السفارة الأمريكية تحث مواطنيها على المغادرة فوراً
أصدرت السفارة الأمريكية في مالي، اليوم الثلاثاء، تحذيراً صارماً لمواطنيها طالبت فيه «المغادرة فوراً» عبر خطوط جوية تجارية، مشيرة إلى أن إغلاق طرق ناقلات الوقود جعل الحياة اليومية أكثر خطورة وبات يعرض المسافرين للخطر بشكل متزايد.
أجزاء من عاصمة البلاد توقفت تقريباً بعد أن فرضت جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة حصاراً اقتصادياً عبر قطع مسارات شحن الوقود، في محاولة للضغط على الحكومة العسكرية الجديدة وإخراجها من توازنها.
طوابير طويلة شهدتها محطات الوقود في العاصمة هذا الأسبوع، وبلغ الغضب ذروته مع اشتداد الحصار؛ إذ ارتفع سعر الوقود بنحو 500% من 25 دولاراً إلى 130 دولاراً للتر وفق مراسل الجزيرة نيكولاس هاك.
فرضت جماعة «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» الحصار الشهر الماضي رداً على قرار الجيش حظر بيع الوقود في المناطق الريفية، ويبدو أن الحملة نجحت في تحويل سخط الشارع تجاه الحكام العسكريين.
قال سائق في بمـاكو، عمر سيديب، للجزيرة: «على الحكومة أن تقوم بدورها الكامل وتأخذ المسؤوليه… وتكشف السبب الحقيقي لهذا النقص».
أفاد المراسل أيضاً بأن مقاتلي القاعدة أحرقوا شاحنات محملة بالوقود مع نفاد الإمدادات. أُغلقت المدارس والجامعات لمدة أسبوعين، فيما بدأت شركات الطيران تلغي رحلاتها المغادرة من العاصمة.
وحذرت السفارة الأمريكية مواطنيها من السفر برا إلى دول الجوار، محذرة من خطر «هجمات إرهابية على الطرق الوطنية»، ونصحت من يقرر البقاء بوضع خطط طوارئ تشمل الاستعداد للبقاء في المأوى لفترة ممتدة.
رغم ذلك، يصر القادة العسكريون على أن «كل شيء تحت السيطرة»، فيما تزداد مخاوف السكان وتتسارع الأخبار عن مزيد من التدهور الأمني والاقتصادي.
استولى الجيش على السلطة في انقلاب عام 2020، متعهداً بوقف التدهور الأمني الناتج عن جماعات مرتبطة بالقاعدة وداعش، لكن الأزمة تفاقمت خلال السنوات التالية.
على حدود مالي، في السنغال المجاورة، انتظر سائقو الشاحنات شهوراً بلا وقود، وامتنع كثيرون عن التحدث أمام الكاميرات، بينما تُتهم بعض شركات النقل بدفع أموال لمقاتلي القاعدة لنقل شاحناتها. قال المراسل: «خزاناتهم فارغة، وما أمامهم طريق خطير إلى مناطق سيطرة القاعدة».
في العاصمة، يزداد اليأس. قال بَكاري كوليبالي، تاجر وقود: «كنا نشتري الغاز في السابق بسهولة وبعبوات. الآن لم يعد هناك شيء. نُجبر على التوجه لمحطات الوقود، وحتى هناك لا ضمان لوجود بنزين—فقط عدد قليل من المحطات لديها إمدادات».
تُعد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين واحدة من عدة فصائل مسلحة تنشط في منطقة الساحل الشاسعة، حيث تنتشر الاشتباكات وهجمات واسعة النطاق بوتيرة متسارعة.
تحت حكم الجيش، قطعت مالي علاقاتها مع مستعمرتها السابقة فرنسا، وغادر آلاف الجنود الفرنسيين البلاد بعد سنوات من المشاركة في مواجهات المسلحين. أودت المعارك بحياة آلاف المدنيين والمقاتلين، بينما نزح نحو 350 ألف شخص داخل وخارج البلاد وفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش.