التُقِطت صور للرئيس ترامب يوم الاثنين وهو يبدو جالساً في المكتب البيضاوي وقربه الهدايا السويسرية على مكتبه.
تتواجد بعثة من الوزراء السويسريين في واشنطن لإجراء محادثات تهدف إلى تخفيض الرسوم الجمركية الأميركية الباهظة على صادرات سويسرا إلى الولايات المتحدة، والبالغة 39% — أعلى نسبة في أوروبا. محاولات سابقة قامت بها رئيسة الدولة السويسرية كارين كيلر سوتّر لإقناع ترامب بوقف هذه الرسوم اصطدمت بصمت، لكن مبادرة خاصة قادها رجال أعمال يبدو أنها أحرزت اختراقاً.
زار كبار الصناعيين السويسريون المكتب البيضاوي في الرابع من نوفمبر حاملين هدايا، بينها ساعة رولكس ذهبية وسبائك ذهب محفورة خصيصاً من شركة تكرير الذهب السويسرية MKS. منذ شهور تسعى سويسرا لخفض هذه النسبة المرتفعة التي ألقت بظلالها على اقتصادها.
قال ترامب عن محاولة رئيسة سويسرا إنه «كانت امرأة لطيفة، لكنها لم تكن راغبة في الاستماع». غير أن المبادرة الخاصة التي قام بها رجال الأعمال الأسبوع الماضي اتبعت نهجاً أقل تقليدية، وعلى ما يبدو أثمرت. أعلن الرئيس هذا الأسبوع أن هناك عملاً جارياً على صفقة لتخفيض التعريفات «قليلاً… لم أحدد رقماً بعد».
ثم صدر عن الصناعيين السويسريين بعد المحادثات بيان يؤكد أن «كامل مبادرتنا نُفِّذت بروح الوحدة السويسرية بين القطاعين العام والخاص». بعض رجال الأعمال، لا سيما العاملين في قطاع السلع الفاخرة والذهب والسلع الأولية، كانوا لهم بالفعل اتصالات في محيط ترامب.
في سبتمبر أمضى ترامب وقتاً في صندوق كبار الشخصيات الخاص برولكس خلال نهائي بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس، بدعوة من المدير التنفيذي لشركة الساعات السويسرية جان فريديريك دوفور. وفي المكتب البيضاوي التقى دوفور ترامب مرة أخرى الأسبوع الماضي برفقة قادة أعمال آخرين، منهم يوهان روبرت من مجموعة ريشمونت ومروان شقراشي ممثلاً لشركة MKS.
أصبح من المألوف في العصر الراهن أن يتولى من يزور المكتب البيضاوي مرافقته بهدية؛ فقد أحضر رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر دعوة من الملك تشارلز لزيارة دولة فاخرة، فيما أهدى المستشار الألماني فريدريش ميرز نسخة مؤطرة من شهادة ميلاد جد ترامب الألماني. طلبت وسائل الإعلام تأكيداً من الشركتين السويسريتين المعنيتين بشأن الهدايا فكان الرد «لا تعليق» من رولكس وMKS.
وبعد أيام من اللقاء ظهرت صورة للساعة المكتبية من طراز «داتجست» من رولكس على مكتب ترامب في المكتب البيضاوي — قطعة نقدية للمقتنين تقدر قيمتها بعشرات الآلاف من الدولارات. أكدت مصادر في البيت الأبيض أن العنصرين قُدِّما للرئيس.
يتلقى رئيس الولايات المتحدة آلاف الهدايا سنوياً، وتصبح تلك الهدايا بعد ذلك ملكاً للحكومة الأميركية وتودَع في السجلات الوطنية وتُسجَّل سنوياً لدى وزارة الخارجية، ثم تُنقل في نهاية المطاف إلى مكتبة رئاسية. يمكن للرؤساء الاحتفاظ ببعض الهدايا إذا دفعوا الضرائب الفيدرالية المستحقة عليها ما لم تكن هدية من قريب قريب جداً.
في عام 1969 رفض الرئيس ريتشارد نيكسون بلطف هدية ساعة أوميغا سويسرية إحياءً لهبوط القمر. أما الآن، فموقف ترامب من سويسرا يبدو أنه يلين؛ فقد أخبر الصحافيين أنه يعمل على «أمر يساعد سويسرا».
يأمل وزير الاقتصاد السويسري غي بارميلين والمفاوضة التجارية الأولى هيلين بودليجر آرتيدا اللذان سافرا إلى واشنطن الأربعاء أكثر مما كانوا يأملون منذ شهور، مع تسرّب معلومات تشير إلى إمكانية خفض نسبة 39% إلى 15% — وهو ما تتقاضاه دول الجوار السويسرية داخل الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل تُطرح وعود من عمالقة الصناعات الدوائية السويسرية لبناء مصانع إنتاجية إضافية في الولايات المتحدة، ويُناقش أيضاً احتمال تغيير شركة الطيران السويسرية الدولية وجهتها نحو شراء طائرات بوينغ بدلاً من استناد أسطولها أساساً إلى إيرباص.
لكن هل يكفي ذلك؟ الصناعة السويسرية تترقب بقلق؛ فالرسوم بدأت تلد آثاراً خطيرة، وتحذر عدة شركات سويسرية من أنها قد تضطر إلى إقرار جداول للتوقف عن العمل المؤقت إذا لم يحدث تغيير.
ولدى السويسريين ورقة نفوذ إضافية يمكنهم اللجوء إليها: رئيس الفيفا والمواطن السويسري جياني إنفانتينو، الذي تربطه علاقة صداقة طويلة مع ترامب، وقد دُعي من قبل بعض البرلمانيين السويسريين للتدخل لتغيير موقف الرئيس. كجزء من التحضيرات لكأس العالم المقبلة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك زار إنفانتينو المكتب البيضاوي في أغسطس حاملاً الكأس، وسلّمه لترامب أمام الكاميرات قائلاً إنه «فائز». رد الرئيس مازحاً بسؤال «هل لي أن أحتفظ به؟ إنها قطعة ذهب جميلة».
أعلن إنفانتينو كذلك عن جائزة عالمية جديدة للسلام من الفيفا، سيُكشف عنها في واشنطن في الخامس من ديسمبر. ولا تزال كل الاحتمالات مفتوحة بشأن من قد يكون المستفيد منها.