شرح مبسَّط لأربعةِ عواملٍ حاسِمةٍ في التعلّمِ المتوازنِ

نظرة عامة:
يتناول هذا المقال كيف يعتمد التعلم الحقيقي على توازن أربعة قوى محورية — الأبــاء، المدرسة، المجتمع، والذات — ولماذا يزدهر الطلاب حين تتكامل هذه القوى وتعمل معًا بانسجام.

الاباء
الأبناء يتعلّمون أولًا من أسرهم؛ فالأسرة ترسم خريطة النمو وتؤسس لعادات التفكير والسلوك. مع ذلك، تحوّل جزء كبير من هذه المسؤولية في العقود الأخيرة إلى محترفين ومؤسسات خارجية. حيث كانت الجدّات والأعمام والجيران يشاركون في تربية الأطفال، صار الاعتماد الآن على خدمات مأجورة وبرامج مدرسية، في حين أن الإنفاق المالي لا يضمن دائمًا نتائج دائمة. كالشجرة التي تحتاج جذورًا قوية ورعاية مستمرة لتنمو في اتّجاه سليم، يحتاج الطفل إلى بيئة أسرية متواصلة الحضور والدعم لتتبلور قدراته.

المدرسة
المدارس في تغيّر مستمر كي تواكب متطلبات مجتمع يتبدّل بسرعة. مع تعقّد العالم وتغلغل التكنولوجيا في كل جانب من الحياة، مطلوب من المدارس أن تعيد التفكير في غايتها، وأن تعيد صياغة دورها حول ما يعنيه أن تكون إنسانًا متعاطفًا وفضوليًا. في ظل تقلّص الدعم الحكومي، أُجبرت بعض المدارس على العمل بأسلوب أقرب إلى المؤسسات التجارية. كما استجابةً لرغبة الأسر في الراحة والملاءمة، تكيّفت المدارس أحيانًا لتصبح أكثر ملاءمة مما ينبغي، مما قد يضعف فرص مواجهة الطلاب للتحديات وتنمية المرونة. عندها تختزل المدرسة دورها إلى تقديم مناهج وجداول زمنية بدل أن تكون مضمارًا متغيّرًا يبني مهارات التجربة، الخطأ، والتعلّم من الفشل.

المجتمع
المجتمع كان دائمًا صفًّا ممتدًا للتعلّم؛ الأصدقاء، الجيران، المؤسسات الدينية والنقابية كانت كلها ساحات لصقل الشخصية وصناعة الخبرة الاجتماعية. في الماضي علّمت مجموعات مثل الكشافة، والنوادي المدرسية، والجمعيات التطوعية، القيم القيادية ومهارات التواصل العملي والتعايش مع اختلافات الآخرين. اليوم تضاءَت هذه المساحات أو اختفت، ما أضعف فرص الأطفال للالتقاء بأنماط متعددة من الناس واكتساب مهارات التكيّف والتعاون في بيئات متنوعة. الشبكات الاجتماعية الحقيقية التي كانت تهيئ للصحة النفسية وتكشف المشكلات مبكرًا تبدو أندر الآن، والاستبدال بعلاقات محدودة أو لقاءات مدفوعة الأجر لا يعوّض عن تجارب التفاعل اليومية الحقيقية.

يقرأ  صورة لصاروخ كوري شمالي تُنسب زورًا إلى النزاع بين أفغانستان–باكستان

الذات
التحفّز الذاتي والفضول يمثلان محركي التعلم. الموارد متاحة الآن أكثر من أي وقت مضى، لكن القدرة على انتهاز هذه الفرص تتطلب انضباطًا وذهنية ساعية. غياب بذور الفضول والاكتشاف الذاتي في الطفولة يؤدي إلى جيل يمرّّ من وظيفة إلى أخرى بلا جذر واضح، يفتقد إلى مسار تطلّعي طويل الأمد. القدرة على تحويل وقت التصفّح إلى فعل منتج، والمداومة على التعلم الذاتي، تميّز بين من ينجحون في استثمار الإمكانات المتاحة ومن لا يفلحون.

الخلاصة
الأبــاء والمدرسة والمجتمع والذات هي العجلات الأربع التي تدفع عجلة التعلم. قد ينجز الفرد شيئًا ما عندما يعمل طرف واحد أو اثنان بشكل جيد، لكن النمو الحقيقي ودوام النجاح يحدثان عندما تتكاتف الأربعة معًا في توازن. عندما يعترف الأهل بدورهم الحاسم، يصبح من الأسهل للمدارس والمجتمع والطفل نفسه أن يضيفوا ما يحتاجه مسار التعلم ليكون متينًا ومتنوعًا.

عن المؤلّف
الدكتور كاريرا، المعروف أيضًا باسم الدكتور ماريو، يدرّس مقرّرات إدارة الأعمال لطلاب البكالوريوس في جامعات تايلاندية منذ 2016. قبل ممارسته التدريس، أمضى نحو عشرين عامًا في قطاع النفط والغاز في ترينيداد وتوباغو، عمان، الإمارات العربية المتحدة، والكويت. درس في جامايكا (بكالوريوس)، والمملكة المتحدة (ماجستير إدارة أعمال)، والولايات المتحدة (دكتوراه في الإدارة)، وله منظور عالمي حيال التعلم والعمل. يهتم الدكتور ماريو بجعل التعليم عمليًا وقابلًا للتطبيق، ويؤمن بأهمية التعلم التأملي وتطوير مهارات الحوار وإشراك الآباء في مسيرة تعلم أبنائهم. يمكن الاطلاع على بعض كتاباته في وسائل إعلام منها Bangkok Post وTHE Campus ومنصات أخرى.

أضف تعليق