الإلكتروني الحديث، تتلاشى طرق التدريب العامة القديمة، لتفسح المجال لمفهوم أحدث: التعليم الإلكتروني المخصّص.
ما هو التعلّم المخصّص؟
التعلّم المخصّص يعني تكييف النظريات التعليمية والمناهج وبيئات التعلم لتلبية احتياجات وأساليب تعلم كل متعلّم على حدة. يختلف التخصيص عن الفردية أو التفريع؛ فالتخصيص يمنح المتعلّم درجة من الاختيار بشأن ما يُدرّس، ومتى يُدرّس، وكيف يُتعلم.
جوهر التعليم الإلكتروني المخصّص
تمكين المتعلّم من تعديل عناصر متنوعة في التعليم عبر الإنترنت هو الجوهر الحقيقي للتعلّم المخصّص. بعبارة أخرى، يُسمح للمتعلّم بوضع أهدافه الخاصة، والسير وفق وتيرته، والتواصل مع المدرّسين لتفصيل عملية التعلم. في النموذج المثالي، يكون المتعلّم مخوّلاً لإدارة تعلمه وتخصيص تجربته من خلال التحكم المباشر في الإجراءات والمحتوى الموفّر.
المصدر الأساسي للتخصيص
المصدر الرئيسي لتخصيص التعليم الإلكتروني هو ملاحظات المتعلّم، سواءً عبر سلوكياته داخل النظام أو من خلال اقتراحاته المكتوبة. هذه الملاحظات تُعلّم مطوّري المحتوى التعليمي بتوقّعات واحتياجات المتعلّم من دورة معيّنة أو من عدد من الدورات ذات الصلة بمفهوم محدد.
دور مصممي المحتوى التعليمي
يلعب مصممي المحتوى التعليمي دورًا حاسمًا في تطوير وتنفيذ تجارب التعليم المخصّص. تتجاوز مسؤولياتهم التصميم التقليدي لتشمل تفصيل المحتوى والتقويمات والأنشطة لتلبية الاحتياجات والتفضيلات الفريدة لكل متعلّم.
عوامل ينبغي مراعاتها عند التخصيص
هناك عوامل عديدة تؤثر في قدرة المتعلّم على الاستفادة، مثل العمر، والخلفية الديموغرافية، والمستوى التعليمي، والخبرة. ومن بين الجوانب الرئيسة التي ينبغي الانتباه إليها عند تخصيص تجربة إلكترونية:
– تخصيص اسم المتعلّم
اجعل الدورة تدعو المتعلّم باسمه عند التسجيل بدلاً من عبارات عامة مثل “المتعلم أ”.
– تخصيص البيئة
اسمح للمتعلّم بتحديد شكل بيئة التعلم الإلكترونية، بما في ذلك اختيار الأفاتار أو الأصوات للمحتوى الصوتي.
– صياغة المحتوى بما يخص المتعلّم
أدرج عناصر من بيئة المتعلّم وعاكس عاداته في التصفح وتفضيلاته (مدونات، مواقع تواصل، مصادر محتوى ذات صلة).
– تكييف الأهداف التعليمية
مكن المتعلّم من ربط أهداف الدورة بأسباب التحاقه بها؛ مثلاً إذا كان الهدف الانتقال من مشرف إلى مدير، يجب أن تدعم الأهداف هذا المسار المهني.
– رسم المسارات التعليمية الخاصة
اسمح لهم بتخطيط مسارهم التعليمي؛ اصنع محتوى “غير خطّي” حتى يختاروا ويتنقّوا كيف يتعلّمون.
– الحوار المباشر داخل الدورة
استخدم عبارات تفاعلية مثل: “الآن لننقر الخيار لمناقشة الموضوع” بدلاً من توجيهات جامدة مثل “اضغط خروج للخروج”.
– مراعاة القدرات الفردية
دع المتعلّم يختار المواضيع التي يحتاجها بدلًا من إجباره على استيعاب محتوى لا يفيده، مما يوفر وقته للمعارف الأهم.
– تخصيص الوسائط
ليس كل المتعلّمين يتعلمون بنفس الأسلوب؛ لذا ينبغي أن تتنوّع الوسائط لتلائم أساليب التعلم المفضلة لديهم.
– دمج مبادئ التعلم التكييفي
أدخل مبادئ التعلم التكييفي في التصميم ليتمكن النظام من تعديل صعوبة المحتوى والوتيرة ديناميكيًا بناءً على أداء كل متعلّم.
ملاحظة ختامية
جمع كل هذه العناصر يُنتج بيئة تعلم شخصية حقيقية (PLE) تمكّن المتعلّم من إدارة وتحكّم تعلمه. يساهم مصممو المحتوى التعليمي بشكل جوهري في نجاح تجارب التعليم المخصّص، إذ لا يقتصر دورهم على تصميم محتوى فعّال فقط، بل يتعدّاه إلى خلق بيئة تتكيّف مع الاحتياجات والتفضيلات الفريدة لكل فرد.