قمة منظمة شنغهاي للتعاون تجتذب أكثر من عشرين زعيماً عالمياً، من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، ما يجعلها الآن أكبر تكتل إقليمي من حيث عدد السكان. القمة، المدعومة من بكين، تُعقد يومي الأحد والاثنين في مدينة تيانجين بشمال الصين، وتجمع طيفاً واسعاً من صانعي القرار من آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
تأسست المنظمة عام 2001 على يد الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، وتحولت خلال عقدين من التركيز على قضايا آسيا الوسطى إلى منبر يتناول شؤوناً ذات أبعاد عالمية. وباتت منظمة شنغهاي جزءاً مهماً من ما يسميه بعض المحللين «بنية الحوكمة الدولية الموازيه» التي تحاول بكين من خلالها توفير ساحات للحوار والتعاون خارج الإطار الدولي الذي تقوده واشنطن، بحسب إيريك أولاندر، رئيس تحرير مشروع الصين والجنوب العالمي.
على الرغم من الطابع الرمزي للقمة في تيانجين، فإنها تمثل فرصة ثمينة لالتقاء قادة وكبار موظفي الأجهزة الإدارية لمناقشة «مظالم مشتركة» وتنسيق مواقف، لا سيما في ظل سياسات الحماية التجارية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتأثيرها العابر للحدود. هذا السياق يجعل المشتركات بين الحضور أكثر وضوحاً.
تمتد قائمة الضيوف من بوتين، المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب، إلى ألكسندر لوكاشينكو في بيلاروس، وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وفي الوقت نفسه، لا تغيب الخلافات التاريخية والحدودية بين بعض الأعضاء: الهند وباكستان، الهند والصين، السعودية وإيران، فضلاً عن توترات وسط آسيا مع كل من الصين وروسيا — عوامل تعقّد المشهد داخل القمة.
شهدت المنظمة في السنوات الأخيرة توسعاً في العضوية ليشمل قوى سياسية كبرى مثل الهند وباكستان وإيران وبيلاروس بصفة أعضاء كاملين، مع انضمام أفغانستان ومنغوليا كمراقبين. كما ازداد عدد «الشركاء في الحوار» ليشمل أربع عشرة دولة من بينها الإمارات والسعودية وتركيا وقطر وكمبوديا وميانمار وسريلانكا.
تحتل دول جنوب شرق آسيا موقعاً حساساً في المعادلة؛ إذ يشبّهها بعض المحللين بـ«الدول المتأرجحة» في الصراع الاستراتيجي بين بكين وواشنطن. سيحضر من المنطقة خمسة رؤساء، منهم أنور إبراهيم من ماليزيا وبرباوو سوبييانتو من إندونيسيا، إلى جانب أمين عام الآسيان كاو كيم هورن. وسيتركز الاهتمام على التفاعل بين الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء الهندي مودي، اللذين لم يلتقيا منذ نحو سبع سنوات، وفقاً لكلوس سونغ من معهد ميركاتور لدراسات الصين.
شهدت العلاقات الهندية–الأمريكية مؤخراً توتّراً إثر فرض إدارة ترامب رسوماً جمركية بنسبة 50٪ على سلع هندية، على خلفية شراء نيودلهي للنفط الروسي، وهي خطوة اعتبرتها واشنطن دعماً يسهم في إبقاء اقتصاد روسيا وأجهزتها المالية قادرتين على مواصلة الحرب في أوكرانيا. في المقابل، أدى تهديد الرسوم المشتركة إلى تقريب وجهات نظر نيودلهي وبكين نسبياً، بعد أن شهدت علاقتهما تدهوراً حاداً عام 2020 إثر مواجهة دموية على الحدود في الهيمالايا. على الرغم من التوصل إلى اتفاق حدودي جزئي في 2024، لا تزال العلاقة متوترة.
ترى بكين في حرب الرسوم التي يقودها ترامب فرصة لإبعاد الهند عن التحالفات السياسية والعسكرية التي تقودها الولايات المتحدة، مثل منتدى «الرباعية» الذي يضم اليابان وأستراليا والهند والولايات المتحدة. لذلك، فإن أي تغيير طفيف في لغة الخطاب بين بكين ونيودلهي سينظر إليه كمؤشر دبلوماسي بالغ الأهمية.
كما ستشهد القمة أول لقاء بين بوتين وشي منذ اجتماع بوتين مع ترامب في ألاسكا لمناقشة الحرب في أوكرانيا، وهو لقاء قد يحمل إشارات حول طبيعة العلاقة الصينية–الروسية بعد توقيع «شراكة بلا حدود» في 2022، ودور بكين في دعم الاقتصاد الروسي منذ بدء الحرب — نقطة حسّاسة بالنسبة لنيودلهي التي ترى تبايناً في المعاملة بين موسكو وبكين على مستوى العقوبات الغربية.
مع تعدد المحاور والرهانات خلف الكواليس، تبقى قمة تيانجين مناسبة لمراقبة تحولات دقيقة في سياسات القوى الكبرى وطبيعة التحالفات، إذ قد تُرسم هنا خطوط جديدة من التأثير والتقارب بعيداً عن الهيكلية الدولية التقليدية. يبدو أن النص المرسل فارغ. هل يمكنك إعادة إرساله لأقوم بإعادة صياغته وترجمته؟