سارة سميث
محررة شؤون أمريكا الشمالية
«هل كان الأمر يستحق؟» — مراسلو بي بي سي يقيمون الزيارة الرسمية لترامب
لا ريب أن دونالد ترامب بدا أكثر حماسة ليومه في قلعة وندسور منه لمحادثاته مع كير ستارمر في تشكرس.
وليس هذا تقليلاً من ضيافة رئيس حكومة المملكة المتحدة خلال الزيارة الرسمية، التي حرص ترامب وفريقه على مدحها علناً.
يمثل مقر إقامة ستارمر الريفي بلا شك مكان لقاء مهيب، بل شمل الحدث أيضاً عرضاً جوياً من فرقة العرض التابعة للجيش البريطاني «ريد ديفلز» التي حلّقت بأعلامٍ بريطانية وأمريكية ضخمة لاستقبال الزعيم الأميركي في ريف باكينغهامشير.
ومع أن ترامب يظهر تقديراً صادقاً لستارمر، وكان التفاهم الودي بين الرجلين واضحاً في المؤتمَر الصحفي المشترك يوم الخميس، فقد سلبت استضافته لدى الملك والملكة يوم الأربعاء اهتمامه تماماً.
ووفقاً لرئيسة مكتبه، سوزي وايلز، كانت ذروة الزيارة لديه الوليمة المسائية الفاخرة التي أقيمت في قاعة القديس جورج في قلعة وندسور، بحضور 160 ضيفاً.
لترامب، الذي يكن إعجاباً عميقاً وطويلاً للعائلة المالكة، يصعب أن تنافسه أيَّ زيارة مهما عظمت في تشكرس عندما تُصاحِبها تحيات الملك ورفع نخبٍ على شرفه في قلب القلعة.
أدى «ريد ديفلز» عرضاً فوق سماء تشكرس لصالح الزعيمين البريطاني والأميركي.
تمكّن مثل هذه الزيارات الرسمية من أن تجمع الرؤساء ورؤساء الحكومات على مستوى شخصي أكثر، وتمنح طواقمهم فرصة بناء علاقات عمل، كما تتيح منصة لعرض متانة العلاقات على مسرح علني كبير.
وبهذا المعنى، كانت الأمور تسير بسلاسة على جانبي الطرفين.
لم تظهر إحراجات حقيقية خلال المؤتمر الصحفي المشترك، الذي كان من الممكن أن يكشف مناطق الخلاف. عندما طُرح على الرجلين أحد هذه القضايا، خطة المملكة المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية، عبّر ترامب عن اختلافه لكنه أبدى ابتسامة كبيرة ووخزة ودية على ظهر ستارمر بينما أدان رئيس الوزراء حماس.
أما في شأن آخر حساس، فصل ماندلسون من منصب سفير بريطانيا لدى الولايات المتحدة على خلفية علاقته بجيفري إبستين، فقد كان ترامب أكثر تحفظاً من المعتاد، قال القليل للغاية وتحول فوراً إلى ستارمر.
ناقش الزعيمان غزة وأوكرانيا خلال نحو ساعة من الحديث الخاص دون حضور أي من طواقمهم. ورغم ودّهما الواضح في المؤتمر الصحفي، بات سريعاً جلياً أن أيّاً منهما لم يغير مواقفه في القضايا الأساسية التي تختلفان بشأنها.
شاهد: البذخ والبهارج والاحتجاجات أثناء تلقي ترامب معاملة ملكية في وندسور
هناك حدود لتأثير أي زعيم على ترامب، مهما تكللت زيارة كهذه بالنجاح. داخل تشكرس، سألت وايلز، رئيسة مكتب الرئيس، عن مدى الفارق الذي ستحدثه الزيارة في قدرة بريطانيا على التأثير في سياسة الولايات المتحدة بشأن التجارة والرسوم والقضايا الدولية. كان جوابها صريحاً: لا فرق يذكر.
مهما استمتع ترامب بهذه الزيارة الرسمية، فلن يغيّر مواقفه بشأن قضايا عالمية مهمة لمجرّد ليلة لا تُنسى في قلعة وندسور.
ومع ذلك، بعد كل البذخ والبهجة، يبدو أن ستارمر نال على الأقل حق الاختلاف مع ترامب باحترام من دون تكبُّد عقوبة دبلوماسية.
قد يكون مكلفاً الوقوع في غير حيّز الرئيس الأميركي، لكن بتأنٍّ في إدارة العلاقة نجحت بريطانيا في تجنّب الرسوم التجارية القاسية التي فُرضت على دول أخرى. ولم يتعرّض ستارمر، في المقابل، لتوبيخ مهين أو لُقّب بلقب مهين.
رغم أن المآل لم يزدُ إلى مشهد المواجهة الحادّ الذي شهدناه أحياناً في المكتب البيضاوي هذا العام — ليس مع فولوديمير زيلينسكي فحسب بل مع قادة آخرين أيضاً — إلا أنه من اللافت أن ترامب بدا أكثر ارتخاءً في التعامل مع الأسئلة خلال المؤتمر الختامي وبأسلوب أقل عدائية مما هو مألوف عنه في واشنطن.
هل استخدم رئيس الوزراء البريطاني ورقة «ترامب» بتنظيم هذه الزيارة الفخمة؟ لقد جرى تنسيقها ببراعة وبدا أنها أسعدت ترامب والسيدة الأولى بوضوح.
ومع أن ستارمر ربما لم ينجح في تغيير رأي الرئيس، فإن احتمال نشوب خلاف الآن يبدو أبعد من أي وقت مضى.