انتقادات واسعة طالت حزمة مساعدة مالية كبيرة مُنحت للأرجنتين، خاصة أن مزارعي فول الصويا الأرجنتينيين استحوذوا على حصة سوقية من منتجي الولايات المتحدة، ما أثار غضب صناعة الصويا الأميركية ومؤيديها.
“الإحباط طاغٍ”، قال كاليب راغلاند، رئيس جمعية فول الصويا الأميركية، في 24 سبتمبر.
لماذا أثار ذلك الجدل؟
– سيناتور أيوا تشاك غراسلي لخص المخاوف في منشور على منصة X: “لماذا تساعد الولايات المتحدة في إنقاذ الأرجنتين بينما تأخذ سوق منتجي فول الصويا الأميركيين الأكبر؟؟؟”
– ترامب دافع عن قراره بالقول في مقابلة في 19 أكتوبر: “الأرجنتين تكافح من أجل حياتها. يا آنسة، أنتِ لا تعرفين شيئًا عن ذلك… ليس لديهم مال، ليس لديهم أي شيء.”
هل ضرر مزارعي الصويا نتيجة مباشرة للمساعدة؟
ليس بالضرورة. مزارعو الفول الصويا الأميركيون تضرروا أساسًا نتيجة سياسة تجارية منفصلة لترامب — حربه التجارية مع الصين — التي دفعت بكبرى مشتريات الصويا بعيدًا عن الولايات المتحدة صوب الأرجنتين والبرازيل. لكن توقيت المساعدة وتزامنها مع مشكلة صادرات الصويا أعطى صورة سلبية للبيت الأبيض وأغرا النقاد.
ما علاقة الديمقراطيين بالمسألة؟
يتعرض ترامب لانتقادات من الديمقراطيين بشأن حجم الحزمة المالية مقارنة بتكلفة انتهاء دعم يُخفض أقساط التأمين في سوق قانون الرعاية المُيسّرة (ACA). سيناتورات مثل آمي كلوبوشار وآدم شيف أثاروا هذه النقطة مرارًا.
ما المقصود بـ«إنقاذ» الأرجنتين؟
– التحالف بين رئيس الأرجنتين اليميني المتطرف خافيير ميلي وترامب يعد محور القصة. ميلي، الذي تسلم الرئاسة في ديسمبر 2023، انتخب على برنامج تقليص الإنفاق الحكومه وسياسات ليبرترية أخرى تُعلي من حرية الفرد وتدعو إلى حكومة محدودة.
– في مؤتمر سياسي محافظ مارس الماضي قدّم ميلي لأنصاره (ومنهم أنصار ترامب) رمزًا على تقليص الإنفاق: منشار، أهداه لإيلون ماسك.
– مع ارتفاع معدلات التضخم وضعف البيزو، واجه ميلي صعوبات داخلية؛ وضعف العملة يعني ارتفاع تكلفة السلع المستوردة وتدهور المستوى المعيشي، وهو ما شكل تهديدًا سياسيًا قبيل انتخابات تشريعية مهمة.
تفاصيل حزمة المساعدة
أعلن البيت الأبيض عن حزمة بقيمة 20 مليار دولار بصيغة تسهيل لتبادل العملة (currency swap facility) بين المصرفين المركزيين بهدف استقرار البيزو، واتُّفق رسميًا على الصفقة في 20 أكتوبر. وصف سكوت بيسنت، وزير الخزانة، الـ20 مليارًا بأنها «دعم لحليف محتاج». قال بيسنت إن هذه الحزمة تُعطي «جسرًا» للأرجنتين لتمكينها من مواصلة سياساتها الاقتصادية بقصد إعادة الاستقرار.
المخاطر والتحفظات
المنتقدون يحذرون من احتمال شراء سندات أرجنتينية بأسعار أعلى من السوق، مما قد يعرّض الخزانة الأميركية لخسائر نقدية. كما أشار خبراء مثل براد سيتسر إلى أن طريق بوينس آيرس نحو الاستقرار الاقتصادي يتطلب أكثر من موازنة متوازنة: اقتصاده يعاني تاريخيًا نقصًا في العملات الصعبة، وقاعدة صادرات صغيرة مع اعتماد كبير على السلع، وديون خارجية كبيرة، واحتياطيات عملات أجنبية منخفضة.
