طقوسُ التذكّرِ اليومية في أوكرانيا تصمدُ أمامَ تكثّفِ الهجماتِ الروسية

كل صباح عند الساعة التاسعة، تتوقف كييف لدقيقة من الصمت والتذكّر.

تتحول إشارات المرور إلى اللون الأحمر، ويعلو من مكبرات الصوت إيقاع مِترونوم يعلن ستون ثانية مخصّصة للتامل. تتوقّف السيارات في منتصف الشارع وينزل السائقون ليقفوا منحنين الرؤوس في لحظة صمت جماعية.

في أنحاء أوكرانيا — في المقاهي والصالات الرياضية والمدارس وعلى الشاشات وحتى على خطوط المواجهة — يتوقف الناس لحظة لاستذكار الذين قضوا منذ بدء الغزو الروسي.

قرب نصب تذكاري متسع النطاق في ساحة الاستقلال بكييف، تجمع أربعة أصدقاء يحملون لافتات كرتونية مكتوب عليها: «توقّف. إجلال.» حولهم نُصِبت أعلام وصور وشموع لتشكّل فسيفساء كثيفة من الحزن والاعتزاز.

أولئك الأربعة توحّدت رُبطتهم بذكرى ايرينا تسِيبوخ، ممرّضة ميدانية تبلغ من العمر 25 سنة قُتلت بانفجار لغم في شرق البلاد العام الماضي. أثارت وفاتها موجة حزن وطنية ودفعت مبادرة التذكّر اليومية قدماً.

«الذاكرة ليست عن الموت»، تقول كاتيرينا داتسينكو، صديقة الفقيدة ومؤسسة مشاركة لمنظّمة مدنية تُدعى «فشانوي»، مشدّدة على أن الذاكرة تدور حول الحياة — ما أحبه الناس، ما قدّروا، وما أفكروا فيه. قد يحب أحدهم البستنة وآخر قصيدة مفضلة؛ هذا هو النوع من الذكريات الذي نسعى للحفاظ عليه.

بدأ طقس التاسعة صباحاً عام 2022، بعد أسابيع من بدء الغزو، بموجب مرسوم رئاسي من فولوديمير زيلينسكي، وتحوّل منذ ذلك الحين إلى ممارسة وطنية مشتركة.

تستمر مظاهر التضامن العامة رغم تكثيف الهجمات الروسية بالصواريخ والطائرات المسيّرة في الأسابيع الأخيرة، والتي استهدفت منشآت الكهرباء ومدناً عبر البلاد. ومع هذا التصعيد، لا يزال الأوكرانيون يتجمّعون كل صباح لتكريم من فقدوا في الحرب.

يقول إيغور ريفا، نائب رئيس إدارة كييف العسكرية، إن هذا الطقس يلبي حاجة اجتماعية وشخصية عميقة. «للحرب ثمن، وهذا الثمن فادح — أرواح بشرية»، يضيف. «تنفصل عن هموم اليوم وتكرّس تلك الدقيقة للتذكّر. أسميها — حفظ الوقت بوعي.»

يقرأ  رجل يخشى تعرُّض أسرته للخطر إثر تسريب بيانات في أفغانستان

قامت السلطات مؤخراً بمزامنة إشارات المرور في كييف لتتحول إلى الأحمر عند التاسعة صباحاً، حرصاً على أن تنضم العاصمة إلى وقفة البلاد الموحدة.

«أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً»، قال ريفا. «وبالتأكيد لن نتوقف عند هذا الحد.»

بالنسبة للناشطة ومساندة الحملة داريا كولومييتس، تبدو تلك اللحظة ذات طابع جماعي وشخصي في آنٍ واحد. «نستيقظ كل يوم — أحياناً بقلّة نوم بسبب الهجمات — لكن كل صباح عند التاسعة نجتمع لنتذكّر لماذا ما زلنا هنا ولمن نَحْنُ ممتنون»، تقول. «أنت لست وحيداً في هذا الحزن؛ ثمّة طاقة تتبادل بيننا في تلك اللحظة.»

تابع تغطية وكالة الأنباء الأسوشييتد برس للحرب في أوكرانيا للمزيد.

أضف تعليق