هل ستتضاعف المساعدة؟
لم تتضاعف المساعدة بعد، لكن المسؤولين يدرسون ذلك. سيناتور روبن جاليدو ندد بتغريدة في 15 أكتوبر: “ترامب يضاعف إنقاذه للأرجنتين. وفي الوقت نفسه أقساط رعايتكم الصحية على وشك الضعف.” بيسنت قال إنه يبحث سبل زيادة المساعدة بمقدار 20 مليارًا إضافية «بصيغ ملاصقة» للحزمة الأولى، مع احتمالية أن يأتي الجزء الإضافي من القطاع الخاص بدلاً من دافعي الضرائب.
ما انعكاس ذلك على أقساط التأمين في الولايات المتحدة؟
إذا لم يُمدد الكونغرس وإدارة ترامب بعض الإعانات الموسّعة قبل نهاية العام، فقد تضطر المستفيدون في برامج سوق التأمين لـACA إلى دفع نحو 114% أكثر من جيوبهم في المتوسط، وفق تحليلات مؤسسة كايزر فاميلي. هذا أدى إلى مقارنة مباشرة بين تكلفة حزمة الأرجنتين وتغطية اعتمادات ضريبية للـACA لعام واحد: براين شاتس قال إن تكلفة إنقاذ الأرجنتين تكفي لتغطية تلك الاعتمادات لسنة مالية كاملة؛ مكتب الميزانية الكونغرسية قدّر الاعتمادات المعنية بنحو 24.6 مليار دولار للسنة المالية 2026، وهو رقم قريب من الحزمة الأولى.
كيف أثرت المساعدات على مزارعي الصويا عمليًا؟
– الصين عادةً أكبر مشتري للفول الصويا الأميركي (موسم أكتوبر–مارس)، لكن بعد فرض ترامب رسومًا على الصين اختارت الأخيرة خفض مشترياتها من الولايات المتحدة والتوجه إلى الأرجنتين والبرازيل.
– محصول جنوب أميركا هذا العام كان جيدًا ومن المتوقع أن ينمو، فسدَّ حاجات الصين قصيرة الأمد. ميلي أزاح مؤقتًا بعض الرسوم التصديرية عن سلع زراعية لزيادة تدفق النقد الأجنبي، ما حفز الصين على شراء نحو 7 ملايين طن من فول الصويا تقريبًا على الفور.
– بالنسبة لمزارعي الصويا الأميركيين، بدا أن المساعدة الأميركية للأرجنتين كأنها مكافأة لمنافس أخذ حصتهم التجارية. ترامب وعد بمساعدة المزارعين المتضررين من سياسته الجمركية، لكن تلك المساعدات تعثّرت جزئيًا بسبب إغلاق الحكومة.
لماذا لا يمكن تحويل أموال المساعدة إلى دعم صحي داخل الولايات المتحدة؟
التمويل المستخدم لمساعدة الأرجنتين جرى عبر آلية خاصة: لدى الخزانة الأميركية صندوق مخصص للتدخل في أسواق العملات يعرف بصندوق استقرار سعر الصرف الأجنبي (Exchange Stabilization Fund)، وليس أموالًا يمكن تحويلها بسهولة إلى ميزانيات الرعاية الصحية أو اعتمادات سوق التأمين.
الخلاصة
الجدل لا يقتصر على جدوى إنقاذ أرجنتين تواجه أزمة عملة، بل يمتد إلى مبرر توقيته وتأثيره السياسي والاقتصادي داخل أميركا: من جهة دعم حليف ومحاولة منع انهيار اقتصادي أوسع في بلد نفوذها كبير، ومن جهة أخرى غضب مزارعين أميركيين وديمقراطيين يرى الأولويات تُعطى لأجندات خارجية بدلًا من التخفيف عن أعباء الأسر الأميركية.